معركة الجرود.. ذخائر أميركية ومفاوضات قائمة ونخبة ‘حزب الله’ للجانب السوري

اجتماع المجلس الأعلى للدفاع الذي بحث تحضيرات الجيش على الحدود الشرقية، وأعطى أوامره بتحرير الاراضي اللبنانية من داعش وترك التوقيت لقيادة الجيش وحدها؛ دلّ على اهمية الغطاء السياسي الممنوح للمؤسسة العسكرية في معركتها ضد الارهاب، كما على ضرورة الالتفاف حوله الجيش في هذه المرحلة الدقيقة، ووقف الاجتهادات والعراضات.
في الأثناء، سجلت جبهة جرود القاع، وفق “المستقبل”، تحرّشاً صاروخياً “داعشياً” طاول أطراف البلدة من دون أن يوقع أي خسائر مادية وبشرية، الأمر الذي قوبل برد عسكري لبناني حازم أخمد جيوب الإرهاب التي أطلقت منها مجموعات “داعش” صواريخ ترددت أنباء إعلامية وأمنية أنها من طراز “غراد”.
في المقابل، أكّد مصدر عسكري رفيع لـ”الجمهورية” أنّ “داعش” قصفت بالقذائف وليس بالصواريخ كما روّج البعض، وهذا يدلّ على أنها فقدت قوتها حتى ولو اقتربت بعض القذائف من مركز للجيش”. وشدّد على أن “لا خوف من ان يطاول القصف بلدة القاع، وأن تتكرر تجربة قصف الهرمل بالصواريخ، لأنّ التقارير الإستخبارية التي في حوزة الجيش تفيد أنّ “داعش” لا تملك صواريخ بعيدة المدى تصل الى القرى والتجمعات السكنية”، موضحاً أنّ “الجيش بات يملك كل المعطيات والإحداثيات عن مواقع وجود الارهابيين، وبالتالي فإنّ ما يحصل الآن هو “بروفا” وتحضير للمعركة”.
وأعلنت قيادة الجيش في بيان مساء أمس، ان وحداتها استهدفت براجمات الصواريخ والمدفعية مراكز تنظيم “داعش” الارهابي في جرود رأس بعلبك والقاع، وذلك بعد تعرض أطراف بلدة القاع لسقوط 8 قذائف مصدرها المجموعات الإرهابية في جرود البلدة.

ذخائر أميركية
وأشارت “الجمهورية” إلى طائرة شحن اميركية عسكرية حَطّت في قاعدة رياق العسكرية، وهي الثالثة في غضون الأيام العشرة الأخيرة. ولفتت إلى انّ هذه الطائرة نقلت الى الجيش اللبناني كميات كبيرة من الذخائر، ولا سيما منها الصواريخ، وأعتدة مختلفة تناسب العمليات العسكرية التي يخوضها الجيش في الجرود الشرقية”.
وأفاد مصدر عسكري للـ “الجمهورية”، أنّ “الأميركيين والبريطانيين يدعمون الجيش في معركته بالذخائر والمعدات وهذا أمر ثابت لا لبس فيه، وهم يقدّمون كل ما نحتاجه بسخاء، والأسلحة التي تصل تعتبر أساسية في المعركة”.
في المقابل، اعتبرت “الديار” أن هناك “بروداً” أميركياً لافتاً ازاء العملية العسكرية ضد “داعش” في الجرود، بعد ان كانت واشنطن “متحمسة” لقيام الجيش اللبناني بالعملية العسكرية في “اقرب وقت ممكن”، حيث افادت مصادر دبلوماسية في بيروت “الديار” ان الجانب الاميركي اكتشف ان الاستثمار السياسي في العملية ليس على القدر المأمول منه، خصوصا بعد دخول حزب الله والجيش السوري شريكين واقعيين في حسم المواجهة بفعل تداخل منطقة العمليات جغرافيا.

الأعلى للدفاع يطلق يد الجيش
وجاءت مقررات المجلس الأعلى للدفاع، بحسب “المستقبل”، لترسم بالخط الأحمر العريض معالم سيادية غير قابلة للتأويل والتحليل في هذه المعركة”، إذ رأت أن “لبنان ملتزم بحكومته وجيشه ومؤسساته الشرعية تحرير أراضيه المحتلة من الإرهاب بالتوازي مع التزامه “التحالف الدولي ضد الإرهاب” كما أكد كل من رئيسي الجمهورية العماد ميشال عون ومجلس الوزراء سعد الحريري في مستهل اجتماع المجلس في قصر بعبدا.
ونقلت مصادر “المستقبل” أن الإجتماع سجّل “تأكيداً من قبل الجميع على مسؤولية الجيش اللبناني في مهمة تحرير الجرود المحتلة عند السلسلة الشرقية الحدودية مع سوريا”، وسط تشديد من رئيس الحكومة وتأييد من رئيس الجمهورية على كونها مهمة وطنية يقع تنفيذها على عاتق الجيش اللبناني فقط من دون تدخّل أو تداخل على أرض المعركة لا من قبل “حزب الله” ولا من جانب جيش النظام السوري..
ووصَفت مصادر وزارية شارَكت في هذا الاجتماع، لـ”الجمهورية”، البحثَ بأنّه “كان عميقاً ومسؤولاً وطرحت خلاله ملفّات شديدة الحساسية تتطلّب مقاربةً دقيقة وعميقة يُتوخّى منها الوصول الى النتائج المرجوّة في ترسيخ الأمن اللبناني عموماً”. وذكرَت هذه المصادر “أنّ منطقة الجرود بشقَّيها جرى تقويمُها بالتفصيل وفق تقارير حول ما جرى وما قد يَجري في جرود منطقة رأس بعلبك، وكان هناك ارتياح شامل إلى طردِ “جبهة النصرة” من جرود عرسال وتقويم جدّي لدور الجيش اللبناني في تلك المنطقة”، إلّا أنّ المصادر لفتت الى أنّ أفكاراً عدة طرِحت للنقاش خلال الاجتماع ومِن ضمنِها ضرورة التنسيق اللبناني ـ السوري.
في المقابل، علمت “الحياة” من مصادر وزارية أن الاجتماع اتسم بتناغم سياسي بين عون والحريري الذي جدّد رفض الحكومة كل أشكال الشراكة أو التنسيق مع القوات النظامية في سورية أو مع أي طرف آخر، في إشارة إلى “حزب الله”. ونقلت المصادر عن الحريري قوله، إن لا ضرورة للتنسيق أو للشراكة مع النظام في سورية لضرب “داعش” لأن هذا النظام هو من أحضره إلى الجرود وقد يحاول أن يحشره في المنطقة التي يتواجد فيها، لدفعه للجوء إلى الجرود اللبنانية.

بين المعركة والتفاوض!
وتساءلت “اللواء”: “هل يمكن القول ان خيار التفاوض مع تنظيم “داعش” تقدّم على خيار المعركة، للقضاء على هذا التنظيم في أماكن تواجد مسلحيه في جرود القاع ورأس بعلبك، أم ان السيناريو الذي اتبعه “حزب الله” مع جبهة “النصرة” في جرود عرسال وفليطة السورية، مرشّح لأن يتكرر مع “داعش”، بمعنى ان المعركة لا بدّ منها لدفعه الى القبول بالاستسلام، وبالتالي فتح مفاوضات معه، لتأمين ممرات آمنة للانسحاب من جرود القاع ورأس بعلبك؟
وأفادت معلومات “اللواء” أن اللواء عباس إبراهيم عرض للاتصالات التي أجراها في الخارج لفتح قناة تفاوض جدية مع “داعش”، مؤكداً ان إمكانية التفاوض ليست معدومة، لكنه لفت إلى ان العقدة تكمن في صعوبة الوجهة التي يمكن ان يغادر إليها مسلحو التنظيم، إضافة إلى الشرط الذي يتمسك به المفاوض اللبناني، وهو معرفة مصير العسكريين التسعة المحتجزين لدى “داعش” منذ الثاني من آب 2014، وهو الشرط الذي كرره قائد الجيش العماد عون امام مجلس الدفاع، موضحاً انه ارجأ زيارته المقررة لواشنطن في 12 آب الحالي، وأن الجانب الأميركي تفهم أسباب هذا التأجيل.
وخلصت “اللواء” إلى أن المفاوضات على انسحاب “داعش” سلماً من الجرود، ومن ضمنها الكشف عن مصير الأسرى العسكريين قائمة “على السخن”، بمعنى أن عمليات قضم التلال المشرفة على مواقع “داعش” والتي لجأ إليها الجيش في الأيام الأخيرة، بالاضافة إلى القصف المدفعي والصاروخي الذي عنف في اليومين الماضيين، كان من ضمن استراتيجية المواجهة العسكرية، وأن الهدوء الذي شهدته جبهة الجرود أمس، ربما كان بمثابة الفرصة الأخيرة امام التنظيم للتسليم، اما باستمرار المواجهة في الميدان، أو الرضوخ لشروط الانسحاب بالتفاوض خصوصاً وأن الجيش جهز كل مقتضيات المعركة.

“حزب الله” في الجانب السوري
في المقابل، أشارت معلومات “اللواء”، إلى أن حزب الله، انهى إستعداداته الميدانية واللوجستية للمعركة، ونقل قوات من النخبة، خصوصاً من فرقة التدخل إلى جرود قارة والجراجير السورية، حيث سيخوض إلى جانب الجيش السوري المعركة مع “داعش”.
ولفتت “اللواء” إلى ان وزير الشباب والرياضة محمد فنيش ذكر “بأن الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله كان واضحاً في خطابه الاخير لجهة تأكيده جهوزية المقاومة والجيش السوري من الحدود السورية لمساندة الجيش اللبناني في معركته ضد “داعش”، موضحاً “ان الجيش السوري اتّخذ قراراً بالتخلّص من “الجيوب” التي يتمركّز فيها الارهابيون ضمن الاراضي السورية في جرود السلسة الشرقية، وهذا الامر يحتاج الى “التنسيق الميداني” لتحقيق الاهداف المشتركة سورياً ولبنانياً”. وقال “كل الدعم (السياسي والشعبي) للجيش في تحرير جرود الرأس والقاع من الارهابيين، وتوقيت بدء المعركة بيده حصراً، ولا عوائق امامه للقيام بدوره. المقاومة مع الجيش سياسياً وميدانياً وبحسب ما تريد قيادة الجيش”، واعتبر “ان الجيش ادرى بفتح قنوات التنسيق مع الجيش السوري، لكن لا يجوز ان نضع امام مهامه العسكرية عوائق سياسية”.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى