إستقالة فتريث فعودة مشروطة… ولكن!

بين 4 تشرين الثاني و4 كانون الأول ثلاثون يومًا بالتمام والكمال كانت كافية لوقف عقارب الساعة اللبنانية وتجميد الحياة السياسية وتعطيل إعمال مجلس الوزراء، الذي كان يعمل، منذ إنطلاقته وحتى يوم إعلان الرئيس سعد الحريري إستقالته، بوتيرة مقبولة نوعًا ما، أقله بالنسبة إلى رئيس الحكومة الذي كان يصّر حتى اللحظة الأخيرة قبل إستقالته، على أن الأمور ماشية، وأن ما هو منتظر من الحكومة حتى موعد الإنتخابات النيابية حتى تنجزه الكثير الكثير، على رغم ما كان يحوم حول العمل الحكومي من تساؤلات بالنسبة إلى بعض الصفقات في عدد من الملفات، وأهمها ملف الكهرباء، وما يستتبعه من ملفات لها علاقة بالتلزيمات النفطية.

فما بين 4 تشرين الثاني و22 منه كان لكل فريق مقاربته السياسية لإستقالة الحريري وما تبعها من مواقف غامضة وملتبسة لرئيس الحكومة المستقيل حتى خروجه من الرياض إلى باريس، ومنها إلى بيروت حيث شارك في إحتفالات ذكرى الإستقلال وإعلانه التريث في بت موضوع إستقالته بناء على تمنٍ من رئيس الجمهورية.

فالرئيس ميشال عون ومعه الرئيس نبيه بري والسيد حسن نصرالله أصرّوا على إعتبار أن إستقالة الرئيس الحريري غير قائمة وغير دستورية وأن وجوده في الرياض أمر خارج عن إرادته، وأعلنوا تريثهم حتى عودته إلى بيروت “ليبنى على الشيء مقتضاه”، فيما اعتبرت “القوات اللبنانية” أن ما جاء في الأسباب الموجبة التي تضمنها بيان الإستقالة مبرّر ومحقّ، وهي التي كانت قد لوحّت قبل إستقالة الحريري بإمكانية لجوئها إلى الطلب من وزرائها تقديم إستقالتهم في حال تجاوزت الحكومة الخطوط الحمر وذهبت بعيدًا في سياسة عدم الإلتزام بالنأي بالنفس عن صراعات الآخرين أو محاولة تطبيع العلاقات مع النظام السوري.

وتبعًا لهذا الموقف القواتي المستند إلى حيثيات كتاب الإستقالة، الذي كتبه الحريري بنفسه، كما قال، قامت القيامة ولم تقعد وإدرجت “القوات” في خانة التخوين والتحريض، حتى أن البعض ذهب إلى ابعد من ذلك بكثير حين أتهمها بالتحريض على الفتنة، وهذا ما نفته معراب جملة وتفصيلًا.

ووفق منسوب التفاؤل بإمكانية نضوج التسوية، التي شغلت الحريري والوزير جبران باسيل طيلة “الويك اند الباريسي”، ودخل على خطها الوزير علي حسن خليل ونادر الحريري، فإنها ستظهر إلى العلن في بحر هذا الأسبوع، في إنتظار وضع اللمسات الأخيرة وصياغة بيان العودة عن الإستقالة بلغة منمقة، بحيث لا يموت الذئب ولا يفنى الغنم، وبالطبع من دون تلميح إلى من هو الذئب ومن هم الأغنام.

وعلى رغم هذا التفاؤل وتعمّد البعض إشاعة الأجواء المطمئنة، فإن ثمة “شياطين” كثيرة لا تزال تستهويها التفاصيل حتى اللحظة الأخيرة، إذ لم تتضح بعد بما يكفي التطمينات الملتبسة حول مسألة “النأي بالنفس” وترجمتها بالفعل وليس فقط بالقول، وقد تكون التطورات الأخيرة في اليمن وراء المزيد من التريث.

وفي المناسبة نذكّر بأنه في هذا اليوم تكثر الوجوه المستعارة لتخفي الوجوه الحقيقية.

اندريه قصاص – خاص “لبنان 24”

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى