التعليم أنلاين | «تخبيص» عن بُعد!

تحت عنوان «التخبيص» عن بُعد: ضعف المستويات آتٍ، كتبت فاتن الحاج في الأخبار:

تجربة التعليم عن بعد أظهرت أن «التخبيص» الحاصل لا يكمن في استخدام الوسائط التواصلية المستخدمة بل في غياب إعداد المعلمين للمحتوى المقدّم عبر هذه الوسائط وعدم وجود هندسة تربوية تضمن عملية الاكتساب. النتيجة، عاجلاً أم آجلاً، ستظهر ضعفاً في مستوى التلامذة

مع فتح وزارة التربية مسارات مختلفة للتعليم عن بعد، في غياب التخطيط ووحدة المعايير، تُرك كلٌّ من مكوّنات الأسرة التربوية «يدبّر راسو بمعرفتو». نحو 60 في المئة من تلامذة المدارس الرسمية اختاروا – طوعاً أو قسراً – التعليم بواسطة «واتساب». 10 في المئة فقط من المعلمين في القطاع الرسمي البالغ عددهم نحو 40 ألفاً تلقّوا «تدريباً إلكترونياً»، فيما تنطبق مقولة «الشاطر بشطارتو» على بقية المعلمين الذين سعى بعضهم إلى التدرّب الذاتي على المنصات التعليمية التفاعلية («تيمز» و«زوم» وغيرهما)، و«هرب» قسم آخر إلى «واتساب»، إما لعدم إجادتهم استخدام هذه المنصات، أو لأنهم استسهلوا الوسيلة بسبب تجاوب الأهل الذين لا يريدون الالتزام بتعليم تزامني مباشر والبقاء إلى جانب أبنائهم في أوقات محددة. وبذلك، يمكن أن يعودوا إلى الرسائل والـ«فيديوهات» التي تُرسل عبر التطبيق في أيّ وقت.

الأستاذ الخصوصي «شرط» النجاح: التعليم للميسورين فقط! زينب حمود

في المقابل، كثر من الأهالي شكوا من كمية الـ«فويسات» والـ«فيديوهات» التي يتلقّونها يومياً من دون أي شرح للموضوعات والمفاهيم. إذ «بيبعتولنا 20 فويس بالنهار ونحنا بدنا نفرزها»، كما تقول إحدى الأمهات التي أصبحت مقتنعة بأن الاعتماد على أستاذ المدرسة وحده لم يعد يكفي لنجاح ابنها في البريفيه، ولا بد من الاستعانة بمدرّس خصوصي لإعادة شرح الدروس.

بعض المديرين يتحدثون عن «مشهد مخيف». إذ أن بعض التلامذة «لا يحضرون الصفوف وليس هناك أي تواصل بين المدرسة والأهل الذين لا يملكون أدنى فكرة عن تحصيل أبنائهم، إما بسبب ظروف معينة أو لاستخفافهم بالتعليم عن بعد». بحسب مدير متوسطة رسمية، الخلل الأساس «يكمن في تخبّط الإدارة التربوية في وزارة التربية والتناقض بين القرارات الارتجالية. فمن جهة يدعوننا إلى عدم إرهاق التلامذة، ومن جهة يفرضون علينا إعطاء 6 حصص تعليمية في اليوم ويسلبوننا سلطة محاسبة الأساتذة المنكفئين عن أداء واجباتهم». فيما «لم ينجح الرهان على انحسار موجة كورونا ولم توضع خطة ترميم لتعويض التلامذة ما فاتهم من الكفايات المفترض تحصيلها منذ العام الدراسي الماضي».

التلامذة «يُظلَمون في ظل معوقات كثيرة أمام التعلم عن بعد ولا سيما بالنسبة إلى التجهيزات والإنترنت والواقع الاقتصادي»، بحسب أستاذ الفلسفة في التعليم الثانوي الرسمي حسين غدار. صحيح أن «معظم الأساتذة يقومون بأفضل الممكن ضمن المتاح»، إلا أنه لا جدل حول الإنتاجية المحدودة للتعليم عن بعد، رغم أن هذه الإنتاجية تتفاوت بين مدرسة وأخرى ومرحلة عمرية وأخرى، بحسب رئيس اللجان النقابية في التعليم الأساسي الرسمي ركان الفقيه، لافتاً إلى عدم جواز «جلد الأستاذ الذي، كما التلميذ، يعمل في ظروف خانقة صحياً واقتصادياً وفي ظل نظام تربوي متخلّف». لكنه لا يستبعد أن «يتلكأ البعض في أداء واجباته، لكون الإدارة التربوية تركت الأستاذ لضميره، فالرقابة ضعيفة، والمتابعة من جهاز الإرشاد والتوجيه خجولة، في حين أنه ليست لهذا الجهاز صفة المحاسبة». أضف إلى ذلك أن «أزمة التعليم الأساسي الرسمي تكمن في عدم معالجة ملف المتعاقدين لجهة تثبيتهم وإعطائهم حقوقهم علماً أنهم يمثلون الجزء الأكبر من الجسم التعليمي في هذا القطاع».

للقطاع الخاص أيضاً مشاكله مع التعليم عن بعد. فالعودة إلى الصفوف في بداية العام الدراسي كشفت، بحسب عضو مجموعة «نقابيات ونقابيون بلا قيود» والتيار النقابي المستقل، مهى طوق، حجم الفجوة التعليمية بعد الترفيع الآلي للتلامذة العام الماضي. وفي التعليم الخاص، «يظهر واضحاً التفاوت واللاعدالة». ففي حين تؤمّن بعض المدارس الكبيرة 20 أو 40 جيغابايت للتلامذة لمتابعة التعليم «أونلاين»، لا يختلف حال التلامذة «الفقراء» في هذا القطاع عن تلامذة المدارس الرسمية. وفق طوق، «عاجلاً أم آجلاً ستظهر نتائج التخبط ضعفاً في مستوى التلامذة، في حين أنه كان ينتظر ابتداع خطة وطنية تقوم على التعاضد الاجتماعي من خلال السماح للأساتذة الذين يملكون كفاءات ومهارات إلكترونية في التعليم الرسمي والخاص بتدريب زملائهم في التعليم الرسمي والمدارس الخاصة في الأطراف، ولا سيما خلال الصيف الماضي وفي الفترات التي رُفع فيها الحجر». المسؤولية الثانية تقع، بحسب طوق، على بعض إدارات المدارس الخاصة التي لا تصغي إلى مشاكل الأساتذة في هذا التعليم، والهم الأساس بالنسبة إليها أن تظهر للأهل بأنها تدرّس أبناءهم لتبرير تحصيل الأقساط. وتؤكد أن الأستاذ غير قادر على تقييم التلميذ بطريقة عادلة وموضوعية من خلال الاختبارات «أونلاين» بسبب تدخّل الأهل مباشرة في المراحل الأساسية لمساعدة أبنائهم واختراع بعض الطلاب بغطاء من أهلهم أحياناً أدوات غش محترفة عصية على الاكتشاف ولا سيما في المراحل التعليمية العليا، مثل وصل الكمبيوتر بالتلفزيون وغيرها.

الحصة عن بعد لا يجب أن تتجاوز الـ 20 دقيقة بالحد الأقصى لضمان فعّالية الاكتساب
يذهب الباحث في التربية والفنون نعمه نعمه إلى أن «ما يحصل في المدارس حالياً ليس تعليماً عن بعد، إنما تمرير لوقت التلامذة وتبرير لدفع رواتب الأساتذة». إذ «ليست هناك معايير لقياس عملية الاكتساب، والملامة لا تقع على المعلمين الذين يقوم معظمهم بجهد استثنائي».

لقراءة المقال كاملاً: الأخبار

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى