حالات غرق بالجملة: الشواطئ اللبنانية إما الدفع أو ركوب المخاطر!

عادت قضية المخاطر التي تتهدد رواد الشواطىء الشعبية في لبنان عموما، والشمال خصوصا الى الواجهة من جديد، مع قدوم فصل الصيف ولجوء المواطنين الى السباحة على طول تلك الشواطىء، غير آبهين بالمخاطر التي تتهددهم لجهة السباحة في أماكن ملوثة بفعل تدفق المجارير التي تترجم نفسها أمراضا جلدية مختلفة على أجسادهم ولا سيما الأطفال منهم، أو في أماكن غير آمنة ولا مراقبة، ما يعرضهم للغرق أو للاصابة بكسور وخدوش جراء انتشار الصخور.هذا الواقع، أدى الى سقوط أكثر من 43 شخصا بين غريق وجريح منذ بداية موسم الصيف على مساحة الشاطىء الممتد من عكار شمالا الى الناقورة جنوبا.وأمام هذا الواقع المأساوي الذي يتكرر مع كل موسم صيف، لم تعد تنفع كل الدعوات السابقة في حث المسؤولين على انشاء مسابح شعبية بمواصفات توفر الحد الادنى من شروط السلامة العامة والراحة للفقراء الهاربين من رسوم الشاليهات أو الكابينات في المنتجعات الخاصة،التي يحتاج دخولها الى موازنات مالية ليس في مقدور معظم العائلات المتوسطة الحال تأمينها،أو تحمل أعبائها.ولعل محافظة الشمال على وجه الخصوص ما تزال تمتلك مساحات واسعة من الشواطىء الرملية وبخصائص سياحية وبيئية تساهم في إنجاح أي مشروع لاقامة مسابح شعبية،وعلى سبيل المثال لا الحصر شاطىء الميناء الذي يبلغ طوله نحو 9 كيلومترات،وقد تم انشاء مسبح شعبي عليه لم يكتب له النجاح بفعل الحرمان والاهمال اللاحقين بالمدينة، وغياب سلطة الوصاية عن لعب دورها في تنظيفه ووضع كابينات ومراحيض، كما كان مقررا عند افتتاحه قبل سنوات،فتحول مع مرور الزمن الى نقمة على المواطنين بدلا من ان يكون نعمة.هذا المسبح الشعبي في الميناء او ما بقي منه، فضلا عن سائر الشواطىء المماثلة في لبنان لجهة شمال طرابلس باتجاه عكار مرورا بالبداوي والمنية،ما تزال الفرص سانحة أمامها لاقامة مسابح شعبية والاستفادة من المساحات الموجودة قبل وصول “يد” المستثمرين والمتمولين اليها،بهدف إقامة الانشاءات البحرية المخالفة،والتي بدأت تواجه بحملات شعبية مناهضة على غرار ما حصل قبل اسبوعين في بلدة كفر عبيدا حيث يتصدى الاهالي هناك لمصادرة مستثمرين الشاطىء الصخري واقامة منتجعات عليه،كذلك شاطىء الرملة البيضاء في بيروت والذي نجح نشطاء المجتمع المدني في تأجيل او الغاء قرار مصادرته لحساب متمولين ومنهم سياسيين.ما يحصل على الساحل اللبناني، يوحي بتواطؤ السلطة على الفقراء الذين باتوا أمام خيارين فإما السباحة في أماكن خطرة وملوثة، أو البقاء في منازلهم.واذا كان بعض اللبنانيين استطاعوا ان يجدوا متنفسا لهم من خلال تامين بعض الشواطىء من قبل جمعيات وبلديات،فان الوضع في طرابلس العاصمة الثانية للبنان ومعها محافظة عكار، يبدو مغايرا حيث لا بلديات تعمل في هذا الاطار ولا قدرة للجمعيات على تامين شاطىء يلجأ اليه المواطنون،الذين بات الموت يلوح لهم في الافق مع كل رحلة تنزه الى البحر،حيث يتبدى للمراقب مشهد العائلات المنتشرة على طول تلك الشواطىء الرملية منها او الصخرية،ومعها يتكشف حجم الخطر المحيط بهم،في ظل غياب الرقابة وتدني منسوب السلامة العامة.وتشير بعض الدراسات الى أن المنطقة المعروفة باسم البياضة والممتدة من المطعم الذهبي الى ما بعد الفاخورة في ميناء طرابلس، ومنطقة “قواص الحمام” في محلة رأس الصخر، وكذلك المنطقة المواجهة للملعب الأولمبي،تصلح لإقامة مسابح شعبية،لا سيما أن هذه المناطق مؤهلة طبيعيا وجغرافيا كون كل منها يشكل خليجا، بالإضافة الى المنطقة الرملية القريبة من مصب نهر أبو علي في طرابلس،والمنطقة المجاورة للمصفاة في البداوي والتي كان الانكليز يستخدمونها للسباحة،على أن يصار الى تحويل قساطل المجارير عنها وربطها بالقساطل الموصولة بمحطة التكرير لدرء خطر التلوث،فضلا عن تنظيف الشاطئ وإقامة بعض الخيم لتبديل الملابس،وعدد من المراحيض،وتجهيزها بغرف إنقاذ، وتأمين الحماية لها عبر الشرطة البلدية،بالإضافة الى بعض الخدمات الخاصة القادرة في المستقبل على تمويل تشغيل هذه المسابح التي بدأ الحديث عنها قبل سنوات ودخلت في برامج انتخابية نيابية وبلدية.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى