لبنانية تواجه إسرائيلياً يحاضر عن “التعاطف” .. “أحد الأبرياء الذين قضي عليهم هو أخي”!
نشرت الإعلامية والناشطة جودي الأسمر مقالاً في صحيفة “البيان” الطرابلسية تحت عنوان: “يكسب العرب قضاياهم حين يضطلعون بلغة الآخر”، تحدّثت فيه عن مشاركتها كممثّلة للبنان في مؤتمر للرياديّين يهدف إلى التّوافق حول قيم كونية جامعة من أجل تجسيدها في مبادرات للسلام، بدعوة من جامعة “القيم” (University of Values) في بلدة مافرا في البرتغال.
وعلى رغم علمها بوجود أحد المشاركين الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية وهو معالج نفسي حائز على دكتوراه من جامعة “ستانفورد”، إلّا أنّها ليست المرّة الأولى التي تواجه هذا الموقف، حيث أنّها وفي العادة تقوم على تجاهل الإسرائيليين وعد الإحتكاك بهم، غير أنّ ما حدث هذه المرة استفزّها.
وعن تفاصيل الحادثة، تروي الأسمر في حديث لـ”لبنان 24″ أنّه “في إحدى الجلسات طلب المشارك الإسرائيلي أن يتحدّث عن تجربته من خلال دراسة قام بها عن “التعاطف”، وهذا ما استفزّني، خاصة أنّني لم أكن على علم مسبق بأنّ هذا الأمر سيحدث”.
وهذا ما دفع الأسمر لتحضير بيان إعلان مقاطعة الجلسة قبل بدايتها بدقائق، حيث قالت فيه: “التعاطفُ قيمةٌ سامية يحتاج إليها الكون. وهو أيضًا إحدى قيمي الشخصية التي عبّرت عنها في الاستبيان الإلكتروني الذي طلبتم منّا تعبئته. ولكن كيف أمكنني الوعظ عن التعاطف فيما تأسّست أيديولوجيتي على الدّم والقضاء على الأمم الأخرى بهدف الوجود؟ أحد هؤلاء المُقضى عليهم الأبرياء هو أخي، الذي قضى في جنوب لبنان. لذا، فإنّ الاستماع إلى إسرائيلي يدعو إلى التعاطف هو ما أعرّفه بـ”المعايير المزدوجة” التي لا تتوافق مع قيمي الذاتية، الوطنية، العربية والكونية. وجودي هنا سيطلق غضبي. والعالم لا يحتاج إلى مزيدٍ من أناس غاضبين.
بناءً على ما قلته، أنا أقاطع هذه المحاضرة. شكرًا، سلفًا، على تعاطفكم”، ثمّ غادرت القاعة، وانضمّ إليها كلّ من المندوبتين النرويجية والسورية.
ولفتت الأسمر إلى أنّه “بعد الحادثة التي أربكت المنظّمين، توقّعت أن تكون المسألة قد مرّت، إلا أنّه تمّ استدعاؤنا لدائرة من 20 شخصاً، وبدأت الأسئلة تنهال عليّ حول أسباب هذا التصرّف، وأنا قدّمت الأجوبة الشافية لمختلف الأسئلة”.
وبحسب الأسمر، فقد جرت محاولات لإحراجها للقبول باعتماد الدراسة التي قدّمها المشارك الإسرائيلي، حتّى أنّهم حاولوا إقناعها بأنّه سيتمّ حذف اسمه من الدراسة، فكان جوابها: “لا أستطيع اعتماد دراسته ولا أستطيع البتّ بهذا الشأن دون العودة إلى مشورة المعنيين في لبنان، بسبب النزاع التاريخي الطويل بيننا وبين إسرائيل. ثمّ أنتم قلتم أنّنا نريد مشاركة الموارد فيما بيننا، يوجد موارد أخرى بوسعي كلبنانية اعتمادها. ورداً على اقتراحكم بمحو اسم الكاتب الإسرائيلي، ثمة ما يسمى بـ”حقوق للنشر” وأنا شخصياً أرفض أن يُمحى اسمه”.
وتشير جودي إلى أنّ ما لفتها خلال النقاش حول الحادثة، تأثّر المشاركين الآخرين بكلامها، حيث بدأ البعض منهم بالبكاء، ما يدلّ على جهل شبه تام بالتاريخ من قبل الأوروبيين تحديداً، وكأنّهم يسمعون هذه المعلومات للمرّة الأولى. لكنّهم وفي نهاية المؤتمر وخلال التقييم، أكّدوا أنّ هذه الجلسة كانت من أكثر الجلسات أهمية وغنى، حيث كان سبباً ليكتشفوا جانباً آخر من العالم.
لكنّ جودي أكّدت أنّه “صحيح أنا شقيقة الشهيد الرقيب ماجد الأسمر، إلّا أنّني لو لم أكن شقيقته، فإنّ موقفي كان سيبقى كما هو، فالنسبة لي كما أنّي أرفض المتاجرة بالقضية الفلسطينية، لن أقبل بأن أتاجر بشهادة أخي، وحتى خلال نقاشي مع المشارك الإسرائيلي لاحقاً، لم آتِ على ذكر هذه المسألة، بل فقط لفتت انتباهه إلى أنّني وعلى رغم شهادة أخي قبلت الجلوس والتحدّث معه، خاصة وأنّك لا تستطيع التحدّث أمام هؤلاء الناس تحديداً من زاوية عاطفية، وهذا ما أعطى زخماً وقوة لموقفي لأنّني قدّمت وجهة نظري استناداً إلى الوقائع والأدلة”.
ولفتت جودي ختاماً إلى أنّ الإسرائيلي اعترف لها شخصياً، بأنّه لم يكن يعرف لماذا يقوم العرب بمقاطعة إسرائيل ومدى فاعلية المقاطعة، إلّا أنّه اكتشف بعد هذه الحادثة فاعلية هذه المقاطعة لأنّه بفعل هذه المقاطعة، أوصلت صوتها ولو أنّها لم تقاطع لما كان صوتها قد وصل. وهو لم يعد يشارك في كل الجلسات، حتى أنّه في الجلسة الأخيرة بوجود ضيوف دبلوماسيين لم يفصح عن جنسيته فيما عرّف الجميع عنها.