يا سكان الأرض .. أنتم على موعد مع ظاهرة نادرة الإثنين
في مصادفة فلكية لا تتكرر كثيراً، يمر كوكب عطارد اصغر كواكب المجموعة الشمسية بين الارض والشمس الاثنين، وهي ظاهرة سيتمكن سكان الارض من مشاهدتها في المناطق التي تكون الشمس مشرقة فيها، وخصوصا في الغرب الاوروبي.
فعلى مدى ساعات عدة، سيكون بمقدور هواة الظواهر الفلكية أن يراقبوا كوكب عطارد، اقرب كواكب المجموعة الشمسية الى الشمس، وهو يمر بينها وبين الارض، ليظهر وكأنه قرص اسود يتحرك في وهجها.
وتبدأ هذه الظاهرة التي لا يمكن مراقبتها الا بواسطة اجهزة خاصة، عند الساعة 11,12 ت غ وتنتهي عند الساعة 18,42 ت غ من يوم الاثنين.
وقد يختلف التوقيت قليلا بحسب اختلاف المنطقة.
وسيبدو عطارد وكأنه “يقضم الشمس من احد جوانبها، ثم يخترقها بشكل بطيء جدا، ثم يعود ويخرج من الجانب الآخر”، بحسب عالم الفضاء باسكال ديسكان الباحث في مرصد باريس.
وتستمر هذه الظاهرة سبع ساعات ونصف الساعة، وهي نادرة لانها لا تقع الا حين تكون الشمس والارض وعطارد على خط مستقيم دقيق.
ويقع كوكب عطارد على بعد 58 مليون كيلومتر من الشمس فيما تبعد الارض عن الشمس 150 مليون كيلومتر، وهي كوكب صغير لا يزيد قطره عن اربعة الاف و780 كيلومترا علما ان قطر الارض يقارب 13 الف كيلومتر، وهو يتم دورة واحدة حول الشمس في 88 يوما، فيما السنة الارضية 365 يوما.
وتراوح الحرارة على سطحه بين 427 درجة لدى سطوع الشمس، و173 درجة تحت الصفر في الليل.
يمر عطارد بين الارض والشمس مرة كل 116 يوما، لكن انحناء مداره مقارنة بمدار الارض يجعله في معظم الاحيان يبدو أعلى من قرص الشمس او ادنى منه.
اما تقاطع المدارين فيجري 13 مرة او 14 في كل مئة عام.
وسجلت الظاهرة الاخيرة المماثلة قبل عشر سنوات، وهي لن تتكرر قبل تشرين الثاني من العام 2019، ومن بعدها في تشرين الثاني 2023، ومن بعدها في ايار 2049.
في اوروبا الغربية والشمالية، وفي المناطق الغربية والشمالية ايضا من افريقيا، وكذلك في كندا والمناطق الشرقية من اميركا الشمالية، إضافة الى اجزاء واسعة من اميركا اللاتينية، سيكون ممكنا مراقبة هذه الظاهرة شرط ان يكون الطقس صافيا.
ويقول مارتن بارستو رئيس الجمعية الملكية البريطانية لعلم الفلك “انه امر مثير ان نراقب الظواهر الفلكية النادرة المماثلة، وهذا يثبت ان علم الفلك هو علم متاح لكل الناس”.
لكن يذكر بضرورة اتباع تعليمات السلامة، فالنظر مباشرة الى قرص الشمس من دون حماية من شأنه ان يعرض العيون لاضرار لا شفاء منها.
ومن جهة اخرى، لن يكون استخدام النظارات الخاصة بمراقبة الكسوف مفيدا، لان الكوكب صغير جدا ولن يحجب نور الشمس.
ويقول باسكال ديسكان “يجب استخدام اجهزة فلكية لتكبير صورة الشمس” مع حماية العيون.
ويضيف “الطريقة الابسط لمشاهدة عطارد من دون خطر هي استخدام جهاز سولارسكوب” وهو عبارة عن علبة من الورق المقوى فيها عدسة ومرآة تنعكس فيها صورة قرص الشمس على ما يشبه الشاشة، بحيث يمكن مراقبتها من دون الاضرار بالعين.
وباستخدام هذا الجهاز، يبدو قرص الشمس بقطر 12 سنتيمترا، وكوكب عطارد بقطر اقل من سنتيمتر واحد.
وأول من رصد مرور عطارد امام الشمس هو العالم الفرنسي بيار غاسندي، وكان ذلك في العام 1631، بعدما توقع هذه الظاهرة قبل سنوات عالم الفلك الالماني يوهانس كيبلر الذي توفي العام 1630 قبل ان يشهد على صحة حساباته العلمية.
في العام 1974 ارسلت الولايات المتحدة المسبار “مارينر 10” لاستكشاف عطارد من مداره، ثم ارسلت للغاية نفسها المسبار “مسنجر” الذي انهى مهمته في العام 2015 وتحطم على سطح الكوكب.
ومن اهم النتائج التي حققتها مهمة المسبار مسنجر، العثور في العام 2012 على مؤشرات تؤكد وجود كميات كبيرة من المياه على شكل جليد في المناطق القطبية من كوكب عطارد، وهي مناطق لا تصلها اشعة الشمس ابدا.
وتستعد اوروبا واليابان لارسال مسبارين لدراسة الكوكب في العام 2018 ويتوقع ان يصلا الى جواره في العام 2024.