اللبنانيات يجرين عملية لتحديد جنس الجنين… إدفعي هذا المبلغ و’جيبي الصبي’!

لطالما كان موضوع تحديد ومعرفة جنس الجنين والمولود المنتظر الشغل الشاغل لتفكير الوالدين، خصوصاً في مجتمعاتنا الشرقية التي يطغى عليها الطابع الذكوري. فالبعض يعتبر أنّ في خطوة إنجاب «الصبي» نكهة خاصة، ما يفسّر لجوء كثير من اللبنانيات الى عملية تحديد الجنين. فما هي الطرق المعتمدة؟ وماذا عن الأخلاقيات؟منذ آلاف السنين، حاول البشر القيام بطرق مختلفة لتحديد جنس مولودهم، فابتكروا طرقاً غير علمية مبنية على التقاليد والمعتقدات. وفي ظل التطور الطبي الحاصل، وضعت الطرق العلمية قيد التدوال التي تسمح بتحديد جنس المولود بنسبة مئة في المئة.

وفي هذا السياق، كان لـ«الجمهورية» حديث خاص مع الاختصاصي في الأمراض النسائية والتوليد وحالات الحمل المتعثّرة وجراحة المنظار، الدكتور انطوان فرنجية، الذي قال إنّ «اختيار جنس الجنين، طريقة تسمح للأهل بتقرير جنس مولودهم لأسباب مختلقة، أبرزها أنّ الصبي يحافظ على استمرارية العائلة، ما يفسّر ارتفاع الطلب على الذكور في لبنان.

وبعيداً عن المعتقدات والاسباب الشخصية، قد يدعو التاريخ العائلي من ناحية الامراض الموروثة التي تصيب الذكور مثلاً في عائلة معينة، الى تحديد جنس المولود، لتوفير المعاناة عنه مستقبلياً. اضافةً الى سبب آخر، وهو في حال انخفاض الخصوبة عند الشخص، ما يصعّب إمكانية تكرار الحمل، فيرغب الاهل في تحديد جنس ولدهم الوحيد».

معتقدات موروثة

تكثر الحكايات الشعبية والحسابات والنصائح التي يخبرها الناس من جيل الى آخر، والتي برأيهم تساعد على تحديد جنس الطفل. فما هي هذه الطرق غير العلمية؟ وهل هي فعّالة؟ يجيب د. فرنجية: «لا يمكن أن نؤكد فعاليتها أو ان ننكرها، خصوصاً انّ هذه الطرق تدل على اجتهاد الانسان خلال الزمن، او على اجتهادات وتجارب من قبل الاطباء.

ولكن يمكن ان نقول إنّ هذه الطرق قد تكون فعّالة في 50 الى 70 في المئة من الحالات. وأبرز الامور التي يتم تداولها في هذا الاطار، هو مثلاً الانتباه الى الغذاء، ففي حال أراد الثنائي انجاب الذكور يجب ان يمتنعا عن اكل الالبان والاجبان والبيض، وان يتناولا المأكولات التي تحتوي على السوديوم والبوتاسيوم كاللحوم والخبز والعجين والسمك.

وفي حالة انجاب الإناث يفضّل تناول المأكولات التي تحتوي على الكالسيوم والمغنسيوم كالالبان والاجبان والفاكهة المجففة والخضار الطازجة والمياه التي تحتوي على كمية اضافية من الكلس، والابتعاد عن السمك، البقدونس، القهوة والشاي… بعيداً عن النظام الغذائي، قد يعتمد البعض ما يعرف بالجدول الصيني الذي يرتكز على احتساب وفق طريقة معينة عمر الام والتاريخ التي تريد ان تحمل به، لتخمين جنس المولود».

الطرق العلمية

من جهة أخرى، وبعيداً من الأمور التقليدية، قد يفيد احتساب وقت الاباضة وحرارة الخصي وبعض الوضعيات. أمّا بالانتقال الى الامور العلمية التي ترتفع فيها نسبة تحديد جنس الجنين حسب رغبة الاهل فيوضح د. فرنجية: «تتعدد الطرق والوسائل العلمية التي تحدد جنس الجنين وتتفاوت نسبة كل منها. ويمكن ذكر ابرزها والاكثر شيوعاً على الشكل الآتي:

– توقيت الجماع: تعتمد هذه الطريقة على الخصائص الفيزيائية للحيوانات المنوية التي تختلف فيها الحيوانات المنوية الذكرية عن الأنثوية، بحيث أنّ الحيوان المنوي الذكري خفيف الوزن، سريع الحركة ولكنه يعيش فترة قصيرة من الزمن، بينما الحيوان المنوي الأنثوي ثقيل الوزن بطيء الحركة ويعيش فترة زمنية أطول.

وبالتالي، يمكن تحديد موعد الاباضة عند السيدة بتهيئة التوقيت المناسب للجماع للحصول على جنس المولود المرغوب به. فمثلاً اذا حدث الجماع مباشرةً، بعد الاباضة، يرجّح أن يكون الجنين ذكراً والعكس صحيح.

– فصل الحيوانات المنوية: ترتكز هذه الطريقة على وضع الحيوانات المنوية في انبوب وتسليط ضوء يشبه الليزر عليها، ما يسمح بتعريب الحيوانات المنوية الذكرية عن الأنثوية، واختيار المرغوب بها حسب جنس الجنين المختار، وإعادة حقنها داخل الرحم.

– طفل الأنبوب: تتم هذه الطريقة بعد تجهيز جسم المرأة بإعطائها الأدوية المنشطة للمبايض لزيادة عدد البويضات. وبالتالي، رفع فرصة الحمل وتحريض الإباضة والقيام بحقن الرحم بالحيوانات المنوية الحاملة للجنس المرغوب به، بعد فصلها في المختبر بطريقة الغربلة. لكنّ هذه الطريقة لا تعتبر نتائجها صحيحة مئة في المئة.

كلفة النتيجة المحسومة

هذه الطرق التي ذكرت آنفاً تتراوح نسبة نجاحها بين الـ70 في المئة وما فوق، ولكن ظهرت منذ 10 سنوات تقريباً وسيلة جديدة أصبحت الاكثر شيوعاً في ايامنا هذه، تحدّد جنس المولود بنسبة مئة في المئة.

وهي عبر استعمال طريقة فصل الأجنة (PGD)، والذي يشرح عنها د. فرنجية قائلاً: «عندما يصبح الجنين في مرحلة الـ6 الى 8 خلايا، ندخل بواسطة «الميكروسكوب» ونثقب جدار الجنين ونسحب خلية واحدة منه، من غير أن يسبّب ذلك اي ضرر أو أذى له. بعدها، تحلّل وتدرس هذه الخلية التي استخرجت، ليتم بعدها اختيار الأجنة حسب الجنس المطلوب.

ولا يتم إرجاع سوى الأجنة المرغوب فيها من اجل تحديد جنس الجنين. هذه الطريقة هي أكثر الطرق ضماناً للنجاح حالياً، حيث أن نسبة نجاح الحمل بالجنين المراد تحديده تصل من 99 الى 100 في المئة، كما أنها لا تشكل خطراً على الأجنة، وتتراوح معدل كلفتها في لبنان بين الـ4000 الى الـ5000$».

الاخلاقيات

من جهة أخرى، تؤدي الاخلاقيات والاديان دوراً مهماً في هذا النوع من العمليات. فكيف يمكن التوفيق بينها وبين الطب؟ بحسب د. فرنجية: «هذه الوسائل فرصة جيدة تمكّن المرأة من التعبير عن رأيها في الانجاب واختيار جنس جنينها اذا ارادت ذلك.

نحن نحترم معتقدات كل شخص ولا نشجّع على هذا النوع من العمليات اذا كان هو لا يرغب بها، بل يمكن ان ننصحه بالامور التقليدية، الّا اذا كان هناك مرض وراثي يحتّم اللجوء الى هذه الطريقة لحماية الولد.

ولكن حسب ما تشهده عيادتنا، يلجأ الجميع ومن كل الاديان الى اعتماد هذه الطرق العلمية. كما انه يجب ان يكون هناك وعي عند المجموعة التي ترغب بتحديد جنس مولودها، لأنّ الموضوع دقيق ويمكن ان يسبب خللاً في توازن الاناث والذكور في المجتمع.

وغير اختيار جنس الجنين، يمكن ان يسمح لنا التطور الطبي الحاصل، أن نرى في السنوات المقبلة إمكانية التحكم بشكل الجنين ولون عينيه مثلاً وتفاصيله، والدراسات قائمة حالياً لتحقيق ذلك».

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى