الحريري لن يعتذر قبل تقديم آخر تشكيلاته

تتسارع وتيرة الانهيار. بات حصوله امراً محتوماً لا مفر منه. لا شيء يشي بالعكس، بامكانية حصول تفاهم سياسي يقطع الطريق امام “تنين” الانفجار الاجتماعي الذي سيقلب الطاولة رأساً على عقب. سيناريوات التغيير بقوة الشارع وصندوقة الديموقراطية وعضلات الانهيار باتت تتغلب على ما عداها. وها هو استحقاق نقابة المهندسين الذي يعتبر مؤشراً حيوياً لمزاج الرأي العام لا سيما في اوساط الطبقة الوسطى، يثبت بأن قوى السلطة التقليدية ستواجه تحدياً صعباً خلال الانتخابات النيابية المقبلة التي تشكل مفصلاً وجودياً لكامل المنظومة الحاكمة، وتحديداً بالنسبة لـ”التيار الوطني الحر” الذي يتعرض لتراجع شعبي غير مسبوق سيقضم من طبقه.

في الواقع، فإن الساعات الاخيرة شهدت ارتفاعاً جنونياً في سعر الدولار، اعتبره بعض المتابعين مؤشراً اضافياً على ضغط سياسي يمارس بواسطة مطرقة الدولار، ما اعاد الحيوية الى الشارع ومشاهد قطع الطرقات واحراق الاطارات، ما أوحى وكأن معطى ما قد تسلل الى الملعب الحكومي قد يساعد على تحريك المياه الراكدة.

اللافت أن الحراك الدولي والاقليمي الحاصل في الخارج وتحديداً على مستوى القمة العربية الثلاثية التي جمعت مصر والعراق والاردن، اهملت الملف اللبناني برمته وكأنها تحيله الى الخط الاميركي- الايراني، منتزعة عنه صفة العجلة والطوارئ وحتى الضرورة. ما يزيد من القناعة بأن الوضع اللبناني متروك لقدره ولخلافات القوى السياسية.

في الداخل، لا تشي الحركة وفق المعنيين بأن ثمة تطورات قد تخرج الملف الحكومي من عنق الزجاجة، حتى لو توقف نشر الغسيل بين “التيار الوطني الحر” وحركة “امل”. لا بل تزداد القناعة بأن رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري يتجه الى الاعتذار طالما ان ظروف التأليف لا تزال بالنسبة اليه صعبة وغير قابلة للتنفيذ وفق حساباته، مع ان هناك من يرى ان سقوط حجارة رفع الدعم الواحدة تلو الاخرى تجعل من مهمة الحريري اسهل لجهة رئاسة حكومة تطويق الانهيار، لا التسبب به، ما يعني ان ثمة استحالة ان يعمد الرجل الى تقديم تشكيلته قبل ان يقع المحظور ويرفع مصرف لبنان كل اشكال الدعم.

ولهذا يقول المطلعون ان الحريري لم يحدد بعد موعداً نهائياً لخطوته الاخيرة لكنها باتت اقرب الى التنفيذ، ويشيرون الى انه من المرجح ان يتوجه الى قصر بعبدا لتقديم آخر تشكيلاته قبل ان يرفع ورقة اعتذاره، في ما لو رفض رئيس الجمهورية ميشال عون التوقيع على التشكيلة. ولكن متى؟ لا جواب بعد.

في هذه الاثناء، يتردد ان الضغوط الفرنسية ستتجدد على القوى السياسية المعنية بملف التأليف، من دون ان تبدي الاخيرة اي ليونة او امكانية للتقدم نحو الامام، بدليل السجلات السياسية التي شهدتها الساعات الاخيرة، مع العلم ان كلا من “التيار الوطني الحر” و”تيار المستقبل” يواجهان حائطاً مسدوداً يحول دون قدرتهما على القيام بأي مبادرة جدية. ويفترض في هذا السياق، ان يصل الى لبنان خلال الساعات المثبتة وفد روسي لبحث امكانية الاستثمار في لبنان في مجال الطاقة، الا ان الترجمة العملانية لأي استثمار في لبنان، لا سيما في هذا المجال، ينتظر التفاهم الدولي وتحديداً بين واشنطن وموسكو والذي يفترض ان يشمل لبنان وسوريا قبل الانطلاق في هذا المسار.

المصدر : كلير شكر – نداء الوطن

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى