بعد 6 اسعار للدولار في السوق، سعران لليرة اللبنانية ايضا | رسمي وسعر السوق السوداء قريباً…. فهل يكون الحل بما طالب به صندوق النقد الدولي من ‘تصرف بالودائع’ ؟!

تحت عنوان “الليرة اللبنانية ترتقي إلى مصاف الدولار وتدخل السوق السوداء بسعر صرف ثانٍ”، كتب خالد ابو شقرا لجريدة نداء الوطن:

“الليرة رجعت تحكي”. ليس المهم “قيمة” اللغة التي تتكلمها، إنما يكفيها اعتزازاً انها عادت على كل شفة ولسان، وأصبح لها سعران: واحد نقدي والثاني بالحساب.

مع دخول قرار مصرف لبنان “حبس السيولة بالليرة” حيز التنفيذ، أُضيف إلى أسعار الصرف المتداولة سعر جديد، ليرتفع العدد إلى 6. وللتمييز بينها أُطلق على كل سعر اسم مختلف، بعضها مضحك وبعضها الآخر غريب عن السمع. انما مع الاسف هي أسعار حقيقية يتم التداول بها والمضاربة عليها وتعتبر خير دليل على فوضى سوق القطع.

ستة أسعارٍ للصرف

يتربع الدولار النقدي على عرش سلم اسعار الصرف ويساوي السعر المتداول في السوق الثانوية والمقدر اليوم بـ 8 آلاف ليرة. يليه مباشرة “الهولار” هو السعر المعتمد في المؤسسات الملزمة باعتماد سعر الصرف المحدد من مصرف لبنان، لان برامج التسعير والفوترة واحتساب الضرائب مبرمجة على هذا الأساس. وبالتالي عمدت هذه المؤسسات إلى رفع اسعار السلع بالليرة بحسب سعر الصرف بالسوق الثانوية، ورفعت أيضاً سعرها بالدولار بالنسبة نفسها على أساس 1507.5. من بعده يأتي “اللولار” وهو الدولار الموجود في حسابات المصارف والمحجوز من قبلها ويساوي 3900 ليرة. من ثم يأتي “الشولار” وهو سعر الشيكات المحررة بالدولار ويساوي 3 آلاف ليرة. ومن ثم هناك الليرة اللبنانية، التي أضيف اليها “البيرة” وهو سعر الليرة البنكية المحجوزة في المصارف وتساوي 80 في المئة من قيمة الليرة الفعلية. وللتوضيح أكثر فلنفترض ان سعر سلعة ما يساوي 1$ يتوجب علينا دفعها تقريبياً بالقيم التالية: 2 “لولار”، أو 2.5 “شولار”، أو 6.5 “هولار”، أو 8000 ليرة، أو 9000 “بيرة”.

نتائج تعدّد أسعار الصرف

ما يظهر على انه “مزحة” ما هو في الواقع إلا مأساة. فعدا عن الضياع في الدفع والتسعير واحتساب قيم العملات على أساس سعر الصرف المختار، فان هذا الواقع “يرفع المخاطر على الاعمال، ويُضعف ثقة المستثمرين ويؤدي إلى هروب الرساميل بالعملات الصعبة”، بحسب رئيس مجلس ادارة شركة fxgrow العالمية حسن مازح. “اما على الصعيد الداخلي فان تعدد أسعار الصرف يضغط على القدرة الشرائية للمواطنين ويلغي الطبقة الوسطى ويساويها بالفقيرة، ويؤثر سلباً على كافة المصالح. كما انه يؤدي إلى اغلاق كم هائل من الشركات”. ومن النتائج المباشرة ايضاً التي تنعكس سلباً على الاقتصاد والمجتمع بحسب مازح، هي “تهجير الطاقات الفكرية والمبدعين، واليد العاملة الماهرة الذين يهربون طلباً للعيش الكريم وبناء مستقبل أفضل خارج حدود الوطن. وهو ما يحرم المؤسسات والاقتصاد والقطاعات الانتاجية من المتفوقين والمهرة في مختلف المجالات”.

Haircut وتفليت سعر الصرف

لعل اخطر ما في تعدد أسعار الصرف انه “يترافق مع تعمّق الاقتصاد النقدي cash economy، الذي يسيء إلى سمعة لبنان ونظامه المصرفي، ويحد من قدرة المصارف على الامتثال للشروط الدولية المتعلقة بمكافحة تبييض الاموال”، يقول الاقتصادي شادي حنّا. “وعليه لم يعد من خيارٍ أمام لبنان لمحاصرة الحريق الذي يلتهم الليرة والودائع المصرفية، إلا تشحيل الارقام الوهمية الموجودة فقط في حسابات المودعين في المصارف، من خلال تنفيذ الهيركات Haircut. وبهذه العملية، التي هي مطلب أساسي من مطالب صندوق النقد الدولي، نكون نقرّب الارقام الوهمية من الارقام الفعلية ونعيد لها قيمتها الحقيقية”، بحسب حنّا. و”إلا فانه مع كل يوم تأخير ستخسر هذه الودائع قيمتها. وترتفع حدة المضاربة في الاسواق”.

التخلص من تعدد أسعار الصرف قد يتأمن ايضاً من خلال تحرير الليرة أو ما يعرف بـ “تفليت” سعر الصرف. بيد ان هذه العملية التي تعد أيضاً من مطالب صندوق النقد الدولي توَاجه بعقبات كثيرة، ليس أقلها اهمية مصير المدينين للمصارف بالليرة والدولار وقدرة المصارف على تحمل الخسائر، وحتمية ارتفاع سعر صرف الليرة مقابل الدولار إلى معدلات قياسية في ظل الظروف الدقيقة التي يمر بها لبنان.

الحل التقني لم يعد ينفع

“في ظل غياب سلطة تنفيذية محايدة واتفاق سياسي، وتجديد طريقة المعالجة الاقتصادية، فان كل الحلول التقنية ستعجز عن إصلاح سعر الصرف وضبط عملية انهيار الليرة والتخلص من تعدد الاسعار”، يقول الخبير الاقتصادي إيلي يشوعي. “فالامل الوحيد هو بتأمين تدفقات نقدية بالعملة الأجنبية تُضخ في شرايين الاقتصاد والمؤسسات. وهو ما لا يمكن تأمينه من دون التوصل إلى اتفاق سياسي ووجود دولة قادرة وسيدة نفسها وقراراتها”.

إلا انه في حال تأمين الشروط السياسية الملائمة فمن الممكن، برأي يشوعي، “استقدام شركات عالمية بواسطة مكاتب إستشاريين وإداريين دوليين تستلم الخدمات العامة، تحدّثها وتعصرنها لصالح الدولة اللبنانية ومن ثم تلتزمها بالمزايدة وبحسب دفتر الشروط الذي يوضع. وبهذه الحالة نؤمن النقد الاجنبي ونبعد المؤسسات عن امكانية تقاسمها وتحاصصها من قبل السياسيين”.

أمّا في حال تهميش الاصلاحات واستمرار النزاعات السياسية بين الشخصيات السبع فان تعدد أسعار صرف الليرة والدولار سيقود إلى مزيد من الفقر والبطالة واقفال ما تبقى من مؤسسات وتشريد ما بقي من عمال وتجويع يضرب اللبنانيين”، يختم يشوعي.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى