أي خبز يأكل اللبنانيون…ومن يراقب الأفران؟

لا جدل حول أهمية الخبز، كونه غذاء الفقراء الأول.. وربما الوحيد. إلا أن السجال دائماً مفتوح حول «سلامة» الرغيف. وعاد إلى الواجهة مع البحث الذي أُثير، في الأشهر الماضية، حول زيادة زنة ربطة الخبز مع انخفاض أسعار النفط عالمياً، حيث تحدثت معلومات عن غشٍّ وتلاعبٍ بنوعية الخبز عبر إضافة مواد حافظة كيميائية في بعض المؤسسات والأفران الضخمة بغية إطالة مدة صلاحية ربطة الخبز، وبالتالي تحقيق هامشٍ ربحي أكبر، فضلاً عن التلوث وانعدام النظافة وعدم توفر شروط السلامة الغذائية التي تؤدي إلى فساد الخبز.
انطلاقاً من السؤال: «ماذا يأكل اللبنانيون؟»، أجرت «السفير» تحقيقاً استقصائياً للتثبت من صحة المعلومات المتداولة والتي كادت تؤدي إلى زعزعة ثقة اللبنانيين بالمنتج الوطني الأكثر أهميةً. وتبيّن بعد إجراء بحث علمي ـ مخبري على عدد من العينات العشوائية، أن النسبة الكبرى من الخبز اللبناني «نظيفة». إلا أن ذلك، على أهميته، لا يعفي المعنيين من مهامهم، ولا يلغي احتمال وجود عينات أخرى فاسدة، لا سيما أن السوق اللبناني متغيّر ومفتوح على كل الاحتمالات في ظل تكاثر انتشار الأفران الصغيرة من دون أي رقابة قانونية، بالإضافة إلى تأثيرات الوضع البيئي بعد أزمة النفايات بشكل مباشر على المطاحن والمياه الجوفية والهواء، والتي من شأنها جميعها المساهمة في تلوّث الخبز جرثومياً.

المواد الحافظة والغشّ
بموازاة سعي أصحاب الأفران والمطاحن إلى مدّ اليد إلى رغيف اللبنانيين عبر التلاعب الدائم بسعر ربطة الخبز وزنتها، هناك من يمدّ يده للتلاعب بمكونات الرغيف، بحسب ما يؤكد رئيس جمعية حماية المستهلك زُهير برّو لـ «السفير».
ويوضح برّو أنه «مع ضبط باخرتين محملتين بالقمح الفاسد في العام 2010 ثم الكشف الصحي على إهراءات القمح في مرفأ بيروت في العام الماضي ما فضح حجم التلوث الحاصل، تُثار الشكوك حول مدى مطابقة انتاج الخبز للمعايير الصحية، لا سيما أنه يعتمد بصورة أساسية على الطحين»، مشيراً إلى أن «فساد القمح وسوء تخزينه وتوضيبه ونقله يؤدي إلى انتشار سموم فطرية تنمو وتتكاثر في الطحين، أبرزها الـ(Aflatoxine) والـ(Ochratoxin)».
يُعد الـ»أفلاتوكسين» مسمما كيميائيا خطيرا ينمو بالدرجة الأولى على الحبوب التي تحتوي زيتاً مثل الذرة. ويتكاثر في القمح عند عدم توافر شروط التخزين، أي وجود درجتي حرارة ورطوبة مرتفعتين. ويؤثر تعرض الإنسان له على الجهاز الهضمي ويُسبب الإصابة بسرطان الكبد. ويُعد أخطر وأقوى مفعولاً من الـ «أوكراتوكسين». أما هذا الأخير، فهو أيضاً مسمم كيميائي يُصيب بالدرجة الأولى الحبوب لا سيما القمح، وينمو على سطحه نتيجة ظروف تخزين سيئة، ويؤدي إلى إصابة الإنسان بسرطان الكلى.
وبحسب برّو فإن «أطناناً من الطحين الفاسد بـ(الأفلاتوكسين) ضُبطت في عدد من المطاحن منذ سنوات نتيجة سوء التخزين وعدم مراعاة شروط النظافة فيها، فضلاً عما أشارت إليه وزارة الصحة، أمس، من دخول كميات كبيرة من القمح الفاسد بالـ(أوكراتوكسين) إلى لبنان».
وكشف في إطار آخر، أن «عدداً من أصحاب الأفران يلجأ إلى إضافة مواد كيميائية لخلطة الخبز بغية إطالة مدة صلاحيته، مثل الـ(formol)، وهو مركب عضوي غازي لا لون له، يذوب في الماء ويستعمل غالباً في التحنيط وكمادة حافظة للأنسجة. وفي الخبز يُستخدم لإطالة عمر الأرغفة لأطول فترة ممكنة لأنه مادة مقاومة للعفن. لذلك، نلاحظ أن العديد من أنواع الخبز باتت تحافظ على جودتها لأسبوع أو أسبوعين، فيما كان الرغيف، سابقاً، يُصاب بالعفن بعد ثلاثة أيام على شرائه كحد أقصى»، مشدداً على أن «(الفورمول) مادة مسرطنة، وأثبتت الدراسات العديدة أن تعرض الناس لها يضاعف من خطر إصابتهم بالسرطان. وعلى الرغم من ذلك فإن استخدامها شائع بسبب ضعف الرقابة».
ولا تتوقف «محاولات الاحتيال» في بعض الأفران عند هذا الحدّ، إذ يلجأ بعضهم بحسب برّو إلى «إعادة تذويب أرغفة الخبز المرتجعة (التي لا تُباع في اليوم نفسه من تاريخ انتاجها) وتحويلها عجيناً، ودمجها من جديد مع الخلطة الطازجة، وذلك لمضاعفة حجم الإنتاج»، موضحاً أن «هذه العملية لا تُضر بصحة الإنسان إلا أنها تُمثل غشاً فاضحاً وضحكاً على المستهلك».

الخبز الأسمر لم يسلم أيضاً من الغشّ. وبحسب برّو فإن «الخبز الأسمر (خبز النخالة) يكتسب سمرته لكونه مصنوعاً من حبة قمح كاملة يضاف إليها النخالة وكمية من الألياف، إلا أن بعض الأفران تعمد إلى استبدال الألياف بـ(الدبس). فيكتسب الخبز لونه الأسمر بطريقة احتيالية، في حين لا يحصل المستهلك، الذي يدفع ثمن الخبز الأسمر أضعاف ما يدفع للخبز العادي (يزيد سعر الخبز الأسمر عن سعر الخبز العربي نحو 30 في المئة)، على الفائدة الغذائية التي يطلبها».
خلط «الدبس» مع عجينة الخبز الأسمر بدلاً من الألياف أثبتته دراسة أُعدت في الجامعة اللبنانية الأميركية (LAU) أواخر العام الماضي، وأظهرت أن ما يقارب الـ58 في المئة من منتوجات الخبز الأسمر الموجودة في السوق اللبنانية مغشوشة، أي أنها تحتوي على «الدبس» عوضاً عن الألياف. ويوضح المشرف على الدراسة، الدكتور والباحث الجامعي في الـ LAU حسين حسن، أن «الدراسة شملت 12 اسماً من الأسماء التجارية الكبرى المنتجة للخبز، وتم اختيار عينات من إنتاجها عائدة للعام 2015 بشكل عشوائي وإجراء الفحوصات المخبرية عليها. وتبيّن أن 12/5 من عينات الخبز الأسمر فقط تحتوي على الألياف، فيما 12/7 من العينات تحتوي على (دبس)، أي ما يعادل 58 في المئة».
على الرغم من ذلك، يؤكد حسن أن «إضافة (الدبس) إلى الخبز لا تلحق ضرراً صحياً بالأفراد، إلا أنها تعتبر غشاً مقصوداً من قبل أصحاب الأفران».
أما في ما يتعلق بـ «الخبز العربي»، يشدد حسن على أن «الخلطة المخصصة له لا تحتمل الإبداع، فهي مؤلفة من الطحين والملح والماء والخميرة والسكر، لذلك فإن لا قيمة غذائية لهذا النوع من الخبز»، مشيراً إلى أنه «يعاني من مشكلة أساسية هي التكسّر السريع (الفتّ) بعد مضي أيام قليلة على انتاجه، الأمر الذي يدفع المنتجين إلى إضافة مواد حافظة له لإطالة مدة صلاحيته».
وإذ يؤكد أن «إضافة المواد الحافظة مسموح ولكن وفق المعايير المعتمدة دولياً»، يشدد حسن على أن «الضرر الناتج من تلك المواد يختلف من شخص إلى آخر بحسب مستوى الاستهلاك اليومي لكلّ فرد من الخبز. وفي هذا الإطار، فإن لبنان لا يملك دراسات تفصيلية عن حجم استهلاك المواطن من الخبز، ولا وجود لبيانات تؤكد نوعية المواد الكيميائية المضافة ونسبها، علماً أنه لا يمكن لأي دولة في العالم إدارة قطاع إنتاجي على هذا القدر من الأهمية كقطاع إنتاج الخبز سوى من خلال دراسات مفصلة ومحددة».
ويؤكد أن «لا صورة واضحة عما يحصل في المطاحن والأفران»، كاشفاً أنه «أثناء إعداد الدراسة، علمنا أن بعض الأفران الضخمة تلجأ إلى إضافة مادة الـ(Titanium Dioxide) للطحين بهدف جعل لونه أكثر بياضاً، وبالتالي جعله أشهى وأكثر قبولاً لدى المستهلك، الذي غالباً ما يُخدع بشكل المنتج»، موضحاً أن «(التيتانيوم ديوكسايد) مادة مبيّضة تُستخدم عادةً في الطحينة (المخصصة لصنع الحمص) بهدف التخفيف من حدّة لونها البني وجعله أقرب إلى اللون الأبيض. على الرغم من أن هذه المادة باتت ممنوعة في العديد من الدول أو محددة الاستخدام وفق نسب دقيقة، لما لها من تأثير جانبي سلبي على صحة الإنسان». يرفض حسن تحميل مسؤولية الغشّ الحاصل في هذا القطاع لأصحاب الأفران وحدهم، مشدداً على أن «مسار مراقبة إنتاج الخبز طويل ودقيق للغاية، ويجب أن يبدأ من لحظة استيراد القمح للتأكد من جودته إلى كيفية التخزين والتوضيب والنقل، مروراً بعملية الطحن في المطاحن ومدى مطابقة أجوائها مع ما هو مطلوب لناحية الشروط الصحية والنظافة، ومن ثم التوزيع للأفران، وصولاً إلى عمليتي العَجن والخَبز، اللتين يجب أن تتوافقا مع فحص للمياه المستخدمة ولأجواء الفرن من حيث درجات الحرارة والرطوبة. فضلاً عن توضيب الخبز بأكياس نايلون نظيفة وتوزيعه»، مشيراً إلى أن «هذا الملف يتحمل مسؤوليته المورّد والمستورد والدولة والمطاحن وأصحاب الأفران والصناعيون».

المعايير والمواصفات
ينفي عدد من أصحاب الأفران في اتصال مع «السفير» استخدام مواد كيميائية في الخبز، مشددين على أن «الخبز العربي يخرج من الفرن (مطهراً)، خالياً من أي نوع من البكتيريا»، علماً أن السموم الكيميائية تقاوم بشكل كبير الحرارة على عكس البكتيريا، وتبقى موجودة داخل الخبز حتى بعد خروجه من الفرن وتوضيبه.
وتذرّعوا بأن «غياب المواصفات المحددة للخبز العربي والأسمر يُعقد عملية الخَبز، وبالتالي يدفع بعض الطهاة إلى إضافة مواد معينة». ذلك، دفعنا إلى التوجه للبحث عن معايير الخبز ومواصفاته، فالتقت «السفير» مدير عام مركز المواصفات والمقاييس (Libnor) لانا درغام التي أكدت وجود مواصفات لكل أنواع الخبز، مشددةً على أنه «لا يمكن أن يتوفر منتج غذائي في السوق من دون مواصفات، وعادةً نعتمد في تحديدها على المعايير المتبعة دولياً، ولكن في حال كان المنتج محلياً مثل الخبز، نقوم بدراسات عدة ونؤلف لجاناً تكون مهمتها تحديد المعايير والمواصفات انطلاقاً من نتائج التحاليل والاختبارات وبشكل مطابق لإمكانيات السوق اللبناني».
وتؤكد درغام أن «المواصفات تتغيّر مع مرور الزمن، وذلك انطلاقاً من المتغيرات الحاصلة في السوق والتطور في نُظم الاستهلاك»، موضحةً أن «المواصفات الخاصة بالخبز وُضعت في العام 2002 وحملت الرقم 240 وصدر قرار إلزاميتها في العام 2004 مع نشرها في الجريدة الرسمية. وفي العام 2010 تم تحديثها وفق دراسة جديدة للسوق والمُنتج، ووافقت عليها اللجنة الفنية المختصة بتاريخ 23/6/2010، إلا أنها لم تُنشر بعد في الجريدة الرسمية».
وتشدد درغام على أن «المركز غير معني بالعملية الرقابية، وبالتالي ليس من اختصاصنا مراقبة مدى مطابقة إنتاج الخبز مع المواصفات المحددة من قبلنا، بل هذا يندرج ضمن صلاحيات وزارتي الصحة والاقتصاد».
وبحسب «ليبنور» يُسمح بإضافة بعض المواد إلى الخبز شرط أن تكون مطابقة للمواصفات القياسية اللبنانية، ومنها السكر (وفق ما يتناسب مع ممارسات التصنيع الجيد)، الحليب المركز أو المبخر أو المكثّف أو المحلّى أو المجفف (وفق ما يتناسب مع ممارسات التصنيع الجيد)، دقيق فول الصويا ودقيق البقوليات (وفق ما يتناسب مع ممارسات التصنيع الجيد)، بروتينات الكلسيوم أو الصوديوم لمقاومة العفن على ألا يتعدى مجموعهما 0.3 في المئة.
ويشير مركز «ليبنور» إلى أن المعادن الثقيلة يجب ألا تتعدى المستويات القصوى المحددة، مثلاً يجب ألا يتعدى الرصاص الـ0.2 في المئة، والنحاس 10 في المئة، والكادميوم 0.2 في المئة. كذلك، يجب ألا تزيد نسبة الـ Zearalenone عن 50 ميكروغرام/كغ، والـ Deoxynivalenol عن 500 ميكروغرام/كغ، والـ Ochratoxin عن 3 ميكروغرام/كغ. ويجب ألا تزيد مجموع سموم «الأفلاتوكسين» (B1, B2, G1, G2) عن 3 ميكروغرام/كغ. وأوضح أن خلطة الإنتاج يجب ألا تخلّ بالمتطلبات المحددة في المواصفة القياسية اللبنانية رقم 656 الخاصة بـ «القواعد العامة لصحة الغذاء»، وبالتالي أن يتوافق المنتج مع الخصائص الميكروبيولوجية المحددة.
وشملت المواصفات كيفية التعبئة والتخزين والنقل، حيث أشارت إلى أنه يجب أن يُترك الخبز ليبرد إلى حرارة الغرفة العادية قبل التعبئة، وأن يُعبأ في أكياس مغلقة من «الإيتيلين» أو أكياس ورقية مناسبة، وأن تكون الأكياس نظيفة وجافة ولم يسبق استعمالها ولا تؤثر على خصائص الخبز. وأن تكون وسائل النقل مجهزة بطريقة تحافظ على خصائص الخبز الطبيعية وتحميه من التلوث، وأن يتم عرض الخبز في مراكز البيع في أماكن نظيفة وملائمة. وحدد «ليبنور» في المواصفة القياسية اللبنانية الخاصة بـ «لصقات المواد الغذائية المعبأة مسبقاً» أنه يجب أن يدوّن على أكياس التعبئة اسم المنتج وصنفه، والوزن الصافي بالوحدات المترية وفقاً للنظام الدولي، وقائمة المكونات على أن تكون مرتبة ترتيباً تنازلياً وفق نسبها، والمواد المضافة في حال استعمالها، واسم المنتج وعنوانه وعلامته التجارية إن وجدت.

وزارة الاقتصاد: الإمكانيات محدودة
إذاً، المواصفات موجودة بشكل تفصيلي، ولكن هل المراقبة فعالة؟ ومن هي الجهات المخوّلة مراقبة السوق ونوعية الإنتاج؟ وهل تتم المحاسبة بعد ضبط منتجات مخالفة؟ تلك الأسئلة تشرّع الباب واسعاً أمام البحث عن مسؤوليات الوزارات، وعلى رأسها وزارة الاقتصاد. وبحسب مستشار وزير الاقتصاد البروفيسور جاسم عجّاقة فإن «الوزارة ليست وحدة اختصاصية»، مشيراً إلى أنها «تقوم بفحوصات على نوعية البنزين وعلى نوعية الخبز، ولكن المراقبين الذي يقومون بالفحوصات ليسوا بالضرورة خبراء لأننا لسنا وحدة اختصاصية».
ويوضح عجّاقة أن «القانون يحدد للوزارة عدداً معيناً من الفحوصات المسموح القيام بها، والباب ليس مفتوحاً لإجراء الفحوصات في أي وقت».
ويشدد على أن «الواقع الذي نعيش فيه يطرح إشكالية حقيقية حول سلامة الغذاء، لا سيما مع أزمة النفايات التي أثرت مباشرةً على المياه الجوفية، فهل لنا أن نعرف من يتأكد من سلامة المياه التي تروي المزروعات وحقول القمح؟ ومن يكشف على الأفران والمطاحن الموجودة في المناطق التي لجأت إلى حرق النفايات أو التي تقع بالقرب من المطامر (المطاحن قرب نهر بيروت مثلاً)؟ ومن يضمن عدم تلوث الأطعمة عبر انتقال الحشرات؟»، كاشفاً أن «سلامة الغذاء لا سيما الخبز أمر دقيق ولا نتهاون فيه، لذلك تقوم الوزارة بإجراء فحوصات على عينات من الخبز والطحين دورياً وهي تسعى إلى إطلاق حملة في هذا الإطار قريباً».
وعلمت «السفير» أن «مصلحة حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد كشفت على أحد الأفران منذ حوالي أسبوع عند السادسة صباحاً، وحصلت على عينة من المياه التي يستخدمها في صنع الخبز لفحصها، بناءً على شكوى وردت إلى المصلحة تُفيد بتلوّث المياه. كذلك أجرت المصلحة منذ شهر فحوصات مخبرية على عدد من عينات طحين أُخذت من تسع مطاحن موجودة في بيروت وجبل لبنان، وتبيّن أنها جميعها مطابقة للمواصفات والمعايير».
بدوره، يوضح مدير مصلحة حماية المستهلك طارق يونس كيفية العمل في الوزارة. ويشير إلى أن «عمليات الكشف تشمل المطاحن من جهة والأفران من جهة أخرى. وفي المطاحن يُجري مراقبو الوزارة فحوصات على عينات من الطحين المُعد لصنع الخبز اللبناني بشكل دوري، وغالباً ما تأتي النتائج إيجابية، فتكون العينات مطابقة للمواصفات المطلوبة. أما في الأفران فيأخذ المراقبون عينات من الخبز لتحليلها ومعرفة مدى مطابقتها للمعايير جرثومياً وكيميائياً».

فحوصات «السفير»: الخبز نظيف
نظراً لضخامة قطاع إنتاج الخبز يبدو من المستحيل ضبطه كلياً، لا سيما في ظل الإمكانيات المحدودة للوزارات. إلا أنه مع إنشاء اللجنة الوزارية المختصة بسلامة الغذاء والتي من شأنها التنسيق بين وزارتي الاقتصاد والصحة، لعدم تضارب الصلاحيات بينهما، خطا قطاع الغذاء نحو الأمام في تطور ملحوظ. وهو ما أثبتته نتيجة الفحوصات المخبرية التي أجرتها «السفير»، بتاريخ 15-2-2016، على خمس عينات من الخبز اخترناها عشوائياً من السوق، وشملت الشقيّن الجرثومي والكيميائي، وتبيّن خلوّها من أي نوع من الجراثيم والمواد المضرة ومطابقتها للمواصفات المعتمدة.
إلا أن تلك النتيجة لا تعني خلو السوق نهائياً من الخبز الفاسد أو الذي يحتوي على مواد حافظة خطرة، بحسب برّو.
وإذ يُثني برّو على الخطوة التي قامت بها «السفير» في هذا الظرف الطارئ، يشير إلى أنها «لا تُغطي سوى ما نسبته 20 في المئة من القطاع، وبالتالي لا يمكن أن نعمم (الإيجابية) التي عكستها نتائج فحوصات لخمس عينات على السوق برمته»، موضحاً في الوقت نفسه أن «الاتجاه العام لدى الشركات المُنتجة للخبز هو نحو تحسين أوضاعها، وهو مؤشر ظهر بوضوح مع انطلاق الحملة التي قام بها وزير الصحة على قطاع الغذاء بشكل عام».
إلى ذلك، علمت «السفير» أن وزارة الصحة العامة أجرت في الشهر الماضي فحوصات على 10 عينات من الخبز، سُحبت من أكبر الأفران في لبنان، وثبت أيضاً خلوّها من أي سموم كيميائية وجرثومية.

أبو فاعور: قمح «مسرطن» في الأسواق
أكثر من سنة ونصف مرت على بدء «حملة سلامة الغذاء»، ولا يزال وزير الصحة العامة وائل أبو فاعور يُفاجئ اللبنانيين بالكشف عن فضائح غذائية تُهدد صحتهم. إذ كشف أمس، عن دخول كميات من القمح الفاسد إلى الأسواق المحلية.
وأعلن أبو فاعور في مؤتمر صحافي عقده في مكتبه في الوزارة، أن «فريقاً من وزارة الصحة أخذ بتاريخ 12/2/2016 سبع عينات من دفعة واحدة من القمح المستورد والمُخزّن في إهراءات مرفأ بيروت، وأظهرت النتيجة أن أربع عينات من أصل السبع غير مطابقة للمواصفات، وبلغت نسبة (الأوكراتوكسين) فيها نحو 15 ميكروغرام/كغ، بينما المعدل المسموح به هو 5 ميكروغرام/كغ».
أضاف أنه «بتاريخ 24/2/2016 أخذ الفريق نفسه 24 عينة من دفعتي قمح، (12 عينة من كل دفعة)، وأظهرت النتائج أن الدفعة الأولى (12 عينة) مطابقة للمواصفات. في حين أن 5 عينات من الدفعة الثانية (5 من أصل 12 عينة) غير مطابقة، وبلغت نسبة (الأوكراتوكسين) فيها نحو 26 ميكروغرام/كغ».
وأوضح أبو فاعور أن «الأمر خطير وينعكس سلباً على كل المواد الغذائية التي يدخل الطحين كمادة أساسية في إنتاجها، لأن (الأوكراتوكسين) كناية عن سموم فطرية مسرطنة، ووجود مخزون كبير منها في الجسد يمكن أن يؤدي إلى نشوء خلايا سرطانية وتشوهات خلقية، كما يؤثر على الجهاز العصبي»، مشيراً إلى أنها «أيضاً من مسببات داء الألزهايمر».
وأعلن وزير الصحة عن توجيه كتاب إلى مؤسسة المواصفات والمقاييس «ليبنور» تمنى فيه العمل على تعديل مواصفات الحبوب وزيادة فحص مادة «الأوكراتوكسين» المسببة للسرطان كفحص أساسي عند دخول الحبوب إلى لبنان.
وأوضح أنه وجه كتابين إلى كل من وزير الاقتصاد والتجارة آلان حكيم ووزير المالية علي حسن خليل، يطلب فيهما الإيعاز لمن يلزم وفي الجمارك لعدم إدخال شحنات القمح قبل إجراء فحص «الأوكراتوكسين» عليها.

ساندي الحايك
السفير بتاريخ 2016-03-17 على الصفحة رقم 4 – محليّات
http://assafir.com/Article/481761

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى