اتهام الحريري بالدلع… يمهّد لحكومة اللون الواحد؟
حتى الأمس القريب، كان الثنائي الشيعي لا يزال متمسكا بعودة الرئيس سعد الحريري الى رئاسة الحكومة العتيدة. غير ان التطورات الميدانية والسياسية التي سُجّلت على مدى اليومين الماضيين، أوحت وكأن الطرفين، ما عادا مصرّين على موقفهما هذا.
فرئيس مجلس النواب نبيه بري الذي كان أعلن انه “سيخاصم الحريري مدى الحياة” اذا لم يقبل بالتكليف مجددا، تبدّل تموضُعه الى درجة الانقلاب التام، اذا جاز القول، منذ ان قاطعت “كتلة المستقبل” جلسة انتخاب اللجان والتشريع منذ 10 ايام. وفي وقت نُقل عنه ان “المهمّ التأليف لا اسم المكلَّف”، لم يتردد “الاستيذ”، شخصيا،
في تصويب سهامه على رئيس “التيار الازرق”، من بوابة حكومة تصريف الاعمال “المستقيلة من واجباتها في هذه الظروف الدقيقة”، وفق ما قال امس في لقاء الاربعاء، في كلام يدل بوضوح الى تردّي العلاقات بين عين التينة وبيت الوسط، والى “حرد” سيّد المجلس من الحريري. حزب الله، بدوره، بدا على الموجة نفسها. فعبر قناة “المنار” الناطقة باسمه، حمّل الحريري امس مسؤولية تعطيل انعقاد حكومة تصريف الأعمال، بعد ان اتّهمته اوساط الضاحية على مر الاسابيع الماضية بممارسة الدلع السياسي”.
في موازاة ذلك، عملت اوساط “الثنائي” على تعميم معلومات تُظهِر مدى التنازلات التي ارتضى تقديمها لتسهيل طريق الحريري الى رئاسة السلطة الثالثة من جديد، ومنها القبول بصيغة “حكومة من 20 وزيراً بينها فقط ستة سياسيين ضمنهم الحريري ويكونون وزراء دولة في مقابل 14 وزيراً تكنوقراط يحملون الحقائب”، وفق ما كشف بري لزواره، ليختم “أمل” و”حزب الله” قدّما فعلاً لبن العصفور للحريري”.
وبحسب ما تقول مصادر سياسية مراقبة لـ”المركزية”، فإن بيان “ليس انا، بل احد آخر لتشكيل الحكومة” الذي رماه الحريري في وجه اهل السلطة كلّهم، الثلثاء، فاقم غضبةَ الحزب والحركة على الرئيس المستقيل، خاصة وان رهانهما كان على ان تراجع الاخير عن تصلّبه، امام الفوضى التي حصلت في الشارع نهاية الاسبوع والتي تولاها مناصرو التيار الوطني الحر والثنائي الشيعي. الا ان نتائجها أتت عكسية، فقرر الحريري ازاء هذه الضغوط، الانسحاب تماما، واضعا من حاولوا محاصرته في “بيت اليك”.
امام هذه الخطوة المفاجئة، طلب الحزب والحركة من بعبدا التريث في الدعوة الى الاستشارات الملزمة التي كانت الاخيرة ترغب في حصولها اليوم. فهكذا كان.
وبعد ان كان الفريق “الثلاثي” حمّل الرئيس الحريري مسؤولية حرق الاسماء التي طُرحت تباعا لتولي رئاسة الحكومة، من محمد الصفدي الى بهيج طبارة، واصل الحزب والحركة والتيار حملتهم هذه، اليوم، ملمّحين الى ان “الحريري حرق المرشح سمير الخطيب”، من خلال قولهم عبر مصادر مقربة منهم، ان “اسم الاخير سقط بعدما التقاه الرئيس الحريري سريعاً مساء امس من دون ان يصدر عنه أي موقف او ردة فعل”…
ومع ان القاصي والداني بات يعرف موقف “المستقبل” من شكل الحكومة وطبيعتها، حاول “الثلاثي” امس اللعب على “حبل” إقناع “الأزرق” بالمشاركة في الحكومة “سياسيا”، ولو لم يكن الحريري رئيسا لها، الا انه اصطدم برفض بيت الوسط، المتمسك بحكومة تكنوقراط لا وجود لسياسيين فيها”.
ازاء هذه المعطيات، تضيف المصادر، يبدو أن بعبدا وعين التينة والضاحية، تحاول تظهير انها “فعلت كل ما يلزم وأكثر” لإدخال “المستقبل” الى الحكومة الا انه رفض”، في خطوة تمهيدية، تُعدّ ربما لتوجّهها نحو حكومة من “لون واحد” في قابل الايام.. وتبقى معرفة كيف سيتلقّفها الثوار والمجتمع الدولي ودول سيدر…
المصدر : وكالة الأنباء المركزية