العدّ العكسي لأول “امتحان” ستواجهه الحكومة بدأ.. وهذا ما يحضره الشارع لجلسات الثقة!

كتبت صحيفة “الراي” يتهيّأ لبنان لأسبوعٍ داخلي عنوانه الأبرز إقرار البيان الوزاري الذي ستنال على أساسه حكومة الرئيس حسان دياب ثقة البرلمان والذي يفترض أن يكون حدّد مع الورش الجانبية المفتوحة آليات “العملية الجراحية” التي سيجري اعتمادُها لإنقاذ الواقع المالي – الاقتصادي واستئصال “ورم” العجز الهائل والشحّ الكبير في السيولة بالدولار الأميركي وهو ما بدأت تداعياته “تتفشى” في الأشهر الماضية على الصعد المصرفية والنقدية والاجتماعية.

وفيما كانت “القارةُ العجوز” مشدودةً إلى حلول “ساعة” خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، و”الكوكب” مشغولاً بفيروس “كورونا” الذي يشي بأنه “باقٍ ويتمدّد” عبر القارات، والمنطقة منهمكةً في مقاربة “صفقة القرن” ومفاعيلها المحتملة على القضية الفلسطينية كما الدول المحيطة، وزّع لبنان “اهتماماته” بين توفير طريقِ الخروجِ من الأزمة غير المسبوقة التي تعصف به والتي أفقدتْ وضْعه المالي والنقدي “مناعةً” لطالما عوّل عليها، وسبل تحصين البلاد حيال أي تَسلُّل لـ”الوباء” المستجدّ إلى أراضيه،

وكيفية مواجهة الخطة الأميركية – الاسرائيلية لـ”سلامٍ” مفترض بين الاسرائيليين والفلسطينيين بما يعزز “خطوط الدفاع” اللبنانية بإزاء أي توطين للاجئين وفي الوقت نفسه لا يرتّب جعْل البلاد في “الخط الأمامي” لمواجهةٍ مع الولايات المتّحدة.

وإذ “طوّر” لبنان الرسمي تَحوُّطه من خطر “كورونا” الذي كان يركّز على إجراءاتٍ في مطار رفيق الحريري الدولي وذلك عبر إعلان دياب تشكيل لجنة لمتابعة التدابير والإجراءات الوقائية من الفيروس وصولاً إلى منْع استقبال باخرة صينية “لحين صدور تأكيد من الجهات المختصة بالسماح باستقبالها وتوافر الشروط الصحية لذلك”،

فإنّ الرفضَ الصريح لصفقة القرن الذي عبّر عنه اجتماع مجلس الجامعة العربية أمس، جاء ليوفّر لبيروت مظلّة عربية في اعتراضِها على هذه الصفقة وفق ما عبّر عنه وزير الخارجية ناصيف حتّي في كلمةٍ مدوْزنةٍ انطلقت من “مبادئ الموقف اللبناني” وصوّبتْ على واشنطن (ضمناً) من باب الكلام عن “ان القضايا التي تتعلق بالحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني لا يمكن أن تُحلّ بمنطق تاجرالعقارات، وبمقايضة الهوية الوطنية ببعض المساعدات المالية”.

على أن “صفقة القرن” التي باتت على الطاولة، صارتْ بأي حالٍ واحدةً من “القطب المخفية” التي لم تعد خافيةً في الصراع المكتوم بين أطراف حكومة “اللون الواحد” التي يقودها حزب الله من الخلف، حول “الوصْفة” المطلوبة للنفاذ من المأزق المالي والتي تراوح بين خياريْن لا ثالث لهما: الأول أن يكون الأمر بـ”مبْضع” داخلي (القدرات الذاتية والمشروع الإصلاحي)، وهذا ما يريده الحزب تفادياً لمخاطر طرْق باب الخارج الذي يُخشى (بحسب الحزب) أن يُمْسِك لبنان من “اليد التي تؤلمه” (المالية)، وهو ما يعتبره خصومه تعبيراً عن رغبته في تلافي إفلات البلاد من “إمرته” ولو من “الخاصرة” المالية الرخوة.

والثانية عبر الاستعانة بالدعم الدولي الذي ترى غالبية الخبراء أنه لم يعد هناك مفرّ منه في ظلّ “الفجوة” المالية الكبيرة بين “الموجودات الحقيقية” وتلك “الرقمية” والتي باتت تتطلّب ضخّ سيولة بمليارات الدولارات يصعب توفيرها من الخارج، ليس فقط إلا على قاعدة إصلاحات بنيوية وهيكلية بل أيضاً عبر برامج (مع صندوق النقد الدولي) تفتح “باب الثقة” أمام دول وصناديق ومؤسسات الدعم الأخرى.

وترى أوساطٌ واسعة الاطلاع، أن الحكومة الجديدة تقترب من لحظة حسْم الخيارات في ما خص تحديد مسار الإنقاذ الذي ستتكشّف عناوينه العريضة في البيان الوزاري الذي انتهت عملية صوغه أمس وسيخضع غداً لقراءة نهائية قبل عرضه على مجلس الوزراء في جلسة مرجّحة الأربعاء، تمهيداً لتحديد جلسات الثقة في مجلس النواب الأسبوع الذي يليه (ليس قبل 11 الجاري وعلى أن تنتهي قبل ذكرى اغتيال الرئيس رفيق الحريري في 14 منه).

وتعتبر أنّ “العدّ العكسي” بدأ لأول “امتحانٍ” ستواجهه الحكومة وهو كيف ستتعاطى مع استحقاق سندات اليوروبوندز في 9 آذار بقيمة 1.2 مليار دولار.

وبدا دياب، ورغم حرْصه على الإبقاء على “نقطة ضوء” في ما خص الأزمة المالية، مدْركاً لحجم المأزق هو الذي أعلن “ورثنا” حطاماً اقتصادياً ومالياً، مؤكداً “في ما خَص سندات الخزينة (بالدولار)، فنحن ملتزمون بسدادها، ولا أقبل أبداً أن يقال انه في عهد حكومتي تَخلّف لبنان عن سدادها. هذا مع الاشارة الى انّ بعض السندات قد يتم تأخير سدادها طوعياً بالاتفاق مع الدائنين”.

ويجري رصْد كيف سيُترجم هذا التهيُّب في البيان الوزاري الذي كُشف أنه يركز على المواضيع المالية والاقتصادية كما أنه حدّد سقوفاً زمنية لبعض الخطوات والإصلاحات (ولا سيما الكهرباء)، وأن الصيغة المرجّحة في موضوع المقاومة هي التي كانت مستخدَمة في بيان الحكومة السابقة.

وفيما يصعب تَصَوُّر أن “تَسْقط” الحكومة في “امتحان الثقة”، فإن السؤال يبقى حول ما الذي يحضّره الشارع لجلسات الثقة وسط معلومات عن اتجاه لتحركات ضاغطة يُراد منها أن تمنع النواب، إذا لم يكن من الوصول الى البرلمان، فمن الخروج منه.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى