الفقراء يواجهون برد العاصفة بأساليب بدائية

بين عاصفتين اقتصادية خانقة وصحّية خطرة، حلت العاصفة الطبيعية «هبة» ضيفة ثقيلة على اللبنانيين وفرضت سطوتها برداً وأمطاراً، لتزيد من معاناتهم اليومية وهم يبحثون عن وسائل التدفئة، مع تدنّ في درجات الحرارة والصقيع بشكل ملحوظ، وعجزهم عن تأمينها مع الغلاء وارتفاع الاسعار من المازوت الى الغاز والانقطاع شبه التام في التيار الكهربائي.

وجدت عائلات صيداوية متعففة وفقيرة نفسها عاجزة عن مواجهة البرد القارس، تماما مثل لقمة العيش، وحذفت من جدول تدفئتها المعتادة المازوت والغاز والفحم بعد ارتفاع اسعارها ارتباطاً بالدولار الاميركي، باتت بعيدة المنال وناراً تكوي الجيوب، فحل الحطب بديلاً ولمن استطاع اليه سبيلاً.

في المدن، نادراً ما ترى تنك الحطب تشتعل للتدفئة، غالبية العائلات تعتمد على «الدفايات» الكهربائية او الغاز، وبعضها على صوبيا المازوت. اليوم لم يعد مشهد تنك الحطب وهي تشتعل غريباً في صيدا القديمة، والاحياء الشعبية مثل التعمير والفيلات، وفي مواقف السيارات حيث يتحلّق السائقون حولها والعمال، وفي المنازل المنفردة والبساتين وفي المخيمات الفلسطينية، بينما تغيب قسراً عن الشقق السكنية خشية اندلاع الحرائق، اصحابها يعتمدون على التدفئة القديمة – البدائية، إحكام اقفال الابواب والشرفات، ارتداء المزيد من الثياب والجوارب، قلة الحركة والجلوس تحت الحرامات.

ويقول ابو حسين الصفدي من منطقة تعمير عين الحلوة لـ»نداء الوطن»: «لم يكن ينقصنا سوى العاصفة «هبة»، لقد ارتعدت فرائصنا من قوتها وبردها، والانكى انها تجتاحنا وسبل مواجهتها قليلة قياساً على الاعوام السابقة، حيث كنا نعتمد على الغاز والتدفئة الكهربائية ولا نتأثر بها كثيراً. لا مناص من التدفئة بالغاز، عندي اولاد صغار، وفي ظل انقطاع التيار الكهربائي وارتفاع رسم اشتراك المولد الخاص، ولكنني اعتمد اسلوب التقنين، اشغلها ثلاث ساعات في الليل فقط لطرد البرد».

اما الحاجة «أم محمود» الديماسي التي تقطن في منطقة الفيلات فحرمت من كل وسائل التدفئة، وسألت: «كيف لي ان اطرد البرد وانا اضيء شمعة في الليل؟ قطعت الاشتراك بسبب ارتفاع الرسم، لقد عدنا الى العصر الحجري في الانارة والتدفئة، واعتمد على ارتداء المزيد من الثياب والجوارب، ايام وستمر كما مر العمر بين عسر ويسر».

تعليقات ساخرة

في العالم الافتراضي لاقت العاصفة هبة «هبات» كثيرة ساخنة وباردة من التعليقات بين ساخر ومستاء، عبرت عن الوجع، وقالت هنادي «شو هالبرد، منيح ما في كانون ثالث»، وعلقت حلا «من فتح باب ثلاجة البراد، اقفلوه قبل ان نتجمّد»، ورفع ايمن الدعاء الى الله بأن «ينزل الدفء على كل من لا مأوى له»، وقالت هبة «اسمي على كل لسان، في نشرات الاخبار ومواقع التواصل الاجتماعي ونسوان الحي وتلاميذ المدارس والتحكم المروري، ما توقعت اوصل بالشهرة لهون»، وقالت مايا «كل واحدة اسمها هبة ما تفرجينا وجها لايام بكفينا هبة البرد».

وعلى ارض الواقع، فرضت العاصفة سطوتها رياحاً ناشطة وامطاراً غزيرة بين الحين والآخر، وسط تدن لافت في درجات الحرارة، وأدّت الى تعليق حركتي الملاحة البحرية في المرفأ مع ارتفاع الامواج، والصيد حيث لازم الصيادون منازلهم بعدما شدّوا وثاق مراكبهم خشية تضررها.

وفيما لم يفد عن وقوع اضرار جراء العاصفة، أكد رئيس البلدية المهندس محمد السعودي استنفار فرق الطوارئ والإطفاء وشرطة بلدية صيدا لمواجهة تداعياتها، داعياً المواطنين الى اتخاذ الإجراءات الوقائية التي توفر السلامة العامة لهم ولعائلاتهم خلال هبوبها.

المصدر : محمد دهشة – نداء الوطن

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى