هواجس ما بعد الموصل والكلام عن مصير الأسد

كتبت هيام القصيفي في صحيفة “الأخبار”: تشكل تطورات سوريا الأخيرة منعطفاً جديداً مع تشابك المصالح الدولية والإقليمية، فيما عاد الحديث مجدداً حول وضع الرئيس السوري بشار الأسد. ومع تطورات الموصل، تكثر الهواجس من انفلاش “داعش” والعمليات الإرهابية.
فأنظار السياسيين المهتمين في لبنان تتجه الى الخبَرين العراقي والسوري. ما يحدث في الدولتين يرخي بظلاله على الكلام السياسي الجدي في بيروت؛ فمحاولة صرف النظر محلياً عمّا يجري في العراق وسوريا ليس أمراً “صحياً” في بلد يعيش على الإيقاع الإقليمي، فيما تُدخله القوى السياسية في زواريب الانتخابات المؤجلة والتحالفات، والجلسة التشريعية، وطاولة الحوار الرئاسي الفارغة من مضمونها. استحقاق العراق بإعلانه القضاء على تنظيم “داعش” في الموصل، لا تنحصر تداعياته في بلاد ما بين النهرين، ولا يقتصر التعامل معه على كونه حدثاً منفصلاً عن المحيط، لأن تلازم المسارين العراقي والسوري بدأ يفرض نفسه على الأجندة الدولية، بعدما بدأ استحقاق آخر يدخل في شكل متواز على الخط، بالعودة الى المربع الاول السوري، أي الحديث عن مصير الرئيس السوري بشار الاسد.
فما بعد القضاء على “داعش” في العراق لا يشبه ما قبله سورياً، فيما تغلي الساحة السورية بأحداث متصاعدة عسكرياً وسياسياً، ويعود خلط الاوراق والاشتباك السياسي الدولي حولها.
السؤال اللبناني الجدي لا يزال يطرح عن مرحلة ما بعد القضاء على “داعش”؛ أين يمكن أن يتسرب كل هؤلاء العناصر الذين أخرجوا من المناطق الشاسعة؟ وأين يمكن أن يتجمّعوا؟ لأن تسليم السلاح مبكراً لم يظهر أنه من عادات “داعش”، كما هو واضح حتى الآن. وهذا يفترض أمرين؛ إما الخروج إفرادياً الى الدول المجاورة وما بعدها، وإما إعادة تجميع قواته في مناطق معينة صالحة استراتيجياً لإعادة الانطلاق مجدداً.
وإذا كانت العمليات الإرهابية التي ضربت أوروبا أخيراً ناتجة من عمليات تبنّاها التنظيم الذي بدأ يفقد جغرافيا “دولة الخلافة” في الشرق الادنى وينطلق في عمليات هجومية في الغرب، كما كان أسلوب “القاعدة” سابقاً، فهذا لا يعني أن القضاء على التنظيم المذكور في الموصل والقصف الذي يتعرض له جوياً في سوريا، يعني انتهاء التنظيم فعلياً، ولو انتهت الحرب الدولية عليه بالمعنى العسكري الكبير.
والنموذج الذي نتلمّسه في لبنان عبر تشكيل المجموعات التي تكشف تباعاً، وتوقيف أفرادها، يدل على أن الخطر من هذا التنظيم لا يزال داهماً في الخارج كما في لبنان، خصوصاً أنه يحتفظ ولا يزال بمساحة جغرافية حدودية يريد استثمارها أمنياً وعسكرياً في أكثر من اتجاه، إضافة الى استمرار قدرته على تجنيد أتباع له في أكثر من منطقة، والإعداد لأعمال إرهابية. من هنا، وبقدر ما يمكن الكلام غربياً عن نجاح الحملة على “داعش” في العراق، تنعكس الخشية من إمكان انفجار الحالة الارهابية، في ظل أسئلة تتداولها دوائر غربية معنية عن مرحلة ما بعد “داعش”، وهي الحالة نفسها التي أعقبت قبل سنوات الحملة الدولية على “القاعدة”، لا سيما أن الدول الاوروبية تحديداً تظهر كأنها تفقد المبادرة أمام الهجمة الارهابية عليها، وأمام الضغط الداخلي تجاه أسلوب تعاملها مع المصنفين مقرّبين من التنظيمات الاصولية.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى