الحريري الباريسي.. ماذا سيفعل؟

مع وصول الرئيس سعد الحريري إلى فرنسا، تكون الازمة السياسة في لبنان قد فتحت على باب جديد. سيخرج اللبنانيون من نقاش وضع الحريري إذا ما كان محتجزاً أم لا، وستتركز الأنظار على الخطوة التالية للحريري وما سيفعله. هل يصرّ على الاستقالة أم يتراجع عنها؟ هل يُعاد تكليفه تشكيل حكومة ولا يؤلف؟ ولكن، ماذا يكون تحقق سياسياً إذا ما حصلت هذه الخطوة؟ أصبحت الأزمة في مكان أعقد بكثير. والحريري نفسه لا يبدو قادراً على اتخاذ قرار نهائي بشأن ما سيفعله. كل خطوة سيتخذها، سيكون لها تداعيات ليست سهلة. لذلك يحاول أن يزين بميزان الجوهرجي أي موقف ستخذه.

لا شك أن الحريري لا يريد الدخول في مواجهة غير متكافئة مع حزب الله. يعتبر أنه غير قادر على ذلك، لأن موازين القوى في لبنان معروفة، وكذلك في المنطقة. ويخشى من أي تسوية مستقبلية بين السعودية وإيران، وحصول إتفاق على اليمن، وأن تحصل مقايضة ما بين اليمن ويسلّم لبنان لإيران. وحينها يكون قد تعرّض لضربة قاسمة، إذا ما اتخذ خيار المواجهة مع حزب الله. وهو حريص على أن لا تتكرر معه تداعيات تسوية السين سين، واضطراره بموجبها إلى زيارة سوريا.

من المفترض أن يخرج الحريري بموقف سياسي من فرنسا، وربما من الإيليزيه. ومن شأن هذا الموقف أن يوضح مسار المرحلة المقبلة. وهنا تختلف التقديرات في ما يخص كلامه. فهناك من يعتبر أنه سيتحدث بلهجة بيان الاستقالة التصعيدي، لإعادة تصويب البوصلة السياسية لفريقه. فيما البعض الآخر، يعتبر أنه سيتحدث بسقف منخفض، ينسجم مع الواقعية السياسية التي تفرضها الوقائع على الأرض. لذلك، سيؤكد حرصه على استقرار لبنان، وعدم تحويله ساحة لتصفية الحسابات الدولية والإقليمية. وهنا كل المسائل تبقى معلّقة على عودته إلى لبنان، ولقائه مع رئيس الجمهورية ميشال عون ووضعه في أسباب استقالته وملابساتها، في مسعى منه لايجاد مخرج للأزمة، تحت شعار الالتزام بالنأي بالنفس. فيما تبدو السعودية ماضية في التصعيد. وهذا ما عبر عنه الوزير عادل الجبير مجدداً، حين كرر موقفه بضرورة نزع سلاح حزب الله.

الحريري في مأزق، ولذلك يحاول البحث عن شبكة أمان تحيط به وبالبلد في هذه المرحلة. وهو يراهن على بناء شبكة أمان دولية، تنطلق من الموقف الأوروبي وصولاً إلى الأمم المتحدة، لأن مظّلة الأمان العربية غير متوفرة حالياً في ظل التصعيد السعودي. وينتظر متغيرات دولية، تؤدي إلى التهدئة وإعادة ترسيخ مبدأ التسوية على قواعد توافق عليها الدول الكبرى. وهو ما يحاول بناءه إنطلاقاً من وجوده في فرنسا. وتشير معلومات متابعة إلى أنه سيجري جولة عربية، إلى مصر، الكويت، ودول أخرى، على الأرجح بعد مجيئه إلى لبنان، بهدف جمع عناصر قوة لشبكة الأمان.

إذا ما نجحت المساعي الأوروبية في رأب الصدع، وتخفيف التصعيد السعودي الإيراني في لبنان، يمكن الحديث عن إمكانية ترتيب تسوية جديدة، أو إعادة تصويب التسوية القائمة. أما في حال فشل هذه المساعي، فإن لبنان قد يكون أمام أزمة طويلة، مرتبطة بالتطورات الإقليمية. وتكشف مصادر متابعة أن مسار الأمور يرتبط بحقيقة الموقف الأميركي، وإذا ما كانت واشنطن تريد التهدئة بين السعودية وإيران أم تريد التصعيد. وتقول المصادر إن محاولات فرنسا حشد موقف دولي لوقف التصعيد، اصطدم بعدم ظهور رغبة أميركية في ذلك حتى الآن. وهذا ما تنقسم الآراء بشأنه، إذ يعتبر البعض أن واشنطن تريد التصعيد بوجه إيران وهي تدعم السعودية في ذلك، بهدف تغيير موازين القوى في المنطقة، وبعدها يحصل حوار. فيما يعتبر آخرون أن واشنطن لا تريد اتخاذ أي موقف كي لا تتأثر علاقتها بالسعودية، ولذلك تترك المجال مفتوحاً أمام المساعي الأوروبية.

المصدر : منير الربيع – المدن

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى