الوحدة العربية .. أقصر طريق للخلاص !!


بقلم: الصحافية فاطمة جواد بيضون

كل الأطروحات العقائدية، التي سادت في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي وما زال بعضها قيد التداول إلى اليوم بأشكال ومعان متفاوتة، زعمت أنّ الوحدة شرط لا بدّ منه لكسب المعركة مع العدو.
ومثل هذا الزعم يلزمه بحسب النخب التي تساند هذه الإيديولوجيا أو تلك، ثورة عميقة في الأصول والمفاهيم، وإجراءات تطال كل شيء فينا نحن العرب .
إن الماضي يحكي تاريخ العرب جيدا من خلال تقسيمهم لأمة عربية وأخرى إسلامية استشرى فيهما مختلف أشكال التمزق والانقسام وانعدام الوعي بالاتجاه والمصير. المناخ السياسي ترك بصماته القاسية تفسّخاً بين الدول والشعوب والطوائف والمذاهب والأحزاب. حروب أهلية وعرقية وطبقية وحدودية. فقر وتخلّف وأمّية ومجاعات. تبعية وارتهان وخضوع وولاءات لدول استعمارية. نخر داخلي ضرب القدرة على التحليل السليم والخيال الفعال. عجز متواصل على اكتشاف منطق التاريخ في الأحداث التي تقع.
…أما الحاضر فهو شبيه الماضي أو أشدّ منه ضراوة. وبدلاً من الاقتراب خطوات إلى الأمام على طريق الوحدة يمضي العرب بسرعة قياسية إلى الجنون في الحركة، وإلى الفتنة في السياسة، وإلى التكفير كشِرعة، وإلى الفِرَق كمنهاج، وإلى القتل كوسيلة، غير عابئين بما يحاوله الباطل، الذي أصبحت له جذور راسخة، من إطفاء نور العقل والسماحة والرحمة، أو تزوير الوقائع، أو تضليل الناس بالوهم والأكاذيب. وبعد هذا كله وعند هذه النقطة من تاريخنا يجدر بنا أن نتساءل: ماذا حققنا من موجبات الوحدة وإلى أين نسير؟ الوحدة ليست تجميع طاقات وتكتل قوى فحسب، بل تجميعها وتوجيهها نحو هدف محدد
إن أعظم زيغنا، نحن العرب ، أننا نجهل النقطة التي منها نبدأ. هل نبدأ من الدين أم من الثقافة أم السياسة أم من شيء آخر؟ ونجهل المشكلة التي نحن قابعون فيها، فهل المشكلة في عقولنا أم نفوسنا أم سلوكنا؟ ونجهل الأسباب التي أوصلتنا إلى هذا الدرك الأسفل من جحيم الفرقة والخنوع والارتهان، فهل بيدنا أسباب وحدتنا وقوتنا وقرارنا أم لا؟ للأسف إننا نجهل الأعداء الذين صنعوا الفخاخ والأشراك لنقع فيها، فهل الآخر العدو هو أصل كل ما فينا من علل وضعف وهوان أم ماذا؟ وإذا كنّا أمام ضياع واضح يجعلنا عاجزين عن إدراك كل هذه الأزمات والمآزق والمشاكل بثورة شاملة تصحح كل أفكارنا وتهذّب نفوسنا وتقوّم سلوكنا فهل نمضي هكذا حتى النهاية؟ ….. متى ستعلمون أنّ الوحدة تسبق تحرير فلسطين ؟ وإنّه ليجب بادئ الأمر أن تتكتل كل السواعد والعقول حتى تهدم العوامل القتالة وتزيل الأمراض الفتاكة كلها ثم يبدأ العمل على بناء شبكة الافهام والأفكار والمشاعر وتعبئة الجهود العلمية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية، وبعدها تتأهب الهمم للتحرر من العدو .
ولكن كم سيستغرق هذا الأمر من الوقت، وقد قضينا ما شاء الله من السنين فلا وصلنا إلى الوحدة ولا تبدو علائم الوصول إليها قريبة!!!!!

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى