عون أنقذ الحريري مرّتين.. فهل ينجح في الثالثة؟!

قد يكون من المفيد جدًا للجميع العودة إلى مراجعة، ولو سريعة، للمواقف التي أتخذت في الآونة الأخيرة، عقب إعلان رئيس الحكومة سعد الحريري إستقالته من الرياض قبل 21 يومًا، سواء المتسرّع من هذه المواقف أو تلك الداعية إلى الحكمة والتعاطي مع الأزمة بواقعية وهدوء من دون إستحضار مفردات الإفادة الظرفية، على رغم أن ما أقدم عليه رئيس تيار “المستقبل” أربك الجميع، مع ما رافق هذه الإستقالة من غموض وملابسات وعلامات إستفهام وتعجّب.

ما سيقوم به رئيس الجمهورية من مشاورات ثنائية مع القيادات السياسية في الأيام القليلة المقبلة لإنضاج فكرة تسوية جديدة تقوم على مبدأ التسويات، مع ما تفرضه هذه الفرضية من تنازلات مطلوبة من الجميع، ستكون شبيهة بالمشاورات التي أجراها عقب الإستقالة، وذلك خشية أن تُبنى القرارات على الإنفعالية والظرفية والعشوائية، وهي أفضت إلى التشديد على التريث في الإقدام على أي خطوة ناقصة في إنتظار عودة الحريري “ليبنى على الشيء مقتضاه”.

وبهذه الخطوة، التي ترافقت مع سلسلة إتصالات عربية ودولية، تمكّن الرئيس عون من إنقاذ الحريري وساهم في تسهيل عودته من الرياض إلى بيروت عن طريق باريس، بعدما كانت الأجواء توحي بأن هذه العودة غير مؤمنة لها سبل النجاح، على رغم تشديد الحريري في مقابلته مع الزميلة بولا يعقوبيان على أنه سيعود قريبًا إلى لبنان، مع ما واكب ذلك من حملات تشكيك من قبل الاقربين قبل الابعدين.

أما عملية الإنقاذ الثانية فتمثّلت بتمنٍ من عون على الحريري، لدى تقديمه إستقالته في ذكرى الإستقلال، بالتريث وأخذ وقته قبل الإقدام على أي خطوة، يبقى البت بها مرهونًا بما سيقدم عليه “حزب الله” من خطوات قد تسهّل عليه العودة عن إستقالته.

ويجمع كثير من المتابعين على أن المشاورات التي سيجريها رئيس الجمهورية ستتناول الأفكار المتداولة لبلورة مخرج يحفظ للجميع ماء الوجه، على رغم أن هناك إصرارًا من قبل قيادة الحزب على أن موضوع السلاح غير مدرج على جدول أي بحث، لا من قريب ولا من بعيد، من دون أن يعني ذلك أن الحزب غير مستعدّ للخوض مجدّدًا في مناقشة الإستراتيجية الدفاعية، والتي لم تنجح طاولات الحوار السابقة في إيجاد قواسم مشتركة حول الآلية المقبولة لهذه الإستراتيجية من الجميع، وبقيت المخارج محصورة في إطار المواقف التي لم تتبلور في صيغة نهائية لإنهاء الجدل السياسي حول مشروعية وحصرية سلاح “حزب الله” في مواجهة أي إعتداء إسرائيلي محتمل ووارد في أي وقت.

فإذا لم ينجح الرئيس عون في التوصل إلى ما يبدد الهواجس الواردة في بيان إستقالة الرياض ومعالجة الأسباب التي أوصلت الحريري إلى ما وصل إليه، خصوصًا أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان حدّد له سقف مواقفه ورسم له الحدود التي لا يمكنه تخطيها، تكون الخطوتان الإنقاذيتان السابقتان قد ذهبتا أدراج الرياح، مع ما يحيط أجواء “بيت الوسط” من أجواء تفاؤلية بإمكانية التوصل إلى ما يمكن أن يثلج القلوب، وذلك من خلال إقناع “حزب الله” بعدم جدوى إستمرار قتاله خارج الحدود.

المصدر : اندريه قصاص – لبنان 24

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى