بالفيديو | ‘بدنا نحقق حلمنا، ما بدنا نموت’ صرخة طفل لبناني بوجه ‘التوتر العالي’

“نحن، كل واحد فينا عندو حلم بالحياة. ومع انو بقولو انو ما بيتحقق بلبنان، بس نحن هون ما في شي مستحيل بالحياة. نحن بدنا نحقق حلمنا، ما بدنا نموت…ما بدنا!”. هذه صرخة ايلي – جو. بل هذا حلمه: ألا يموت! ايلي – جو طفلٌ صغير. صغيرٌ جداً. من لبنان. ربما هو في السابعة من عمره، لكنّه يتكلّم كالراشدين، بل كالكبار. القلق من غدر المجهول يحوّل الصغار مُرّاداً من حكمة. يجعلهم ناطقين بالحق والحقيقة عن سابق معرفة أو ببساطة… بالفطرة! لكن لم قد يشعر طفل تستهويه كرة القدم بالقلق؟! لم قد يخاف الصغير من المستقبل ويحاذر غدر الأيام؟ لم يختصر حلمه اصلاً.. بترف البقاء على قيد الحياة؟! لم يذرف ايلي- جو تلك الدموع الصادقة والبريئة، بل على من وماذا يذرفها سوى على بلد قاس يصيب الطفولة بكابوس السرطان والموت المجانيّ في المنازل والمدارس وتحت أشجار الصنوبر؟!

ايلي – جو هو “بطل” الفيديو الذي صوّرته الزميلة في إذاعة صوت لبنان (الأشرفية) رنا ريشا في خلال تغطيتها الاعتصام الذي اقامه اهالي المنصورية-عين سعادة رفضا لمد خطوط التوتر العالي في المنطقة. تعلّق ريشا في اتصال مع موقع “لبنان24” بالقول: “لقد فطرت كلمات هذا الصبي قلبي. لقد بدا ناضجاً وأكبر من عمره. وجعه أكبر من عمره. همّه أكبر منه. حديثه يدل إلى انه على دراية بجوانب المشروع كافة ومدرك لخطورته”.

وشرحت ريشا التي قامت بتغطية الاعتصام حتى انتهائه أن إحدى السيدات استفاقت قبل بزوغ الفجر على صوت مشبوه في الجوار، فقامت بمناداة الجيران لتفقد المكان. وفوجئ السكان بالعمال الذين باشروا الأعمال في مشروع مدّ خطوط التوتر العالي في الهواء، ما اضطرهم إلى التدخل في محاولة منهم لوقف الأعمال الجارية بمؤازرة كبيرة من القوى الأمنية.

وأكدّت ريشا أن عدد العناصر الأمنية كان يفوق عدد السكان المعترضين على المشروع الذي يهدد البيئة وصحتهم على حدّ سواء.
وحصلت عدّة إشكالات بين السكان والقوى الأمنية تفاقمت إلى تعرّض عدد من أهالي المنطقة إلى الضرب، بحسب ما تؤكد إحدى السيدات.
وتلفت ريشا إلى أن والدة ايلي جو كانت قد تمكنت من تخطي حاجز القوى الأمنية وصولاً إلى موقع العمال، وظلّت هناك إلى موعد انتهاء الأشغال.
وكانت قد شاركت السيدة جويس الجميل في الاعتصام يرافقها عضو المكتب السياسي الكتائبي الياس حنكش الذي أكدّ في حديث لموقع “لبنان 24″ دعم حزب الكتائب المطلق لمطالب الأهالي ووقوفه إلى جانبهم في هذه القضية المحقة.

ويطالب السكان بمدّ خطوط التوتر تحت الأرض ما يوّفر على الخزينة تكاليف كبيرة، والأهم انه يحول دون تعرضّهم لمخاطر صحيّة جمّة تشمل الإصابة بالسرطان والتشوّهات الخلقية وصولاً إلى الموت”.
ويشير حنكش إلى أنّ المشروع القديم – الجديد يقضي بمدّ خطوط التوتر العالي في مناطق مأهولة بالسكان، وعلى مسافات قريبة جداً من المنازل والمدارس والمنشآت، مذكراً بأن منظمة الصحة العالمية تؤكد وجود أخطار ناجمة من الحقول الكهرومغناطيسية على الصحة العامة، وتدعو إلى الابتعاد عنها وتفاديها.

وفي هذا الإطار يقول:”لا يمكننا أن نخيّر السكان بين أن يصدقوا تقارير المنظمة العالمية أو تقارير وزراء الطاقة اللبنانيين!”
وعن سبب الإصرار “المشبوه” على المضي في هذا المشروع على رغم كل الاعتراضات وموقف السكان الواضح الذي لم يتغيّر على مرّ السنون، يرى حنكش أنه “من صلب النهج الذي تعتمده السلطة السياسية في مقاربتها للملفات كافة من الكهرباء إلى النفايات إلى الضرائب”، قائلاً: “هذا ليس بإصرار بل إنه تعنّت وعناد وأداء ديكتاتوري لا يأخذ بالاعتبار صوت المواطن ولا حقوقه”.
ويستغرب حنكش المواكبة الأمنية للأعمال التي بدأت فجراً فيما يُشبه الغدر، فيقول: “عدد العناصر الأمنية التي كانت موجودة لتنفذ ما طُلب منها أوحى وكأننا على جبهة عرسال. يبدو أن ثمة قراراً واضحاً بالتعامل بحزم مع أي اعتراض من السكان العزّل”.

وإذ يأسف حنكش لسياسة تهميش فئة من اللبنانيين وجعلها مكسر عصا، يؤكد أن حزب الكتائب وقف ولا يزال إلى جانب الأهالي من باب دعم قضية محقة، وهو يرفض تسييس الملف.
ومساء عقد الأهالي اجتماعاً في حضور كاهن رعيّة سانت تيريز ودعم “الكتائب” وذلك من أجل توحيد الجهود والمطالب ووضع خارطة طريق للتحرّك رفضاً لهذا المشروع الذي يتهدد الإنسان والبيئة.
وفي ختام حديثه، يعبّر حنكش عن أسفه إزاء قيام جهات سياسية بالمسرحية القديمة ذاتها، حيث يخرج الداعمون للمشروع ممن هم في موقع القرار والمسؤولية ليقولوا للسكان “نحن إلى جانبكم”، وتكون مواقفهم مجرد كلمات.. كلمات، على عكس صرخة ايلي جو، فارغة وكاذبة!

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى