“الحكيم” غير نادم!

الأمور بين “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر” سائرة من حالة سيئة إلى حالة أكثر سوءًا قد تتوج بإعلان الطلاق بينهما على رغم أن “الزيجة” كانت مارونية.

هذا ما توحي به التصريحات العلنية للوزير جبران باسيل ولعدد من مسؤولي “القوات”، وما فيها من تناقض مع روحية ورقة “إعلان النوايا”، التي على اساسها أعتقد البعض أنها طوت صفحة أليمة من تاريخ مضطرّب بين الفريقين المسيحيين الأكثر قوة وحضورًا وتمثيلًا على ما يُسمى الساحة المسيحية.

ولأن ورقة “النيات” لاقت ترحيبًا واسعًا من الجميع، مسيحيين ومسلمين، لما كان لها من مفاعيل مؤثرة على صعيد نزع فتيل التوتر بين مكونين أساسيين من المكونات السياسية في البلاد، ولأنها كان يُراد لها أن تؤسس لمصالحات شاملة على مستوى الوطن، كان قرار رئيس حزب “القوات” سمير جعجع السيرعكس التيار، والذهاب بخياراته السياسية إلى أبعد ما كان يتوقعه كثيرون، ومن بينهم أقرب المقربين من “الحكيم”، فكان أن أيدّت “القوات” وبالإجماع بعد إجتماع موسع للكوادر “القواتية” في معراب، ترشيح العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية.

يوم أتخذ “الحكيم” هذا القرار عارضه كثيرون من القياديين القواتيين، قبل أن يصبح القرار نافذًا وملزمًا للجميع، للمعارضين قبل الموافقين، لم يكن يفكّر كما فكرّ المعترضون، في المكاسب التي ستجنيها “القوات” من هذا التأييد غير المشروط، ولا عن حصّتها في التعيينات في إدارات الدولة.

ما سعت إليه “القوات” في حينه، كما تقول مصادرها، هو إنهاء حال الفراغ التي كانت تعيشها البلاد، وهي التي كانت تعتقد أن سير الرئيس سعد الحريري بترشيح رئيس تيار “المردة” النائب سليمان فرنجية ليس خيارًا موفقًّا، وهي التي كانت تعرف أن إصرار “حزب الله” على إسم “الجنرال” كإسم وحيد لرئاسة الجمهورية سيجعل مهمة الحريري “البنشعاوية”صعبة، ولأنها أرادت إنهاء هذا الفراغ المميت سارت بترشيح العماد عون من دون أن تحسب ألف حساب لما هو آتٍ، وهي المتيقنة من أن عون الرئيس لن يستطيع أن يخرج من حلفه مع “حزب الله” كخيار إستراتيجي، أيًّا تكن المغريات والضغوطات.

وعلى رغم أن العلاقة “القواتية” – “العونية” سائرة نحو خواتيمها غير المطمئنة، فإن “الحكيم” لا يزال مصرّا على أنه غير نادم على تأييده للرئيس عون، إذ تعتبر أوساط “قواتية”أن أساس المشكلة ليست مع رئيس الجمهورية ولا مع عدد كبير من القيادات “العونية”، بل هي في مكان آخر ونتيجة تفرّد رئيس “التيار”في العزف منفردًا على أكثر من آلة.

في المقابل ترى مصادر في “التيار الوطني الحر” أن “القوات” كانت تحاول دائمًا، ومنذ اليوم الأول لإنتخاب رئيس الجمهورية “تربيح جميلي” لـ”التيار”، وهي لم تترك مناسبة إلاّ وكانت تذكرّ الجمهور “العوني” بأنه لولا وقوفها إلى جانب “الجنرال” وتأييدها له لما كان “شاف الرئاسة”.

وفي إعتقاد هذه المصادر أن “القوات” لم تستوعب أن لرئيس الجمهورية حيثية خاصة، ويجب بالتالي التصرف على أساس هذه الحيثية وليس كما كانت تتصرف من خلال إشتراطها لمواصلة دعمها للعهد أن يتمّ التعامل معها على “القطعة”.

وعلى رغم محاولات البعض من خلال الإتصالات المكثفة الجارية بعيدًا عن الإعلام لرأب الصدع ووضع نقاط “تفاهم معراب” على حروف هذه العلاقة المهتزة، فإن ثمة أطرافًا متضررين من أي توافق مسيحي – مسيحي يسعون إلى صبّ الزيت على النار وتحريك الرماد من تحت الجمر لتأجيج النيران.

خاص “لبنان 24”

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى