حياة الناس متوقفة على ساعة كهرباء!

قضّت فواتير الإشتراك مضاجع الناس، لم تنخفض كما توقعوا مع انخفاض الدولار والمازوت، على العكس تضاعفت الاسعار، وسط تلويح اصحاب الاشتراكات بقطعها عن كل مشترك لم يلتزم بالدفع.

في جمهورية الاشتراكات، لا صوت يعلو فوق صوت الغلاء، داخلها يفرض رئيسها قوانينه على الناس، قوانين صارمة وقاسية، وضعها وفق سياسة تتناسب فقط مع ارباحه التصاعدية، ولو كانت على حساب جيبة الناس.

في الطريق تتشابك اسلاك الاشتراك مع اسلاك الكهرباء المقطوعة، لم تفلح كل سياسات الدولة الكهربائية السابقة بتحسين التغذية، على العكس، تدنت الى حدود الساعة فقط في منطقة النبطية، ساعة ينتظرها الناس ليغسلوا ويتحمموا ويملأوا المياه داخل الخزانات، ويكووا و..، اذ تتوقف حياتهم على ساعة الكهرباء الميمونة، لتوفير فاتورة الاشتراك، ومع ذلك الفاتورة خيالية، وسعر الكيلو تجاوز الـ8 آلاف ليرة، في سابقة في تاريخ الازمة، والحق على وزير الطاقة، يقول اصحاب الاشتراكات، الذين يحيكون إمبراطوريتهم على قاعدة الربح المضاعف، الخسارة ممنوعة، والمطلوب مزيد من الربح، ولو على حساب الفقير.

أرخص فاتورة اشتراك تجاوزت الـ500 ألف ليرة للعداد، وهي حاصل مصروف منزل لشخصين بالكاد يشغلان براد ولمبة وتلفاز، 500 ألف فاتورة عالية لاستهلاك كهذا، فكيف سيكون عليه الحال اذا كان راتب رب الاسرة 750 ألف ليرة؟

على رغم انخفاض سعر صرف الدولار 11 ألف ليرة الا أن فاتورة الاشتراك إرتفعت الضعفين، بذريعة ارتفاع الكلفة التشغيلية، هي الحجة الذي يتمسك بها أصحاب الاشتراكات لرفع التعرفة شهرياً، ولو دفع بالناس للنوم عـ»العتم».

يحمل عباس، عامل النظافة، راتبه الـ750 ألف ليرة ويقدمه لصاحب الاشتراك، يضيق الحال به وعينه على مرضه الذي يحتاج أدوية وعلاج، يبكي بحرقة «ما ذنبنا نحن العمال، حرمنا حق التوظيف والضمان وبدل النقل، رغم أن عبء النفايات كله على كاهلنا، ممنوع علينا التعطيل، والا خسارة يومنا، حين نمرض لا نملك ثمن علاجنا، ما ذنبنا، وراتبنا لا يساوي فاتورة اشتراك»؟

دب الصوت عالياً مجدداً في القرى بما خص فواتير الاشتراكات، اذ يبدو أن اصحابها يتصرفون وكأنهم الآمر الناهي ولا من يملك سلطة عليهم، ويسأل الأهالي عن دور البلديات في الحد من تعرفة الاشتراك من دون جدوى. يعلّل حسن، صاحب اشتراك في منطقة النبطية، التعرفة بارتفاع ساعات القطع وغلاء سعر الصيانة، رافضاً خفض السعر رغم انخفاض الدولار بحجة «ما في شي انخفض».

يبدو ان المواطن وحده بلع موس الفواتير وقد دفعَت بكثرٍ للتخلف عن الدفع، أم علي واحدة منهم «لم يعد بمقدوري الدفع، فوجدت نفسي بين خيارين غما العلاج أو الاشتراك، وطبعاً اخترت العلاج، ولو قطع صاحب الاشتراك الخط»..

يعتمد أصحاب امبراطورية الاشتراك سياسة إما الدفع أو القطع، إذ لا يوجد من يردعهم لا نواب ولا بلديات الامر الذي دفعهم ليتحكموا برقاب الناس، الذين يضطرون احياناً للاستدانة والدفع لكي يتمكنوا من سحب مياه الآبار للخزانات.

في بلد العجائب لبنان، لا عجب إن مات المريض من دون دواء، ونام الختيار على العتم وبقي الطفل من دون حليب، والرجل من دون حمام، والمنزل من دون مياه، ففي الوقت الذي تطوف الطرقات بمياه الأمطار، خزانات المنازل في قرى النبطية من دون مياه. ففي عز الشتاء أزمة مياه يرزح تحت وطأتها الاهالي، ممّن يضطرون لشرائها اسبوعيا بـ200 الف ليرة للنقلة الواحدة، اذ لم تفلح كل استغاثاتهم بإجتراح حلول لتلك الازمة، ويبدو أنها مرجحة للتفاقم نتيجة شح المازوت وتقنين الكهرباء، ورغم أن في كل بلدة آباراً ارتوازية الا أنها لم تحل الازمة، على العكس فاقمتها، وعلت من خلفها صرخة الناس «بيكفي».

إزاء تفاقم الازمات، يدور السؤال حول دور النواب مما يصيب الناس وما هي خططهم للحلحلة ومن يكف يد اصحاب الاشتراكات ويضع حدّاً لهم، فهل يفعلها النواب على اعتاب الانتخابات؟ أم سيغضّون الطرف لغايات انتخابية؟

المصدر : رمال جوني – نداء الوطن

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى