الحريري | راجع بعد يومين أو ثلاثة..

توقفت الصحف عند إطلالة الرئيس سعد الحريري مساء امس من منزله في الرياض، للمرة الاولى منذ اعلان استقالته، عبر شاشة “المستقبل”.

ولفتت “النهار” إلى أنه أياً تكن ظروف المقابلة التلفزيونية، ومدى قبولها لدى البعض، أو رفض رئيسي الجمهورية ميشال عون ومجلس النواب نبيه بري وعدد من سياسيي لبنان مضمونها سلفاً، والامتناع محطات قوى 8 اذارعن بثها، وقطع بث اخرى في الضاحية الجنوبية لبيروت، اطل الرئيس سعد الحريري رجل دولة من الطراز الرفيع متمسكا بسيادة لبنان وداعياً الى التزام بنود التسوية الرئاسية لحماية البلد ومستقبل ابنائه. ورسم خطة طريق عودته، وعودة الدولة، مشترطاً النأي بالنفس عن صراعات المنطقة وحروبها، وقال: “سأقوم بكل الخطوات الدستوريّة في ما يتعلق بها (الاستقالة)، وتراجعي مرتبط بالنأي بالنفس، وسنلتقي خلال يومين أو ثلاثة في لبنان”،مضيفاً: “بدنا نعمل تسوية نهائية حقيقية مع “حزب الله” في الموضوع الاقليمي”.

ولفت “الجمهورية” تغريدة رئيس “اللقاء الديموقراطي” النائب وليد جنبلاط عبر “تويتر” والتي علق من خلالها على مواقف الحريري، فقال: “بالرغم من كل الصعاب والعقبات والعثرات تبقى يا شيخ سعد رجل التسوية رجل الحوار، رجل الدولة . تحية حارة، فيما غرد رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع غرّد قائلاً: “الشيخ سعد الحريري حلقة استثنائية، نحن في انتظارك!”

وقالت مصادر “القوات اللبنانية” لـ”الجمهورية” ان مقابلة الحريري “وضعت حدا لكل حملة التضليل والتشويش والفبركة والتحوير والافتراء وأكدت الأسباب الموجبة التي دفعت الحريري إلى الاستقالة، كذلك أكدت مضمون استقالته وجوهرها”. وأضافت: المعادلة التي طرحها الحريري واضحة جداً: العودة عن الاستقالة ممكنة شرط انسحاب “حزب الله” من أزمات المنطقة وإطلاق حوار داخلي حول سلاحه يختلف بطبيعة الحال عن الحوار السابق”.

“الأخبار”: السعودية “تتراجع”

ولفتت “الأخبار” إلى أن مقابلة الرئيس سعد الحريري أمس، نسفت محاولات التعمية على إقامته الجبرية في السعودية واحتجاز حريّته. إلّا أن مواقف الحريري أتت في سقف أدنى بكثير من ذلك الذي ظهر في بيان استقالته، ممّا يشير إلى توجه سعودي بالتزام التسوية بعد تعديل شروطها، بعدما فشلت المرحلة الاولى من الانقلاب السعودي في تحقيق غايتها.

ورأت “الأخبار” أن معدي مقابلة الرئيس الحريري على شاشة تلفزيون المستقبل، أمس، لم ينجحوا في تبديد انطباعات اللبنانيين التي تكوّنت منذ تقديم استقالته، عن كون رئيس حكومتهم مسلوب الإرادة في إقامته في المملكة العربية السعودية. لا شكلاً ولا مضموناً، تمكّن الحريري ومن يقف خلف المقابلة في إزالة هذا اللّبس، أو التخفيف من وطأته، بل على العكس، رسّخ التعب والقلق، اللذين ظهرا على وجهه وصوته، نظريّة إقامته الجبرية في مملكة القهر السعودية.

وتابعت”الاخبار”، وعدا عن ترتيبات المقابلة المفاجئة والسريّة التي أحيطت بها بدايةً، وعدم معرفة المحاوِرة الزميلة بولا يعقوبيان، بموعد المقابلة الدقيق حتى وصولها إلى الرّياض، وعدم معرفتها إن كانت المقابلة ستبثّ مباشرةً على الهواء أو سيتمّ عرضها لاحقاً بعد تسجيلها، كان كافياً أن يظهر رجلٌ في خلفيّة “الكادر” يرفع ورقةً للحريري، فيشيح رئيس الحكومة بنظره عن الشاشة، حتّى تزيد شكوك المتابعين بأن إحاطة الأمن السعودي للحريري في خطواته أكثر من حقيقة.

وأشارت “الأخبار” إلى أنه يمكن القول من خلاصة المقابلة إن من خطّط لهذه الاستقالة، منتظراً مفاعيل مختلفة عن تلك التي ظهرت على الساحة اللبنانية، اضطّر تحت وطأة الفشل إلى أن يخفض من سقف مواقفه، وهو ما ظهر على لسان الحريري أمس:

· أوّلاً، لم ينجح مهندسو الاستقالة في إحداث شرخ سريع على الساحة اللبنانية، إن على المستوى السياسي بين القوى أو على مستوى الشارع، على عكس التوقّعات بحدوث صدامات وهبّة مؤيدة للسعودية في بيئة تيّار المستقبل.

· ثانياً، نجح مثلّث عون ــ الرئيس نبيه بري ــ قيادات المستقبل البارزة وعائلة الحريري في التماسك الكلّي، ونقل المعركة إلى المحافل الدوليّة والدبلوماسية، ما سبب حرجاً كبيراً للسعوديين.

· ثالثاً، لم ينجرّ الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله إلى خطاب التصعيد السعودي، بل ظهر في إطلالتين متتاليتين بكثيرٍ من الهدوء والتروّي والاحتضان لعائلة الحريري وتيار المستقبل، رامياً الكرة في ملعب التصعيديين.

· رابعاً، ظهر لمعدّي استقالة الحريري ضعف الفريق المحسوب بالكامل عليهم وعجزه عن تحريك الشارع اللبناني، إن كان في الشمال، حيث يلعب اللواء المتقاعد أشرف ريفي، أو في الساحة المسيحية حيث نفوذ حزب القوات اللبنانية، الذي ظهر عاجزاً أمام تمسّك هذا الشارع شبه الكامل بخيارات رئيس الجمهورية وإجماع القيادات الرسمية خلف توجّهات عون وقيادته للمواجهة الدبلوماسية والشعبية.

ولفتت “الأخبار” إلى أن مضمون المقابلة ومواقف الحريري الهادئة، لا تقارن بتلك التي صدرت في بيان استقالته، من حيث تحميل مسؤولية عدم استقرار المنطقة لإيران وحزب الله، وتهديد حزب الله وإيران بالويل والثبور، بل ظهر الحريري كمن لعب ورقةً خطرة، بهدف تحسين شروط التسوية لا أكثر، من خلال فتحه باب الحلّ في أكثر من ثغرة خلال المقابلة، وتأكيده تعليق التسوية الرئاسيّة إلى حين عودة الطرف الآخر عن خروجه عنها، بما سماه العلاقة مع النّظام السوري. كذلك الأمر، بالنسبة إلى استقالته، إذ اعترف بأن الاستقالة ناقصة دستوريّاً، وأنه مطالب بلقاء رئيس الجمهورية ميشال عون لتقديمها رسميّاً، ووضع الرئيس في ظروفها.

عون تتبع المقابلة باهتمام

ولفتت “الجمهورية” إلى أن الرئيس ميشال عون تتبع وقائع مقابلة الرئيس سعد الحريري باهتمام وسجل ملاحظاته على عدد من النقاط.

وقالت مصادر قصر بعبدا لـ”الجمهورية” ان الرئيس “اظهر وما زال اهتماما بالغا بضرورة عودة الرئيس الحريري الى بيروت وهو يصر ومتمسك بهذه العودة في اقرب وقت ممكن وفي افضل الظروف وهي خطوة تتقدم على بقية الخطوات أيّا كانت اهميتها”. واضافت مصادر “الجمهورية” أنه “مصر على القول انه ورغم كل ما حصل، فالحريري هو رئيس الحكومة اللبنانية وهذه الصفة تسمح فور عودته بمناقشة كل ما قاله بما فيه موضوع الإستقالة والأسباب التي دفعته الى خطوته بعدما اصغى الى كل ما قاله كلمة بكلمة”، مؤكدة ان “كل هذه القضايا ستكون موضع تقييم دقيق في الساعات المقبلة لأنها قضايا تحتاج وتستأهل المتابعة الحثيثة للعبور بالبلاد من الأزمة الراهنة ليبنى على الشيء مقتضاه”.

وعلمت “الجمهورية” ان عون تلقى إتصالات وأجرى أُخرى تقويمية بعد المقابلة، بعدما كان خصص اتصالاته للتشديد على المراجع العسكرية والأمنية على الحاجة الى مراقبة الوضع الأمني بدقة لمنع اي اخلال بالأمن نتيجة ما كان مرتقبا من تحركات .

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى