اللبنانيون مكشوفون معلوماتياً وأمنياً.. ما علاقة القاضي صادر؟

في بلدٍ باتت فيه المخاوف الأمنية أولوية العيش، تخرج الى العلن تقارير فنيّة تُظهر مدى إغفال السلطات الرسمية اللبنانية عن علم أو غير علم، عن مخاطر اختراق منظومة معلومات اللبنانيين على مستوى واسع النطاق والتعدّي على خصوصياتهم الفردية، مواطنون عاديون أو مسؤولون، وتعريض أمنهم للخطر.
كل ما سيرد في هذا المقال مستندٌ الى تقرير فنيّ صادر عن قسم البرمجة والمعلوماتية في نقابة مكاتب السوق، الذي كشف عن الهشاشة الأمنية لما سيؤول اليه العمل برخص السوق الجديدة، رخص تسجيل السيارات، اللوحات المعدنية واللواصق الزجاجية… باستخدام تقنية RFID المكشوفة معلوماتياً أمام العالم بأسره وفق ما جاء في التقرير.

احداثياتنا في اسرائيل!
يسلطّ التقرير الضوء على ضعف نظام RFID المستخدم من قبل شركتي INKRIPT AND OBERTHUR TECHNOLOGY اللتين فازتا بمناقصة وزارة الداخلية والبلديات، والتي تشمل، تقديم خمس خدمات، هي لوحات السيارات ورخص السوق والتسجيل، شريحة لاصقة على الزجاج الأمامي بالاضافة الى برنامج الحاسوب والتي تحتوي جميعها على شرائح نظام الـ RFID، الذي يجمع المعلومات الخاصة والشخصية وبصمات اليدين والعينين لكلّ من يرغب بالاستحصال على رخصة سوق، ويرسلها الى مُعالج المعلومات الخاص بالشركتين من دون المرور عبر ادارة السير.
وتقنية RFID بحسب التقرير الفنيّ لنقابة مكاتب السير، سهلة الاختراق محلياً وعالمياً عبر تقنيات متوافرة في الاسواق اللبنانية والأخطر أن هناك برامج تسمح بنسخ او تعديل أو مسح محتوى المعلومات الموجودة في الشرائح!
يضاف الى ذلك، أن شركة OBERTHUR TECHNOLOGY هي شريكة لشركة GEMALTO في تحالف تحت مسمى SIM ALLIANCE، تعمد الى حماية بياناتها لدى شركة SAFENET الاميركية-الاسرائيلية والتي اشترتها في العام 2015 شركة GEMALTO، ومركزها “اسرائيل”.

القضاء يتحرّك
بما أن وزارة الداخلية و البلديات لم تصدر أي توضيح عن هذه المناقصة او دفتر الشروط التي لزمت من خلاله الشركتين، وبما أن هناك علاقة –بحسب التقرير- بين الشركات الاجنبية التي دخلت على السوق اللبناني وخاصة الى مشاريع الدولة وبين “اسرائيل” او شركات اسرائيلية داخل وخارج الاراضي المحتلة ما يخالف القانون اللبناني، تقدّمت نقابة مكاتب السير بطعن الى مجلس شورى الدولة حينها برئاسة القاضي شكري صادر الذي أصدر قراراً في 29 حزيران 2017 يطلب فيه من هيئة ادارة السير نسخة عن العقد القائم مع الشركتين وأمهلها مدة محددة لابراز العقد وهو ما تمنعّت عنه الادارة حتى الآن.
وأفادت معلومات بأن القاضي صادر كان بصدد اتخاذ قرار “حاسم وكبير” في هذا الشأن، قبل أن يُنقل من رئاسة شورى الدولة الى رئاسة غرفة تمييز ، ومن ثم تقدمّه من وزير العدل سليم جريصاتي بطلب إنهاء خدماته، معلقاً على ذلك بالقول “عمل مجلس الشورى قمع المخالفات.. لم أكن أساير الوزراء وهو ما أزعج الحكومة”.

INKRIPT تتنصلّ ولكن…
نشر تقارير عن عقود مع شركات “مشبوهة” بقيم مادية تصل الى مليارات الدولارات، تطرح العديد من الاسئلة حول ما اذا كانت السلطات على علمٍ بهذه التقارير وبخطورة المعلومات الواردة فيها، خصوصاً وأن شكوكاً تدور ، بحسب مصادر خاصة، حول محاولة شركة INKRIPT ادخال معدّات الى لبنان بغير أسمائها.
كلّ ذلك لم يمنع الشركة المذكورة من التأكيد مراراً وتكراراً أن لا علاقة لشركةGEMALTO بتنفيذ مشروع رخص السير ورخص السوق واللوحات الآمنة، وأن كل ما يدور من شبهات حولها عارٍ من الصحة، وهو مجرد افتراءات عشوائية تهدف الى التشهير بها.

البلد مكشوف أمنياً ومعلوماتياً
يقول مصدر مطلع على الملف إن الأمر ينطوي على قضية فساد كبيرة، بات رئيس الجمهورية ووزير مكافحة الفساد على علم بها، وأن الأمر لا يقتصر على ما يدور حول “سلامة” الخدمات الخمس المشمولة في قانون السير الجديد، بل حول “سلامة” جوازات السفر البيومترية ايضاً اذ سيتم استخدام التقنية نفسها المستعملة في رخص السوق و رخص تسجيل المركبات و لوحات السيارات.
وحيث أن القرصنة الالكترونية وسرقة المعلومات وتشويهها واستخدامها في مآرب مختلفة تصل الى تغذية الارهاب، أصبحت سمة العصر الجديد ، بات وضع الإصبع على الجرح ضرورياً، كي لا يصبح أمن اللبنانيين وخصوصياتهم في خبر كان!

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى