بالصور | ” الياس تيتّمت طفلته ونعمة نجا من كورونا لتقتله شاحنة”

“كانا متوجّهين من زغرتا إلى جونية، خشيا عدم الوصول بسبب قطع الطرق من المحتجين على الأوضاع المعيشية التي يمر بها لبنان، لم يتوقعا أنّ الأمر أبعد من ذلك، وأن شاحنة استخدمت في هذه المهمة فاصطدما بها ليفارقا الحياة على الفور… دفع نعمة نعمة وصديقه الياس صعب حياتهما، لا لذنب ارتكباه، إلا لأنهما في بلد لا تُحترم فيه أدنى معايير السلامة ولا يُقام أي اعتبار لحياة الناس.

الوُجهة الأخيرة

زغرتا لبست ثوب الحداد على ابنيها اللذين جمعتهما الجيرة والصداقة، عاشا سنوات عمرهما سوية وعندما هاجمهما الموت رحلا معاً. وبحسب ما قاله عم الضحية نعمة، طوني، لـ”النهار”: “بالأمس، كان نعمة يخشى على شقيقه وهو عسكريّ في الجيش اللبناني من عدم تمكنه من الوصول الى المنزل بسبب قطع الطرق، حينها اتصل به الياس وأطلعه أنه يريد التوجّه إلى منزله في جونية لجلب غرض من هناك، سائلاً إياه إن كان يقبل مرافقته، وبالفعل ركبا في سيارة الياس وانطلاقا من غير أن يكونا متأكدين أن باستطاعتهما الوصول، لكنّهما قرّرا المحاولة، وما إن وصلا إلى الهري حتى اصطدما بشاحنة كانت متوقّفة في وسط الأوتوستراد، لم يرياها بسبب العتمة، فعلى هذا الأوتوستراد لا يمكن الرؤية نهاراً، فكيف إن كان ليلاً”، مضيفاً: “لم يدس الياس الفرامل كون الشاحنة لم تكن ظاهرة، إذ لا يوجد أي إشارة تحذيرية، الاصطدام كان قوياً جداً إلى درجة أنهما فارقا الحياة على الفور. تم نقل الياس الى مستشفى البترون ونعمة الى مستشفى البرجي في الكورة”.

نجا من كورونا وقتله “قُطّاع الطرق”

رحل نعمة (44 سنة) قبل ان تتسنى لعائلته أن تفرح به، هو الذي كما قال عمه، “وصل الى الموت قبل نحو شهر بسبب فيروس كورونا، حيث أضاءت عائلته وأصدقاؤه له الشموع وتضرّعوا الى الله كي يُشفيه، ليشفى بعدها ويعود الى الحياة، وإذ بالموت ينتظره على الطريق بسبب قطّاع طرق”، وفق ما وصفهم، مضيفاً: “حرمونا منه كما حرمونا من صديقه الياس (41 سنة) الذي تيمت ابنته ذات الستّ سنوات”، وعما إن تمّ توقيف صاحب الشاحنة، قال “سلّم سائقها نفسه الى القوى الأمنية، مع العلم انه لا يحمل الجنسية اللبنانية، وقد نفى صلته بقطع الطريق، مدعياً أنّ الثوار أوقفوه وأجبروه على ركن الشاحنة في وسط الأوتوستراد، والتحقيق لا يزال مستمراً في القضية”.

حزن ومطلب

الناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، أعربوا عن حزنهم العميق على مقتل نعمة والياس بهذه الطريقة، وقد نعاهما النائب طوني فرنجيه، في تغريدة جاء فيها “شابان أمضيا سنوات من عمريهما إلى جانبي. نودّعهما اليوم بأسى وهما في ذروة حياتهم”. أما جمعية “اليازا” فدعت بالأمس “القضاء والنيابات العامة المختصة إلى التحرّك فوراً للتحقيق في الحادث”، معتبرة أنّه “نتيجة كارثية لإيقاف شاحنة وسط الطريق الدولي من دون أيّ تحذير من أصحاب الشاحنة، ومن دون أيّ تحذير من قوى الأمن”، متسائلة: “هل يوجد إنسان عاقل على الكرة الأرضية يغلق طريقاً من دون استخدام إشارات ومثلثات تحذيرية عاكسة كبيرة عند الحاجز وقبله”.

امس ووري نعمة والياس في الثرى، رقدا الى الابد بعيداً عن عائلتهما وأحبابهما، وقد تركا قضيتهما في عهدة عدالة السماء قبل الأرض.

المصدر: مقال تحت عنوان “زغرتا تبكي ابنيها… الياس تيتّمت طفلته ونعمة نجا من كورونا لتقتله شاحنة” لاسرار شبارو في النهار

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى