بتول عاشت في هذه الدنيا سنة وشهر… مليئة بالألم والوجع.. فحملتها الملائكة على أجنحتها وسافرت بها الى السماء والسبب خطأ طبي!

الإهمال الطبي أبكى أم وأشعل قلب أب وأنهك عائلة.. قضى على مخلوق صغير، على هيئة ملاك، يزن بضعة كيلوغرامات، مجبول بالبراءة وممزوج بالهدوء، حمل من الأوجاع ما لا يحمله طفل.. إنها إبنة السنة وشهر بتول، رحلت أمس بعد معاناة وشلل كلي اصيبت به في إحدى المستشفيات الحكومية. 

بقي النربيش الكفيل بإخراج المياه من رأسها مقفلاً لمدة 9 ساعات، إذ تحتاج إلى إفراغ المياه من رأسها كل ساعة على الأقل، ولكن هل تعلمون ماذا حصل؟ “نسوا”.. نسوا أن يفرغوا المياه من رأسها وبقي النربيش مقفلاً فوق الـ 9 ساعات! وهذا حسب ما نشرت الجمعية التي كانت قد تابعت حالتها، لتتحول بتول الى برعم لا يقوى على التفتح، الى ملاك يبكي تارة ويبتسم تارة أخرى دون القدرة على تحريك أطرافها… انتظروا، هذا ليس كل شيء، هذا كله حصل بعدما دخلت بتول سيف الدين الى المستشفى لإجراء عملية استبدال شنت لرأسها، وكانت تحرك يديها وتضحك وتلعب وأيضاَ كانوا قد تأخروا لإجراء العملية لها دون سبب يذكر، علماً أنه كان قد وصل المبلغ المطلوب الى جيوبهم، رغم أنها تحمل بطاقة إعاقة، ومع هذا اضطر الأهل الى دفع كل ما يملكون، وسقطت دموع والد أنهكه الفقر فترك أولاده في البقاع في حال يرثى لها ساعياً لتأمين المبلغ المطلوب لصغيرته.
 
إلى هذا الحد باتت حياة المواطن الفقير رخيصة؟ هل يعقل أن هذه الدولة الفاشلة لا تعير إهتماماً ولا تحاسب أحداً الى هذا الحد؟ تباً لزعماء سيطر على فكرهم حب المال والرخاء و وضعوا حياة الإنسان و ضميرهم معاً في قبر تحت الأرض، لا يعرفون معنى للرحمة ولا الوجع ولا المرض.

لم يكتف المخطئين بهذا الكم الهائل من المعاناة التي أهدوها الى والدي بتول، من المواقف اللاإنسانية والمادية،  كذلك رفضت المستشفى تسليم جثتها إلا بعد دفع مبلغ مالي  محدد ما ادى إلى حجز أوراق جدّها وأوراق سيارة اجرة مستأجرة من قبل والدها. 

الإهمال الطبي والاخطاء الطبية، كلمتين اعتدنا سماعها لكثرة تكرارها، تتوالى دون أي حسيب أو رقيب، وحان الوقت للمعاقبة، معاقبة كل من يحرم والدة كهذه من احتضان طفلتها لمزيد من الأيام.. 

هل أصبح الخوف من كل شيء واجب علينا في هذا البلد، خوف من الرصاص الطائش، خوف من شبح الطرقات، خوف من أن نلد طفلاً و نتوقع أن يفارق الحياة كبتول؟ لكن لا بأس فبتول ستحمل هذه الشكوى و تودعها عند الله وتخبره كم أتعبوا جسدها الصغير، فعند الله لا يوجد وجع…

ريم بيضون- بنت جبيل.اورغ

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى