افتدت ابنها بروحها ورحلت…… لم تكن تعاني من أي مرض او اي عوارض، وفجأة تدهورت حالتها سريعا بعد ان وهبته الحياة!

“على ايقاع نبض قلبها، كان ينمو… من روحها، غرف قبضة من حياة وتنفس… دغدغ احشاءها فابتسمت، حتى مرت اناملها الناعمة قربه، فراح يداعبها من خلف جدار واق… فرحت بركلاته الصغيرة وامسكت بيد طفلتها “السا” او ربما زوجها “ايلي” ليعيشا جزءاً من روعة ما تعيشه ولكن… لا احساس يضاهي نبل شعور الامومة… وها هي اليوم قد افتدت ابنها بروحها…. صبر جسدها الشاب على سطوة الفيروس الخبيث حتى ولدت طفلها سليماً، فخارت قواها ورحلت…. وداعا “سوميا”…. !!

في الايام الاخيرة من حملها بطفلها الثاني، دخل “كورونا” الى منزل الشابة الجنوبية سوميا شوقي نهرا (35 سنة) وزوجها ايلي نادر (من بلدة كفروة في النبطية). تسلل ماكراً الى جسد الأم التي كانت ترعى طفلتها الصغيرة “السا” (سنة ونصف)، وتحضر معها ومع ابيها لفرحة قدوم أخيها الصغير. تغلغل المرض فيها، الا ان جسدها استحال حصنا منيعا لطفلها، فقاوم جميع عوارضه، وفق ما افاد مقربون من العائلة لموقع “يا صور”… الفيروس الذي هزم كبرى امبراطوريات العالم، خر صاغرا ضعيفا في حربه امام “أمومة” سوميا، فاستكان وتوارى سراً…

قبل 3 ايام، نقلت سوميا الى مستشفى رفيق الحريري الجامعي في بيروت، حيث تمت ولادتها في القسم المخصص للأمهات المصابات…. وبدل ان تطرب لصوت بكائه الاول وان تفتح ذراعيها لتحضنه ويلامس جسدها من انتظرته اشهرا طويلة، نقل الوليد الى غرفة اخرى ليخضع للفحص… واعيدت الام الوالدة الى غرفتها الاستشفائية… كلها أمل واصرار على هزيمة الفيروس، كي تكسر حجرها وتضمه للمرة الأولى ولو بعد حين ولكن…

فجأة، خارت قوى جسدها الشاب واستسلمت للفيروس الذي بعث جبارا فيها من جديد…. “سوميا” التي ما كانت تعاني ابدا من اي مرض مزمن قد يضعف مناعتها ولم تعان من اعراض الاصابة حتى، فجأة تدهورت حالتها بسرعة امس… ما عادت الأم الجبارة التي تحملت كل الآلام من اجل طفليها… خانت رئتاها على عجل، وتضاءلت انفاسها حتى لفظت اخيرها عصرا…

يقولون ان الأم تهب عمرها لاطفالها، و”سوميا” وهبت الحياة لطفلها حقا، ثم ارتقت لتكون ملاكا حارسا من علياء السماء له ولشقيقته الصغيرة ولزوج مفجوع بخسارة شريكة عمره التي وعد نفسه ان يعود معها ومع طفليهما الى “البيت السعيد” الذي باركاه بالحب وبنياه بالشغف…

برحيل سوميا، يفقد الجنوب “ثاني ام حامل” في اقل من اسبوع بعد كاترين هاشم التي فقدت جنينها وتوفيت بعده…. امهات شابات قُدمن قربانا في سبيل ايقاظ ضمائر المستهترين…. مئات غيرهما خسروا حياتهم ليدقوا ناقوس الخطر، ولكن…. اما زال هناك من أمل لقيامة “الوعي” في الوطن الحزين؟

المصدر : عبير محفوظ

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى