الحريري يقلب المعادلة .. هل تستمر حكومة تصريف الأعمال حتى نهاية العهد ؟!

من الواضح انّ الحريري وضع عون أمام أمر واقع جديد: إمّا استمرار حكومة تصريف الأعمال حتى نهاية العهد، وإمّا التعاون معه لتشكيل الحكومة، وكل محاولات الإحراج للإخراج لن تجدي معه نفعاً، وهو يستند إلى تكليف دستوري، ويرتكز إلى حَيثية تمثيلية، واضعاً الكرة في ملعب العهد بين ان يختار استمرار تصريف الأعمال، ما يعني استمرار انزلاق الوضع المالي والاقتصادي والمعيشي إلى الأسوأ، لأنه في ظل تصريف الأعمال يستحيل وضع الخطط الإصلاحية المطلوبة لاستجلاب المساعدات الدولية، وبين أن يتعاون معه لتأليف حكومة تكون قادرة على مواجهة تحديات المرحلة.

وتمسّك الحريري بتكليفه يفسِّر بوضوح الهدف الذي يعمل عليه مُراهناً على انّ العهد، الذي يواجه أزمة مالية غير مسبوقة وعاصفة شعبية ولَو مَضبوطة وحصاراً خارجياً واسعاً، سيضطر في نهاية المطاف إلى وضع الماء في نبيذه والتعاون معه، ولو مُجبراً ومضطراً، لتأليف حكومة، لا سيما انّ العهد اليوم هو في الواجهة ويتعرّض للضغوط على أنواعها.

ويصطدم العهد، ليس فقط بعدم قدرته على دفع الحريري إلى الاعتذار، إنما يصطدم أيضاً بعدم استعداد «حزب الله» لقيادة المواجهة معه ضد الحريري، ما يعني انّ مواجهته من دون أفق، لأنّ ايّ مواجهة يقودها منفرداً من دون الحزب لا تحقق النتيجة التي يريدها العهد.
ولا يكتفي الحريري بالتمسّك بتكليفه ووَضع العهد أمام أمر واقع، إنما يعمل بالتوازي على تطويق العهد وممارسة الضغوط عليه من باب استقالته أو إسقاطه. وفي هذا السياق يندرج الكلام عن جبهة تجمع رؤساء الحكومات ورئيس «الحزب التقدمي الإشتراكي» وليد جنبلاط، الأمر الذي يضع العهد أمام معركتين: معركة الحكومة العتيدة وشروط الحريري في التأليف، ومعركة مواجهة إسقاطه.

ولا شك انّ الحريري، ومَن معه، يدرك أنه إذا كان دَفعه إلى الاعتذار مُتعذّراً، فإنّ الدفع باتجاه إسقاط عون متعذّر بدوره، ليس فقط لاعتبارات دستورية وعملية، إنما أيضاً كون «حزب الله»، الذي يؤيّد رئاسته للحكومة، يؤيّد في المقابل استمرار عون في موقعه الرئاسي. وبالتالي، لا أفق لأيّ تحرك يرمي إلى إسقاط عون سوى من باب زيادة الضغوط السياسية عليه، لا سيما انّ الرئيس نبيه بري لن يغرِّد بعيداً في مسألة يعتبرها الحزب استراتيجية، ولا يبدو أيضاً انّ جنبلاط في وارد قطع الجسور مع الثنائي الشيعي، ما يعني أن لا أفق لهذا التحرك او هذه الجبهة خارج إطار الضغط السياسي لتسريع تأليف الحكومة، فتكون جبهة مُساندة للحريري في التأليف لا أكثر ولا أقل.

المصدر : الجمهورية

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى