فجوة تحرير الليرة بخطة الحكومة.. الدولار بـ3500 ثم بـ4297

كتب محمد وهبة في صحيفة “الأخبار” تحت عنوان ” خطّة الحكومة: خارج هموم الناس”: “في بنية خطّة الحكومة لـ”التعافي”، ثمّة ما يوحي بأنها تسعى إلى إعادة إحياء النموذج السابق نفسه الذي أوصلنا إلى الحالة الراهنة، أي أن يكون الاقتصاد في خدمة رأس المال وليس العكس كما يُفترض.

هي أقرب لتكون تقييماً للخسائر، بدلاً من تكريس رؤية اقتصادية للنموذج البديل. فالنموذح الحالي، المنهار، أبقى الاقتصاد رهينة أكثر من عقدين، لخدمة التدفقات المالية بالعملات الأجنبية. كان يعمل على استقطاب هذه العملات من الخارج عبر رفع أسعار الفائدة، ويستعمل حصيلة الدولارات الآتية من أجل تمويل الاستهلاك في إطار الدفاع عن تثبيت سعر صرف الليرة مقابل الدولار. تباينت الاستفادة من التدفقات وتضخّمت الهوة الناتجة من سوء توزيعها. بعبارة أوضح: القلّة استفادت وراكمت الثروات على حساب الأكثرية التي راكمت الفقر.

فجوة تحرير الليرة
أهمّ فجوة في الخطّة، أنها تعاملت مع مسألة تثبيت سعر صرف الليرة مقابل الدولار بخفّة ظاهرة. قبل يوم واحد من إقرارها في مجلس الوزراء، بُنيت حسابات الخطّة على تحرير سعر الصرف ليبلغ 3500 ليرة مقابل الدولار، ثم تخلّت عن هذه الخطوة تاركة عبارة متناقضة مع الواقع: “الحكومة تعتزم الانتقال إلى سعر صرف مرن”، مشيرة إلى أنه سيبلغ 4297 ليرة مقابل الدولار في 2024.

يثير هذا الأمر تساؤلات عن قدرة الحكومة على توحيد أسعار الصرف المتداولة في السوق الموازية وفي السوق النظامية، فضلاً عن أنه “ليس واضحاً ما ستكون عليه الأمور في حال عدم تنفيذ الإصلاحات المعلنة في الخطة”، بحسب الوزير السابق سمير المقدسي.

برأيه إن “آلية تحديد سعر الصرف على 3500 ليرة والخفض السنوي بمعدل 5%، ثم التراجع عن الأمر يترك مجالاً كبيراً للإرباك، ويفتح المجال أمام توقعات غير محسوبة، وخصوصاً أن احتساب الخسائر على سعر الصرف النظامي الحالي يختلف كثيراً عن احتسابها بعد خفض قيمة الليرة”.

هذا يعني أن سياسة سعر الصرف التي ستتبع غير واضحة. هذا الأمر ناجم عن قصور الرؤية الاقتصادية وتمسّك الخطّة بالأبعاد المحاسبية للخسائر وتوزيعها فقط. فأيّ مستوى لسعر الصرف يجب أن يعكس القيمة الفعلية للتبادلات السلعية والخدماتية بين لبنان والخارج، وبالتالي يعكس سياسة واضحة تجاه الاستيراد والتصدير بمعنى الإنتاج والاستهلاك.

وعلى سبيل المثال، إن تقييد الاستيراد بأي شكل من الأشكال، سواء لدعم سلع معينة، أو رفع الرسوم الجمركية عن سلع أخرى أو فرض رسوم أخرى على السلع والخدمات المستوردة… سينعكس مباشرة على سعر الصرف العائم أو المحرّر. لذا، فإن الاتجاه الذي تعتزم الحكومة سلوكه اقتصادياً يحدّد نياتها تجاه سعر الصرف والنتائج المترتبة على السياسات النقدية والمالية، مثل التضخّم والبطالة والفقر وسواها.

على أبواب التضخّم المفرط
ثمة من يقول أيضاً إن شطب كل الخسائر دفعة واحدة أمر غير منطقي في ظل تضخّم بمعدل 53% في 2020 و23.3% في السنة التالية لينخفض بعدها إلى 6.6%، وصولاً إلى 6.2% في 2024. فهذا التضخّم سيأكل حتماً من الخسائر، وسيؤدي إلى تآكل قيمة المداخيل بالليرة، وسيكون له مفاعيل أوسع في الاقتصاد وربما يتحوّل إلى تضخّم مفرط غير قابل للسيطرة…

وبالتوازي سيتقلّص الناتج المحلي الإجمالي من 49 مليار دولار في 2019 إلى 26 ملياراً في 2020، ما يعني أن الناتج الفردي سيتقلص من 8 آلاف دولار سنوياً إلى 4300 دولار سنوياً.

غير أن الخطّة تلحظ عودة النمو في 2022 بشكل مفاجئ “وذلك عبر الرهان على النشاط السياحي. يمكنهم أن يراهنوا بمقدار ما يشاؤون، لكن هذا الرهان ليس واقعياً”، بحسب الوزير السابق جورج قرم”.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى