الجبير لم ينجح في تجبير العلاقة مع لبنان..فكيف الحال مع الحريري؟

عاد ​وزير الخارجية​ السعودي ​عادل الجبير​ الى موقعه، هذا الموقع الذي سلبه منه سابقاً في الشق ال​لبنان​ي وزير الدولة لشؤون ​الخليج​ ​الفارسي ثامر السبهان​، عاد الجبير وامسك به انما لا يبدو انه متمكن من هذا الملف كما يجب.

ففي مقابلته الاخيرة، بدا الجبير ضعيفاً في الحديث عن الشق اللبناني، وهذا الامر متأتٍّ حكماً بسبب الاخطاء الكبيرة التي ارتكبتها ​السعودية​ في سياستها مع لبنان في الآونة الاخيرة، حتى أنّها فقدت حيزاً مهماً من نفوذها الذي كانت تفاخر به عند الحديث عن الورقة اللبنانية. لم يكن الجبير مقنعاً بتاتاً حين تحدث عن التطورات اللبنانية، وعن الأزمة التي تعرض لها ​رئيس الحكومة​ ​سعد الحريري​، حتى انه لم يكن يملك جواباً (صورياً على الاقل) حين سأله المذيع عما اذا تم اجبار الحريري على الاستقالة في السعودية، فاكتفى بـ… تجاهل السؤال!.

اراد الجبير الايجاء بأن السعودية لا تزال قادرة على “فرض” رغباتها وذلك حين قال ان ​الرياض​ تؤيد عودة الحريري عن استقالته، وانها بانتظار الوعود التي اعطيت لرئيس الحكومة بالنسبة الى النأي بالنفس. انما واقع الحال يقول انه لم تعد للسعودية كلمة فاصلة كما كان في السابق، لاعتبارات عدة لن نخوض في تعدادها ولكن منها على سبيل المثال لا الحصر، عدم تأييد ​رئيس الجمهورية​ لكلّ ما تقوله، والمرارة التي يشعر بها الحريري جرّاء ما حصل معه في الرياض، وعدم القدرة الميدانيّة لتغيير الواقع بعد انقسام الشارع السنّي حيال الموقف منها، وعدم ارتياحها المادي لفرض بعض الامور عبر اشخاص او مجموعات…

وانطلاقاً من هذا الواقع الجديد، فإن كلام الجبير لم يدخل في ذهن أحد، والا لكانت لهجته اكثر حديّة وتهديداً من جهة، ولكان اثار قصة ​قيس الخزعلي​، أمين عام تنظيم “عصائب أهل الحق” العراقي على الحدود واعتبرها تحدياً للبنان وللطائفة السنّية فيه، ولكان لعب على الوتر الطائفي او كان هدد بانهيار الحكومة وغيره من الكلام الذي كان يصدر عن مسؤولين سعوديين في السابق حين تحتدم الامور، وهو ما قام به السبهان في الفترة السابقة اكثر من مرة…

اضافة الى ذلك، لم يتطرق الجبير الى رد الحريري عليه في ما خص المسألة الاقتصادية و​المصارف اللبنانية​ و​حزب الله​، فاتجه عوضاً عن ذلك الى اتهام رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​ وانتقاد حزب الله لسياسته التي “اوقعت” الحريري وهذا الامر دفعه الى تقديم الاستقالة مستعملاً وللمصادفة، تعبير “الصدمة الايجابية”… ولو كان الوزير السعودي مقتنعاً بما يقوله، لكان دعا الحريري الى الانسحاب من الحكومة او تأجيل ​الانتخابات النيابية​ ريثما يتم تعديل القانون او غيرها من الامور. في المقابل، حاول الجبير الاشادة بلبنان وبدوره وواقعه وتعايش الطوائف فيه، واعتباره بمثابة “نموذج” للعرب، في محاولة لكسب اللبنانيين، متناسياً انه وقع في تناقض كبير بين ما قاله وما دعا اليه السعوديين سابقاً، لجهة تحرك اللبنانيين لمواجهة حزب الله، مع كل ما يعنيه ذلك من معاني الحرب والدمار وتقويض الاستقرار والمسيرة اللبنانية التي بدأت تأخذ شكلاً ايجابياً منذ فترة، ولو انه غير مرضٍ تماماً بالنسبة الى اللبنانيين.

اما الهفوة التي وقع فيها وزير الخارجيّة السعودي، وهو سياسي شغل منصباً حساساً وهو سفير بلاده في ​الولايات المتحدة​، فكان قوله انه لو لم يكن هناك لبنان “لكان علينا اختراعه او ابتكاره”، وغفل عنه ربما ان الدول لا تُخترع ولا تأخذ استقلالها بـ”شحطة قلم” بل عبر دماء شهدائها ومواطنيها الذين يثورون على الظلم والقهر والاستعمار، كما ان وجود لبنان قديم قدم شجر الأرز فيه، وليس منوطاً بقرار سعودي او حتى عربي لبقائه ولعب دوره الريادي في المنطقة، او ان يكون نموذجاً في التعايش والتوافق.

فقد الجبير بوصلته بعد ان فقدت السعودية توازنها في لبنان، وربما عليه إعادة النظر في طريقة مقاربته للامور في هذا البلد الصغير جغرافياً.

المصدر : النشرة

 

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى