الأسعار نار.. والمحجورون تحت رحمة ‘الدكنجي’ و’الديليفري’!

تقف نوال حيدر(ربة منزل وأم لأربعة أولاد) مشدوهة حين يقول لها جارها “الدكنجي” في منطقة حارة حريك، أن ثمن كيلو الليمون “بو صرة” 7500 ليرة، فتجيبه قائلة “نحن في عز الموسم وطول عمرو أحلى كيلو ليمون ب3 ألأف ليرة في مثل هذا الوقت” فيجيبها “كل شي غلي يا جارة”.

تقول نوال أنها دفعت ثمن صنف واحد من الفواكهة (3 كيلو) 22 ألف ليرة، في حين مستلزمات طبختها ستكلفها (بين خضار ولحوم وخبز) نحو 75 ألف ليرة، يعني أنه عليها أن تدفع يوميا ما يقارب 100 ألف ليرة حتى تسد جوع عائلتها، في حين أن راتب زوجها الموظف لا يتجاوز مليونان و400 ألف ليرة.

نوال هي واحدة من آلاف اللبنانيين الذين تعلو صرخاتهم من إرتفاع الاسعار بشكل جنوني، منذ بدء إقفال البلد بسبب جائحة كورونا، فحالة الحجر المنزلي دفعت أصحاب معظم الدكاكين البقالة إلى زيادة أسعارهم بنسبة تتراوح بين 10 و20 بالمئة بحجة خدمة “الديليفري”. فسعر كيلو العدس صار 11 ألف ليرة بعد أن كان 8 آلاف ليرة، وسعر كيلو اللحمة (بقر) 46 ألف ليرة بدلا من 40 ألف وكرتونة البيض 24 الف بدلا من 20 ألفا، أما أسعار الخضار فحلّقت عاليا وكل “دكنجي” يضع السعر الذي يريده من دون حسيب أو رقيب .

كل ما سبق يدفع للسؤال على من تقع مسؤولية أرتفاع الاسعار؟ المزارع أم التاجر؟ و أين دور جمعية حماية المستهلك ووزارة الاقتصاد في هذا الموضوع، خصوصا أن لبنان يعيش حالة طوارئ صحية وأمنية، ولا بد أن تكون أجهزة الرقابة مستنفرة في حدودها القصوى، لتخفيف وطأة الاقفال على كاهل المواطن المحدود الدخل.

يشدد رئيس تجمع مزارعي البقاع إبراهيم ترشيشي لـ”جنوبية” أن “المزارع اللبناني يقوم بواجباته كاملة والبضائع تصل إلى الاسواق بشكل طبيعي، ولكن نقطة الضعف هي أن المواطن لا يمكنه التسوق في فترة الاقفال بل طلب ما يحتاجه عبر الديلفيري، وهذا يعني أن توزيع الخضار يتطلب أكثر من 1000 عملية ديلفيري كل يوم على الاقل”، لافتا إلى أن”هذا ما يؤدي إلى عدم قدرة المزارع على تصريف إنتاجه كاملا، بل نحو 60 أو 70 بالمئة منه فقط، وبأسعار معقولة وأقل مما تستحق البضائع نتيجة تراجع الطلب، ولكن أصحاب محال البقالة يستغلون الفرصة، ويرفعون الاسعار لقاء خدمة التوصيل التي يقدمها، فيفرضون على المستهلك البضائع والاسعار التي يريدونها” .

يضيف:”الفواكهة والخضار تشترى بالنظر وليس عبر الهاتف، ولذلك دائما كنا نرفع الصوت أمام المسؤولين، كي يتركوا المواطن ليشتري حاجياته من عند البقال ولا يجوز التحكم فيه بهذه الطريقة”، مؤكدا أن “كل أسعار الخضار والفواكهة إنخفض سعرها في السوق ما عدا سعر الافندي (لأنه رجعي ويكلف إنتاجه)، أما البندورة والارنبيط والملفوف والحامض فكلها تسلّم إلى التجار بأسعار معقولة جدا”.

يرى ترشيشي أن “الحل عند لجنة كورونا ومجلس الدفاع الاعلى، إذ يمكن للمواطن ان يتحمل تداعيات الاقفال لأسبوع على الاكثر، ولكنه لا يمكنه تحمل الخسائر لا هو ولا المزارع حتى آخر فترة الاقفال، خصوصا ان اسعار الخضار إنخفضت نحو 50 بالمئة منذ بدء الاقفال”.

ويختم:”سعر قفص الحامض 25 الى 30 الف ليرة وهذا السعر لم يسجل منذ سنة، علما ان كلفته على المزارع اكثر من 15 الف ليرة على المزارع”.

على ضفة جمعية حماية المستهلك، يشرح رئيسها زهير برو لـ”جنوبية” أنه “لايمكن لجمعية حماية المستهلك إلا أن تتابع حركة السوق في هذه المرحلة، وأيضا وزارة الإقتصاد لا يمكنها فعل شيء حيال ما يحصل، لأننا أمام نمط من الاقتصاد الذي يوصل إلى النتيجة التي يلمسها المواطنين”، شارحا أن “الناس ملتزمة بالحجز المنزلي وملجأها هي دكاكين البقالة الموجودة بالقرب من منزلها، وهذا يعني أن لا خيارات كبيرة أمامها و لا منافسة تحد من إرتفاع الاسعار، وهذا ما يدفع أصحاب هذه الدكاكين إلى رفعها بشكل جنوني كما نشهد اليوم”.

ويختم:”وزارة الاقتصاد لا يمكنها القيام بأي خطوة، نحن في بلد تنفلت كل الامور من عقالها، بدءا بكورونا والوضع السياسي وصولا إلى الوضع الاقتصادي والغلاء الفاحش لأسعار المواد الغذائية والخضار والفاكهة، فالأسعار “فلتانة” والدكاكين تستفرد بالمواطن بدون رحمة”.

المصدر : باسمة عطوي | جنوبية

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى