لماذا جمّد قائد الجيش المرحلة الرابعة من عملية فجر الجرود؟

ورد في صحيفة “الاخبار” أنه عندما أبلغت قيادة الجبهة قائد الجيش العماد جوزف عون بإنجاز المراحل الاولى التمهيدية، وأن القرار بالحسم يفترض حسابات من نوع مختلف، سارع العماد عون الى التشاور مع ضباطه، وانتهى الى قرار وقف العمليات الهجومية. وهو ما دفعه الى زيارة القصر الجمهوري وإبلاغ الرئيس ميشال عون أن قيادة الجيش تحتاج الى وقت لمراجعة الموقف. وبعد عودته الى اليرزة، قال قائد الجيش أمام كبار الضباط إن تأخير العملية الحاسمة سيكون لمدة 36 ساعة فقط، وسيصار الى إطلاق المعركة صباح الخميس. لكن مساء الاربعاء، عاد وقرر تأجيلها الى صباح الجمعة، ثم عاد وأجّلها من دون تحديد موعد جديد لها.

لماذا فعل ذلك؟

صحيح أن الجيش لم يخض معركة قاسية بهذا الحجم من قبل، ما يفترض به التعامل بهدوء وروية، وعدم الاستعجال. وهو أمر ترافق مع الحاجة الى منح القوات الهجومية بعض الوقت للراحة، ومن ثم إفساح المجال أمام تثبيت النقاط والمواقع التي تم تحريرها، والعمل على إزالة الألغام والعبوات الناسفة المزروعة في المنطقة، ثم نقل قوات الاستطلاع وبعض الآليات والعتاد الى نقاط جديدة. لكنها عملية لا تحتاج الى أكثر من 48 ساعة، كما تدل تجربة القتال في سوريا.

لكن الجيش يعرف أن المسلحين تراجعوا ليتمركزوا في بقعة تمتد على نحو عشرين كيلومتراً مربعاً. وهي منطقة متاخمة للحدود السورية، وفيها خصوصية جغرافية تتطلب التعامل مع المسلحين حيث يتحركون، أي خط تنقلهم بين جانبي الحدود. وهو أمر يوجب مستوى جديداً من التنسيق مع المقاومة ومع الجيش السوري. أما تجاهل الامر والسير في المعركة نحو عمل من جانب واحد، فقد يؤدي الى نتائج عكسية، في حال لم يتمكن الجانب السوري من تضييق الخناق أكثر. هذا إضافة الى أن كل المعطيات لدى استخبارات الجيش تشير الى وجود نحو 250 مسلحاً مع عائلاتهم في المنطقة اللبنانية، وأن عملية قاسية وقصفاً عنيفاً قد يؤديان الى سقوط ضحايا بين المدنيين، وهو أمر لا يريده الجيش اللبناني، بعكس الاميركيين الذين يصرّون على الحسم السريع، وهم لا يهتمون بمصير أيّ مدنيين، كما يفعلون الآن في العراق وفي سوريا.

المعضلة الأخرى في هذه النقطة، أنه فيما لو استمر الجيش في موقفه المجمد للعملية الهجومية الأخرى، بينما تواصل المقاومة والجيش السوري معركتهما في المنطقة المقابلة، كيف سيكون الموقف في حال أنجز السوريون بدعم من المقاومة تطهير كل الجرود السورية؟ كيف سيتصرف الجيش في حال تجمع كل من بقي من المسلحين في الجانب اللبناني من الجرود؟ فماذا يفعل الجيش اللبناني بهم؟ هل يقود معركة إبادة تشملهم والمدنيين؟ هل هو مستعد لمواجهة حاسمة مع جسم سوف يتحول الى كتلة من الانتحاريين؟ أم أن بيده خيارات أخرى، مثل عقد صفقة لإبعاد المسلحين وكشف مصير العسكريين من دون الحاجة الى تنسيق مع دمشق؟ فهل تساعده الولايات المتحدة على نقلهم الى الرقة ودير الزور عن طريق تركيا أو السعودية أو الاردن، وبالتالي يحقق الجيش هدفه من دون الحاجة الى تنسيق مباشر مع الحكومة السورية؟… وهنا، ربما يحتاج الجيش الى دعم خاص من تيار «المستقبل» وحزب «القوات اللبنانية» لمساعدته ليس عسكرياً، بل في معالجة ملف المسلحين، وبالتالي كشف مصير العسكريين.

(الأخبار)

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى