بن سلمان يغري المصارف السويسرية بأغلى ما تملكه بلاده لكشف حسابات السعوديين السرية

فاجأ احتجاز ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الدرامي الأخير لأقرانه الأمراء وغيرهم من كبار الشخصيات على خلفية مزاعم الفساد أولئك الذين لم يولوا انتباهاً كافياً لصعوده.

فوسط التنافس الدولي على الحصول على اهتمام العالم، بدايةً من انقلاب زيمبابوي إلى الاضطرابات التي يعاني منها البريكسيت (ترتيبات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي)، حافظ ولي العهد السعودي على زخمه منذ ذلك الحين، وفق ما ذكر تقرير لصحيفة فايننشيال تايمز الأميركية.

وفي يوم الخميس 16 نوفمبر/تشرين الثاني 2017، تبين أنَّ السلطات السعودية تسعى لتحصيل مبالغ هائلة تصل إلى 300 مليار دولار مقابل إسقاط التهم المتعلقة بقضية الفساد المتعلقة بالمبالغ المختلسة، والتي تصل إلى 100 مليار دولار.

مفاوضات سرية

وفي ظل تلك التطورات، يؤكد شخصان على معرفةٍ بالوضع وجود محادثات متعمقة وسرية بين السعوديين والقطاع المصرفي السويسري، لكن لا توجد أي معلومات دقيقة حول ما تسعى إليه السعودية، إلا أنَّ هناك العديد من الأسباب المعقولة وراء هذه المحادثات.

الأرجح أنَّ هذا السبب يرتبط ارتباطاً مباشراً بقضية الفساد. وبينما يحاول الأمير محمد تعزيز قاعدة سلطته، فإنَّه حريص على التأكد من أنَّ الأشخاص الذين يحاول إضعافهم لا يمكنهم الهرب من حملته باللجوء إلى حلولٍ خارجية. وإذا ثبت صحة أنَّ محمد بن سلمان يطالب البنوك السويسرية بالحصول على معلومات عن عملائها السعوديين، فمن المستبعد أن تنجح محاولته.

واستطاعت السلطات الأميركية الضغط على البنوك السويسرية بقوة لتقديم معلومات عن عملائها، وفرضت عليها عقوبات تصل إلى 5.5 مليار دولار كتعويضات عن المعاملات غير المشروعة، لكنَّ هذا بسبب أنَّ هؤلاء العملاء خرقوا قوانين الضرائب في أميركا فقط، التي تقتضي الكشف عن الحسابات في الخارج. لكن من ناحيةٍ أخرى، فإنَّ المملكة التي لا تتبع سياسة فرض الضرائب لا تستطيع اللجوء إلى حججٍ مماثلة للضغط على البنوك.

تفاوض أم إغراء

يتواصل السعوديون بالفعل مع بنوكٍ مثل “كريدي سويس” و”يو بي إس” في ما يتعلق بخطط طرح أسهم من شركة النفط السعودية أرامكو، (التي توصف بأنها درة التاج بين الشركات السعودية).

وطوكيو وهونغ كونغ من ضمن الأماكن الأربعة المخطط طرح أسهم الشركة، وفِي هذين المكانين تدير البنوك السويسرية عملياتٍ واسعة، خاصةً مع الأثرياء في المنطقة.

سبب آخر

لكن قد يكون هناك سببٌ آخر وراء اتصال السعودية بالبنوك السويسرية، وهو أنَّ السعوديين مستثمرون محتملون في البلاد، خاصةً في بنك كريدي سويس. فالسعودية حريصة على تنويع استثماراتها بعيداً عن قطاع النفط.

وقال شخصٌ على معرفةٍ بالوضع إنَّ شركة التاج السعودي القابضة التي يرأسها الأمير فهد بن تركي كانت المستثمر الأكثر احتمالاً، لكنَّه أشار إلى أنَّه لن يحدث أي شيء حتى العام المقبل بسبب الانهيارات السياسية الأخيرة.

فيما أوضح شخصان آخران مطلعان على الأمر أنَّ السعوديين هم جزءٌ من عددٍ من كبار المستثمرين المفتونين بالتطورات الأخيرة لحاملي الأسهم في كريدي سويس. إذ كشفت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أنَّ صندوق تحوطٍ سويسري ناشط يُدعى “آر بي آر” اشترى جزءاً من المجموعة، وطالب بتقسيمها إلى ثلاثة أجزاء.

واجتمع رودلف بوهلي، مؤسس الصندوق السويسري، قبل أسبوعين مع تيجاني ثيام المدير التنفيذي لبنك كريدي سويس لمناقشة خططه. وأكد بوهلي، على رغبته في التعاون مع الإدارة والعمل معها، فيما عقد محادثاتٍ مع عددٍ من المستثمرين ودعاهم للانضمام إلى حملته.

وكان بوهلي قذ أخبر كذلك مستشاراً سابقاً في شركة ماكينزي بأنَّه يريد رؤية تخفيضٍ كبير في النفقات في المجموعة.

ولا تزال رغبة السعوديين أو أي مستثمرٍ كبير آخر في تنفيذ الفكرة غير أكيدة، إلا أنَّ شخصاً قال إنَّ السعوديين فكروا في استثمار ما بين 500 مليون إلى مليار دولار في كريدي سويس، وهو مبلغٌ كاف لشراء حصة تصل إلى 2.4% من أسهم البنك. وإذا مضى السعوديون قدماً، فمن شأن هذه الخطوة أن تجعل المملكة في قائمة المساهمين بالبنك السويسري.

هل تشتري حصص قطر؟

وتعد شركة قطر القابضة واحدة من أكبر المساهمين في بنك سويس كريدي، رغم أن شخصاً مقرباً لإدارة البنك قال إنَّ الشركة القطرية ربما أُعيدَت هيكلتها عن طريق عقود اشتقاقية من أجل الحصول على المال. إذ تتعرض قطر لضغوطٍ منذ عدة أشهر بعد أن فرضت السعودية وبعض حلفائها عليها عقوباتٍ لتساهلها المزعوم مع الإرهاب.

وقال مسؤولٌ سعودي إنَّ هناك إمكانية أن يستثمر البلدان في البنك ذاته رغم خلافاتهما، إذ تعد مجموعة العليان السعودية بالفعل مستثمراً رائداً في بنك كريدي سويس، ونفى المسؤول الفكرة القائلة بأنَّ السعوديين يسعون إلى شراء الحصص القطرية، بالأخص لأنَّ قطر سترفض التخلي عن حصصها.

وقد انتعش سعر سهم كريدي سويس قليلاً في الأشهر الأخيرة، وسط أدلةٍ مبدئية على تنفيذ خطط ثيام لإعادة الهيكلة، لكنَّ سعر الأسهم لا يزال متأرجحاً عند قرابة ربع السعر الذي اشترت به قطر لأول مرة حصةً بالبنك في عام 2008.

وبالنسبة للمملكة العربية السعودية، فإنَّ الحصول على الأسهم بالأسعار الجارية -وخاصةً إذا كانت مبادرة صندوق “آر بي آر” قادرة على دعم إعادة التصنيف النائشة- يمكن أن يكون رهاناً مالياً أفضل. وبالنسبة لقطر التي عانت بالفعل من جراء العقوبات، فمن شأن المبادرة أن تزيد الوضع سوءاً.

المصدر : هفنغتون بوست

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى