بينها صراعٌ دمويّ.. برشلونة-مدريد | 3 سيناريوهات مُحتملة

زادت حدة الأزمة الكتالونية خلال الأيام الأخيرة الماضية، إذ أمر رئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي، الجمعة الماضي، بعزل حكومة كتالونيا وحل برلمان الإقليم، ودعا إلى انتخابات جديدة، وذلك ردا على تصويت كتالونيا على قرار لصالح الانفصال عن إسبانيا في أزمة لم تشهدها البلاد منذ استعادة الديمقراطية قبل 40 عاما.

وتقول صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية، في تقرير على موقعها الإلكتروني، إن طرفي الأزمة كتالونيا- وإسبانيا، لم يعد أمامهما الكثير من الخيارات المتاحة لحل المشكلة، واحتواء الموقف. وتوقعت الصحيفة ثلاث سيناريوهات لما سيحدث بعد القرارات الأخيرة التي تم اتخاذها في إسبانيا، وسط حالة النفور التي تسيطر على الانفصالين الكتالونيين، والاحتجاجات التي يقوم بها الإسبان الرافضين للانفصال، والداعيين لضرورة توحيد البلاد.

وتقول الصحيفة إن السيناريو الأول: تقوية السلطة المركزية عندما أعلنت إسبانيا انتقال صلاحيات الحكومة الكتالونية للسلطة المركزية الإسبانية، وسيطرة مدريد على الحكومة والشرطة ووسائل الإعلام الكتالونية، علم الجميع أن البلاد تتخذ إجراءات صارمة، وتقوم بأشياء لأول مرة منذ عقود. ترى الصحيفة أن نجاح استرتيجية إسبانيا الجديدة تتوقف على مدى التأييد الذي يحصل عليه الانفصاليين في كتالونيا.

يعتقد السياسيون الإسبانيون أن دعم الانفصاليين مؤقت ومتغير، ومع ذلك منح 48 في المئة من الناخبين في الإقليم أصواتهم للأحزاب الانفصالية في الانتخابات الأخيرة. وتعتقد مدريد أن حالة التأييد للانفصاليين المنتشرة في الإقليم لن تستمر طويلا، وترى أن الأحزاب الانفصالية عملت على تأجيج مشاعر الغضب تجاه الحكومة، في أعقاب الأزمة الاقتصادية العالمية لعام 2008، وانتشار فضائح الفساد التي أثرت على سياسيين مرتبطين بالحكومة المركزية والمملكة.

وأشارت الصحيفة إلى أن إسبانيا في هذه الحالة، ستنتظر حتى يهدأ الكتالونيون المؤيدون للانفصال، وربما ستشن بعد ذلك حملة على الأحزاب والجماعات التي تسببت لها في المشاكل، من خلال استعادتهم السيطرة على مواردهم المالية، وقد تعتقل القادة الذين يحاولون مخالفة قرارتها والمضي قدما في اجراءات الانفصال.

ويرى السياسيون الإسبان إن هذه الاستراتيجية حققت نجاحا في إقليم الباسك، الذي حصل على حكم شبه ذاتي ولكنه ما يزال تابع لإسبانيا، فعوضا عن التفاوض مع حكومة الإقليم، والتوصل إلى اتفاقية سياسية، أعلنت مدريد عدم قانونية الأحزاب في الباسك، واتهمتهم بالإرهاب، وأحالت العديد من مسؤوليها إلى القضاء.

وتقول الصحيفة إن أغلب الإسبان يؤيدون هذه الاستراتيجية، إلا أنها قد تقود البلاد إلى الكثير من المشاكل، في حال التعامل معها بطريقة خاطئة، مُشيرة إلى أن الحملة العنيفة التي تشنها البلاد على الكتالونيين قد تزيد الموقف تعقيدا.

ووجدت أبحاث العلوم السياسية، أنه عندما تقوم دولة قمعية بمنع المواطنين من اختيار حكومتهم، فإنهم سيشعرون بالإهانة والظلم، قد تقودهم هذه المشاعر إلى الدخول في صراع عنيف مع الحكومة.

السيناريو الثاني: المزيد من اللامركزية أمام الحكومة الإسبانية خيار آخر، وهو زيادة نسبة اللامركزية، وهذا ما استبعدته الصحيفة لسببين هما، انعدام ثقة الكتالونيين في مدريد، ونقص الدعم السياسي للامركزية الحقيقية.

ووجدت الأبحاث إن اللامركزية لن يكون لها فائدة حقيقية، إذا كانت الأحزاب الانفصالية قوية بالفعل، علاوة على ذلك، عندما يتصاعد الصراع الفيدرالي إلى هذه الدرجة، يرى الانفصاليون أن أي قرار بشأن اللامركزية متأخر، وغير كاف. فضلا عن أن أغلب الكتالونيين لا يثقون في هذه الوعود، ففي عام 2005، صوّت 89 في المئة من البرلمان الكتالوني على اقتراح باللامركزية، يمّكن حكومة الإقليم من جمع الضرائب مباشرة، ويُعلن كتالونيا أمة مستقلة، ورغم الوعود الإسبانية، إلا أن الحكومة قضت على الاقتراح، ولم تنفذه.

ولم تكن تلك المرة الأولى التي تتراجع فيها إسبانيا عن وعودها، فتأكد الكتالونيون أنها لا يمكن الاعتماد عليها مُستقبلا، حتى إذا وعدتهم باللامركزية، فهذا لم يعد كافيا، إذ باتوا يحلمون بالاستقلال عنها بشكل نهائي.

السيناريو الثالث: استفتاء قانوني تقول الصحيفة إن فرض الحكم المباشر على كتالونيا، وعدم الاعتراف باستقلالها دوليا، جعل انفصالها عن إسبانيا سيناريو غير واقعي، ومع ذلك قد يستمر بحث الكتالونيين للعثور على خيار آخر يمكنهم من تحقيق حلمهم، وهو إجراء استفتاء قانوني، مثلما حدث في اسكتلندا عام 2014 في بريطانيا، وفي مقاطعة كيبك عام 1995 في كندا.

وأفاد استطلاع أُجري هذا العام، أن 72 في المئة من مواطني الأقليم يوافقون على هذا الخيار، بينما يرفض أغلب الإسبان على فكرة إقامة استفتاء. وترجح الصحيفة الاميركية أن إجراء استفتاء مستقل سيكون أمرا غاية في الصعوبة والتعقيد، ولكنه ربما يتم بواسطة دولية، ويجب على كل الأحزاب والأطراف السياسية في الأزمة الموافقة على نتيجته.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى