بري لعون وابراهيم…. ‘لعَبوا غيرها’

إنفجار معيشي – مالي بأبشع مظاهره، و’الحَبل عالجرّار’. الوضع الأمني ‘فِلِت’ و ‘الآتي أعظَم’. الموجة الثالثة من كورونا وصَلَت، وفضائح اللقاحات بالجملة. حروب سياسية من فوق الطاولة، واتفاق مصالح وتقاسم غنائم من تحتها. خلافات داخل الطبقة السياسية كلما ارتاحت ‘لخنوع’ اللبنانيين، والتفاف لأطرافها على بعضهم البعض، كلما أرعبتهم أصوات الثوار. هكذا تعيش البلاد وعبادها هذه الأيام.

يقول العالِمون بخفايا ما كان يجري تحت الطاولة من مخطّطات، أنه مع فشل الجولة الأولى من اتصالات ‘سندباد الجمهورية’، خرج أحد المقرّبين من رئيس الجمهورية بفتوى دستورية – قانونية تقول بإعادة تعويم حكومة تصريف الأعمال، عبر منحها ‘ثقة جديدة’، أو ‘تأكيد الثقة’، تؤمّن الغطاء للرئيس حسان دياب للعودة إلى ممارسة مهامه، وبذلك، تكون بعبدا قد سحبت جزءً من البساط من تحت الرئيس المكلّف، وهو ما عاد وقاله ‘الجنرال’ صراحة أمس، ‘أما شكّل أو فِلّ’، إنها الرسالة الأكثر وضوحاً، ‘بعدما طفح كيل بعبدا ومَن خلفها’. وعليه، جرت سلسلة اتصالات مع الحلفاء في الثامن من آذار، إلا أنها اصطدمت برفض رئيس مجلس النواب نبيه بري لاعتبارات عديدة. ما حرّك جولات ‘بساط الريح’ المكوكية من جديد، لملء الفراغ، و’الحَطّ على عَين اللبنانيين’.

ف’الإستيذ’ يُدرك جيداً تبعات أي خطوة من هذا النوع، داخلياً، إذ أنها ستؤدي إلى انفجار سنّي قد يصل حدود الفتنة السنّية – الشيعية، خصوصاً أن الإقتراح لا يحظى بغطاء سنّي، ومن جهة ثانية، ارتبط الأمر بمصالح عين التينة البعيدة المدى، سواء في عملية تصفية الحسابات مع الرئيس ميشال عون المستمرة، وبعلاقته الإستراتيجية مع بيت الوسط نتيجة سلسلة متداخلة من العوامل.

عزّز موقف الرئاسة الثانية، موقف ‘غرندايزر’ السراي الذي رضخ لإرادة نادي رؤساء الحكومات السابقين، مهدّداً بالإعتكاف، رغم أنه عملياً يسجل غياب كامل له ولحكومته، ما نسف طرح بعبدا في مهده، بعد تواصل بالواسطة بين المصيلح وبيت الوسط.


أما خارجياً، فإن ‘الإستيذ’ تبلّغ عبر قنوات دبلوماسية عربية محاذير أي خطوة ‘تؤذي’ تكليف الحريري، ونتائج ذلك من إجراءات لا قدرة للبنان على تحمّلها.

هذا الموقف لأبو مصطفى، رافقه طرح ‘وهمي’ لكسب الوقت، قابله تحريك بعبدا ل’سندبادها’ في جولة اتصالات ثانية بنفس مضمون المبادرة السابقة، تزامناً مع قرار بتحريك الشارع تولّت حارة حريك التخطيط له، ممهّدة بعزل مجموعات عن المشاركة بعد أحداث طرابلس المخطّط لها، ودفع مجموعات أخرى إلى النزول دون تنسيق معها أو طلب ذلك منها، علّ الشارع يعيد جزءً من التوازن الذي أسقطه رئيس المجلس.

‘المؤمِن لا يُلدَغ من الجحر مرّتين’ يقول المثل. إلا أن رئيس الجمهورية اعتاد أن يُلدَغ مرّات ومرّات من قبل حليف الحليف، دون القدرة على الردّ أو حتى اتخاذ اللقاح الضروري لحماية نفسه، يقول الشاطر حسن. إنها لعبة الحارة التي يستلذّ سيدها بممارستها بين الحليفين، الأول الذي يحمي ظهره داخل الطائفة ويؤمّن له التواصل مع الغرب، والثاني يؤمّن له الغطاء المسيحي الكافي للسيطرة على المؤسّسات الشرعية، والإمساك بما تبقى من دولة.

وهل ثمة بعد من يسأل إلى متى استمرار الصراع بين عين التينة وبعبدا… إلى أن تنتهي السنتين الباقيتين من عمر العهد، أو أن يحسم ‘حزب الله’ خياره وتموضعه إلى جانب أحدهما، أو أن تسقط الطبقة السياسية برمّتها، أي الثلاثة سوية بالتكافل والتضامن…..

المصدر : ميشال نصر – ليبانون ديبابت

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى