تشكيل الحكومة لن يكون أمراً سهلاً حتى بعد رحيل ترامب!

بعد مصادقة الكونغرس الأميركي على نتائج الإنتخابات التي أفرزت فوز المرشح الديمقراطي ​جو بايدن​، عاد الحديث في بيروت عن إحتمال أن يقود ذلك إلى تحريك الملف الحكومي من جديد، لا سيما مع عودة رئيس الحكومة المكلّف ​سعد الحريري​ من إجازته الخارجيّة، نظراً إلى أنّ معظم القوى السّياسية كانت تؤكّد إستحالة تأليف حكومة في ظل وجود الرئيس الأميركي ​دونالد ترامب​ في البيت الأبيض.

على المستوى الداخلي، لا يزال ​البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي​ يسعى إلى تقريب وجهات النظر بين رئيس الجمهورية ​ميشال عون​ ورئيس الحكومة المكلف، إلا أن السؤال يبقى حول جدّية نظريّة القدرة على تأليف الحكومة سريعاً بعد مغادرة ترامب البيت الأبيض.

في هذا السياق، تشير مصادر سياسية مواكبة، عبر “النشرة”، إلى ضرورة الإسراع في إنجاز التشكيلة الحكوميّة في ظل الظروف الصعبة التي تمرّ بها البلاد، لا سيّما أن حكومة تصريف الأعمال أثبتت عجزها عن القيام بالحدّ الأدنى المطلوب منها في الفترة الماضية، خصوصاً أن أيّ تأخير ليس في مصلحة لبنان واللبنانيين.

بالنسبة إلى هذه المصادر مغادرة ترامب البيت الأبيض قد تكون عاملاً مساعداً في إنجاز التشكيلة الحكوميّة، خصوصاً أن الجميع يدرك بأنّ إدارته كانت قد وضعت شروطاً صعبة على الحريري، أبرزها تهديده بالإنضمام إلى قائمة العقوبات في حال تمثيل “​حزب الله​” في الحكومة، سواء كان ذلك بصورة مباشرة أو غير مباشرة.

على الرغم من ذلك، تلفت المصادر نفسها إلى أنّ التعقيدات الداخليّة لا تقلّ خطورة عن تلك الخارجيّة، خصوصاً أنّ الأجواء المحلّية لا توحي بإمكانيّة إبرام تفاهمات بكل سهولة، لا سيما أنّ النقاش تجاوز تشكيل حكومة مهما كان نوعها، ووصل إلى حد طرح صيغة النظام القائم منذ ما بعد إتفاق الطائف، مع ما يعنيه ذلك من خلافات سياسية وطائفية.

إنطلاقاً من ذلك، لدى المصادر السياسية المواكبة قناعة بأن موعد 20 كانون الثاني الحالي لن يفتح الباب أمام تشكيل حكومة بكل سهولة، بل على العكس من ذلك قد يقود إلى توسيع دائرة السجالات الداخليّة إلى الحد الأقصى، الأمر الذي يعني إستمرار حالة تصريف الأعمال فترة أطول، خصوصاً أن العلاقة بين الشخصين المعنيين بالتأليف، أي رئيسي الجمهورية والحكومة المكلف، تبدو شبه مقطوعة، لا بل تذهب أبعد من ذلك إلى الحديث عن ثقة مفقودة حتى ولو تمّ التأليف.

من وجهة نظر هذه المصادر، بالإضافة إلى الجانب الفرنسي الّذي من المفترض أن يتحرك بشكل أسرع مع إنتهاء ولاية ترامب، نظراً إلى أنّ الأخير كان قد وجّه أكثر من ضربة قاسية للمبادرة التي أطلقها الرئيس إيمانويل ماكرون في الفترة الماضية، هناك دور من المفترض أن تقوم به بعض القوى المحلية، خصوصاً “حزب الله” الذي قد يكون الأكثر قدرة على هذا الأمر، لا سيما أن علاقته برئيس الجمهورية أكثر من جيدة، بينما التعاون مع رئيس الحكومة المكلف قائم، على عكس باقي أفرقاء قوى الأكثريّة النيابيّة، من دون تجاهل المساعي التي يقوم بها البطريرك الماروني.

في المحصّلة، تجزم المصادر نفسها أنّ المهمة لن تكون سهلة على الإطلاق، لا سيما أنّ النقاش لا يقتصر على ​تشكيل الحكومة​ فقط، بل أيضاً في خلفيّته التفكير بالإنتخابات الرئاسيّة المقبلة، وتفكير في التوازنات الجديدة الّتي قد تفرزها أيّ تسوية أميركيّة-إيرانيّة على مستوى المنطقة، التي من المفترض أن يكون لها تداعيات كبيرة على الواقع اللبناني.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى