الطبيب اللبناني رياض قانصو يعمل في الشمال الإيطالي في بؤر الوباء | اكتسبنا خبرات تجعلنا لا نهاب أي موقف وعلينا نقلها إلى وطننا لبنان

أكثر من 200 طبيب لبناني يعمل في الشمال الإيطالي أي في بؤر الوباء وعدد منهم رؤساء أقسام في مستشفيات كانت وما زالت في الخطوط الأمامية بمواجهة “كوفيد 19″. منذ بداية انتشار الجائحة دق الأطباء اللبنانيون ناقوس الخطر وواجهوه عن قرب. في البداية، افتقد الأطباء في إيطاليا لأبسط المستلزمات الوقائية ما أدى إلى وفاة 160 طبيبا إيطاليا وإصابة 12000 شخص من الطواقم الطبية.

وكان أطباء الخط الأول، في الوقت الذي استهانت الدولة الإيطالية بخطورة الفيروس القاتل، يوجهون نداءات الاستغاثة بضرورة توفير الكمامات والبدلات الواقية، والمعقمات، وأجهزة الكشف عن الفيروس.

وذكر البابا فرنسيس في ليلة عيد الفصح بـ”الاعتراف بجهود الأطباء والممرضات الذين يكافحون جائحة فيروس كورونا، ويضحون بحياتهم من أجل إنقاذ المرضى”.

“الوكالة الوطنية للأعلام” إلتقت أحد هؤلاء الأطباء، طبيب الامراض الداخلية اللبناني رياض قانصو خلال استراحة قصيرة له وبعد محاولات عدة، فهو يعمل ليلا ونهارا في أصعب الظروف.

ووصف الوضع في إيطاليا قائلا: “إن الوضع في تحسن مستمر ولم نعد نشاهد أشخاصا يصارعون لالتقاط أنفاسهم الأخيرة. كان وضعنا لا يوصف من صعوبة وصل إليها الأطباء في التعامل مع حالات الإصابة بفيروس “كورونا”. رأيت كل شيء يمكن رؤيته وكان الخوف يهيمن على المرضى وعلى الطواقم الطبيبة أيضا.

ومنذ فترة قصيرة كان المستشفى ممتلئا بعدد كبير من الإصابات بفيروس “كورونا”، فالمرضى ملأوا الأسرة وأحيانا كنا عاجزين عن مساعدتهم لأننا كنا نقاوم وباء لا نعرفه، يحتال علينا، نعالج جزءا نجده في الجزء الآخر، ومعظم المرضى أصبحوا لا يستجيبون لأجهزة التنفس وأقنعة الأوكسجين. أما اليوم، الوضع تحسن كثيرا.

تعرفنا على المرض ونقدم العلاجات قبل تقدمه. في خضم هذه المأساة اكتسبنا الخبرات التي تجعلنا لا نهاب أي موقف، لذلك علينا نقل هذه الخبرات إلى وطننا لبنان الذي يواجه انتشار الفيروس”.

وعن وصفه للنظام الصحي في إيطاليا، قال: “النظام الصحي في إيطاليا والشمال هو الأفضل في العالم وباعتراف منظمة الصحة العالمية. لكن الكارثة كانت كبيرة جدا ولم تكن هناك أي دولة في العالم مستعدة على مواجهتها”.

أضاف: “عند انتشار الوباء عمل الأطباء اللبنانيون جنبا إلى جنب مع الزملاء الإيطاليين. في عصر يوم الجمعة 28 شباط تحول القسم الذي أعمل فيه إلى قسم معني بـ”كوفيد19″. وقال لنا صراحة المدير الطبي للمستشفى إننا مكلفون بمهمة انتحارية ومن يريد الإنسحاب فهو معذور لأن الخطر على حياتنا كبير جدا، لكن لا أحد منا طلب الإنسحاب من المهمة.”

وعن انتشار الفيروس الذي لم يعرفوه من قبل، قال: “الفيروس كان يتربص بنا في كل مكان ويحيط بنا من كل الجهات منتظرا لحظة إنهماكنا بتأمين العلاجات للمرضى كي ينقض علينا. لذلك، فارق الحياة عدد كبير من الأطباء. كانت بالفعل معركة شرسة للغاية. الفيروس مخادع ومتمكن بفنون القتال. كان يلتف حولنا ويضرب من حيث لا ندري وكان متوحشا قاتلا بلا رحمة، لكن أرادتنا كانت قوية ولم نستسلم عملنا ليلا ونهارا وها نحن الآن نقف له بالمرصاد”.

وحول عدم وجود إصابات في الجالية الأفريقية، قال قانصو: “في علم الطب لا يوجد تشابه بين الأجناس البشرية. كانت الأمراض والعلاجات تختلف من جنسٍ لآخر. في حال فيروس “كورونا”، شاهدنا من تجربتنا الحية غياب المرضى من إنتماءات أجنبية، علما أن عدد المهاجرين الأفارقة في المقاطعات الشمالية يبلغ أكثر من مليون نسمة.

عدم إصابة الجالية الأجنبية قد يكون سببه عوامل كثيرة، فمعظمهم من الشبان بينما ثلث السكان الإيطاليين من المسنين. الأمر الآخر أن المهاجرين الآفارقة معظمهم خضع للتلقيح ضد مرض السل والملاريا ما يشكل مناعة لديهم. أخيرا، التكوين الجيني يختلف بين أجناس الشعوب، ويعتقد أن الفيروس يستخدم بعض الجينات لعبور الخلايا وهذه الجينات غير متطابقة عند السكان الأفارقة”.

المصدر : الوكالة الوطنية للإعلام

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى