المصارف اللبنانية ومصيرها في نهاية شباط | من سيبقى ومن في دائرة الخطر؟

مع اقتراب انتهاء المهلة التي وضعها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة للقطاع المصرفي، في أواخر شهر شباط الحالي لزيادة رساميلها، استجابة للأزمة الاقتصادية في البلاد، تكثر التكنهات عن مصير المصارف اللبنانية، التي لن تستطيع المضي في تنفيذ تعاميم مصرف المركزي. وعلى الرغم من حساسية الملف، إلا أن المفاجئ، ظهر بعدما كشفت أربعة مصادر مصرفية مطلعة لوكالة رويترز، عن أن أقل من نصف البنوك الكبيرة في البلاد البالغ عددها عشرة أو نحو ذلك، لن تفي بالمتطلبات التي حددها البنك المركزي. وحسب المصادر، فإن أولئك الذين يسيرون على المسار الصحيح لتحقيق أهداف البنك المركزي، قد تمكنوا إلى حد كبير من تحويل الودائع بالدولار إلى أدوات حقوق ملكية أو باعوا شركات وفروعاً خارجية، فيما لاتزال مصارف أخرى بعيدة عن هذا الأمر حتى الأن.

هذه المفاجأة، ستعيد خلط الأوراق، لناحية عدد المصارف التي يمكن أن تدمج بهدف إنشاء كيانات جديدة، أو التي يمكن أن تخرج من السوق نهائياً، ما يطرح علامات استفهام عديدة عن مسار القطاع المصرفي في الأيام المقبلة؟

ضغط مسبق
يرى الخبير الاقتصادي غالب أبو مصلح، في حديث خاص لـ”المدن” أن ما تم نشره في وكالة رويترز، لا يعني أبداً أن المصارف الكبرى أو حتى الصغرى، لا تملك الأدوات التي تساعدها لتلبية شروط المركزي، بل على العكس. يؤكد أبو مصلح أن ما يحصل اليوم، يأتي في إطار الضغط المسبق على الدولة اللبنانية لتحمل الخسائر، ويقول “إن المصارف اللبنانية، تحاول الضغط على المركزي من جهة، وعلى الدولة من جهة ثانية لتحمل خسائرها، بدلاً من اللجوء إلى بيع فروع خارجية”. ويعتبر أبو مصلح أن ما تقوم به المصارف هو بمثابة مواجهة استباقية، أو ضغط نفسي، لأن خروج المصارف من السوق في هذا التوقيت، سيكون له إشارات سلبية، بالنظر إلى أن لبنان يمر بمرحلة صعبة اقتصادياً وسياسياً.

وعلى الرغم من أن أبو مصلح، يعتبر أن الخروج في هذا التوقيت سيئ، إلا أنه في الوقت نفسه، يؤكد أن السوق اللبناني، لا يحتاج لأكثر من 4 أو 5 مصارف كبرى، وبالتالي، فإن وجود نحو 60 مصرفاً في لبنان، بات يشكل عبئاً، كما أن لا فائدة اقتصادية من وجود هذا التكتل المصرفي، لأن حجم الاقتصاد المحلي لا يتسوعب هذه الكمية من المصارف.

زيادة حقيقية أو وهمية؟
وحسب الخبراء المصرفيين الذي أستطلعت وكالة رويترز آرائهم، فإن هدف الـ20 في المئة لزيادة الرساميل، التي وضعها رياض سلامة، محافظ البنك المركزي اللبناني، يعادل حوالى 4 مليارات دولار، يعد مبلغاً قليلاً أو غير كاف لسد الديون التي ناهزت 83 مليار دولار في الميزانيات العمومية للبنوك التي قدرتها حكومة تصريف الأعمال، كجزء من خطة الإنقاذ المالي التي وضعتها.

وفي تعليقه على قدرة المصارف زيادة رأس مالها، يرى مايك عازار، مستشار تمويل الديون، والمحاضر السابق في الاقتصاد الدولي في كلية جون هوبكنز للدراسات الدولية المتقدمة، لوكالة رويترز: “إن جميع المصارف متعسرة، والأمر لا ينصب على عدد محدد”.

أما خالد عبد المجيد، مدير صندوق الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في SAM Capital Partners-هي شركة استشارية للاستثمار ومقرها لندن -” يرى إن زيادة رأس مال المصارف بنسبة 20 بالمائة مفيدة لكنها غير كافية”.

إلا أن الخبير الاقتصادي غالب أبو مصلح، يرى أن المصارف اللبنانية تمتلك السيولة اللازمة وأن نسبة 20 بالمئة، التي طلبها المركزي، كافية جداً مقارنة بحجم الكتلة النقدية في الاقتصاد اللبناني.

المصارف ملتزمة ولكن..
من جهته، يؤكد سليم صفير، رئيس جمعية مصارف لبنان والرئيس التنفيذي لبنك بيروت أن معظم البنوك ستلتزم بإرشادات البنك المركزي. ويقول: إذا كنا نعتقد أنه لا يوجد احتمال للتعافي، فسنكون خارج العمل الآن، صحيح أن التحديات صعبة لكن لدينا تاريخ من المرونة والإبداع وسنتكيف مع الوضع الجديد”.

أما حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، فقد أكد في رسالة بعثها عبر البريد الإلكتروني لوكالة رويترز “أن جميع البنوك تقريباً قد تقدمت بطلبات لزيادة رأس المال وهي تسعى جادة لزيادة السيولة”. واعترف بأن البنوك قد تتطلب المزيد من رأس المال، لذا سيعمل البنك المركزي مع البنوك لمعالجة هذه المشكلة بشكل فردي.

وحذر المحافظ من أن أولئك الذين لا يستطيعون تحقيق الهدف سيتعين عليهم الخروج من السوق. لكن بعض المصرفيين قالوا لـ”رويترز” إنهم يتوقعون تمديد قرار المركزي، “لأن الأمل ضئيل للغاية في جذب استثمارات جديدة”.

أين الحقيقة؟
مع اقتراب الموعد النهائي، نهاية شهر شباط، انتشرت التكهنات على وسائل التواصل الاجتماعي بشأن البنوك التي قد يتم تصفيتها. وأصدر البنك المركزي بياناً الأسبوع الماضي قال فيه “إن مثل هذه المناقشات خالية من أي حقيقة”.

وكان كل من بنك عودة وبنك لبنان والمهجر، قد باعا أصول وشركات أجنبية، وفروع لهما في الخارج للمساعدة في تعزيز مواردها المالية. وقالت إدارة بنك عودة في بيان لرويترز :”إن عائدات بيع العمليات الأجنبية ستسمح لنا بتلبية المتطلبات التنظيمية المذكورة مع وضع بنك عودة بين البنوك اللبنانية القابلة للاستمرار ذات مستويات رأس المال والسيولة الكافية”.

وخسرت البنوك التجارية ما يقرب من 49 تريليون ليرة لبنانية من الودائع في العامين الماضيين، أي ما يعادل حوالى 22 في المئة من إجمالي الأصول الحالية، ومن المرجح أن يكون كبار المودعين في خط النار في أي حل للأزمة المصرفية. وأدى تخلف الحكومة عن سداد سندات دولية بقيمة 1.2 مليار دولار في آذار الماضي، إلى وضع البنوك في مواجهة واحدة من أكبر الخسائر.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى