حزب الله يُخيِّب رهانات العدو واستخباراته

رغم أن أحداً لا يستهين بالقدرات الاستخبارية للعدو الصهيوني، ونجاح الكثير من مخططاته، لكنهم في “تل ابيب” يقرّون ويعترفون بأن الاستخبارات فوجئت بالعديد من المحطات المفصلية التي أسقطت جزءا هاماً من رهاناتها في الساحة السورية ومن خلالها. وأبرز مصاديق الفشل الاستخباري الاسرائيلي، كان سقوط الرهان على اسقاط النظام السوري، واضعاف حزب الله بفعل مشاركته في الحرب السورية.

لم يعد الحديث عن خيبة العديد من رهانات العدو الأساسية التي تتصل بالمعركة الدائرة على الارض السورية، مجرد نظرية وتقدير يحتاج الى بذل المزيد من الجهد والاستدلال. بل حقيقة تؤكدها تسلسل الوقائع في الساحة السورية، وانطوت في اقرار رئيس الاستخبارات العسكرية اللواء هرتسي هليفي الذي كشف خلال مثوله امام لجنة الخارجية والامن التابعة للكنيست (شباط/ 2016)، بالقول “ان قدرة الاستخبارات على التنبؤ في الساحة السورية، متدنية، والتاريخ يشهد على ذلك”. ضمن الاطار نفسه، نقلت هآرتس (4/3/2016) بأن “رجال الاستخبارات في اسرائيل يتخبطون حول كيفية تقدير اثار الحرب في سوريا على حزب الله”.

توالت مصاديق الفشل الاستخباري الاسرائيلي بدءًا من خيبة الرهان على اسقاط الرئيس الاسد. حيث حمل رايته خلال الاشهر الاولى من انطلاق الاحداث في الساحة السورية، وزير الامن الاسرائيلي ايهود باراك الذي كاد يقسم الأيمان المغلظة بأن الرئيس الاسد سيسقط خلال أسابيع.

 

أيضاً، مثّل التغير السريع الذي شهدته خارطة الجماعات المسلحة والارهابية مصداقاً من مصاديق الفشل الاستخباري الاسرائيلي والغربي والاقليمي، الامر الذي دفع رئيس الاركان غادي ايزنكوت خلال المؤتمر الاخير لمعهد ابحاث الامن القومي في الشهر الماضي، الى تناول سرعة تطور “داعش”، كمؤشر على عدم القدرة على مواكبة سرعة التطورات على الساحة السورية. ايضا في المناسبة نفسها، وصف وزير الامن الاسرائيلي موشيه يعلون سرعة التطورات وتواليها الامر الذي يشكل تحديا للاستخبارات الاسرائيلية، بالقول أنه في كل زيارة الى منطقة الحدود الشمالية يسمع عن تغيرات عن قادة جدد وجماعات بل يكاد الامر يكون يوميا.. وقارن هذا الواقع السيال بالايام التي كان يتولى فيها رئاسة الاستخبارات العسكرية والتي لم يضف على ملف الزعماء والقادة المعادين لـ”اسرائيل” في حينه سوى بعض الورقات القليلة في نهاية عهده على ما استلمه في بداية توليه منصبه الاستخباري.

الامر نفسه، ينسحب على التدخل العسكري الروسي، ومفاعيله.. الذي فوجئت “اسرائيل” بأصله ومداه ومفاعيله.. وصولا الى التوصل الى اتفاق وقف النار.

لكن من أبرز مصاديق خيبة رهاناتهم، ما كانوا يأملونه من آثار مفترضة على مشاركة حزب الله للقتال في سوريا. اذ بدلا من أن يؤدي ذلك الى اضعافه على كافة المستويات، اذا بهم أمام حزب الله أكثر قوة وكفاءة وخبرة وتصميما على مواجهة الاعتداءات.

ولعل الاستشهاد الأدق في التعبير عن خيبة الرهانات الاسرائيلية، المقارنة التي أجرتها “هآرتس” بين ما كانت تراهن عليه “اسرائيل” في حزيران العام 2013، عندما أعلن رئيس الاركان بني غانتس بأن “النيران السورية وصلت الى عباءة (السيد) نصر الله”. بينما الان بات حزب الله، كما حددت “هآرتس”- مع المعسكر الذي ينتمي اليه- بأن “يده هي العليا في سوريا”.

في الاطار نفسه، استعاد هرئيل، مقولة رئيس الاركان الاسبق امنون شاحاك الذي وصف حزب الله منتصف التسعينات، عندما كانت ا”سرائيل” تحتل الحزام الامني في جنوب لبنان، بالقول “يجب التعامل مع حزب الله كمنظمة حرب عصابات وليس كمنظمة مخربين أو خلايا ارهابية”. في المقابل، وبحسب بتعبير المعلق العسكري في صحيفة “هآرتس” عاموس هرئيل، والمعلق العسكري في القناة العاشرة في التلفزيون الاسرائيلي، الون بن ديفيد، اللذين يبدو انهما استندا الى قيادات عسكرية رفيعة في الجيش الاسرائيلي، فقد تحول حزب الله الى “جيش بكل ما للكلمة من معنى”. وبالطبع ليس المقصود أنه بات جيشا كلاسيكيا وانما على مستوى تنامي وتطور قدراته العسكرية.

وفي اطار المقارنة نفسها، أورد بن ديفيد ايضا في مقالته المشهد التالي، الذي يغني عن الكثير من الشروحات “منذ حرب الاستقلال (عام 1948) وحتى السبعينات من القرن الماضي كان لبنان الجار لا يشكل تهديدا لنا. والنكتة في تلك السنوات كانت انه اذا ما اندلعت حرب في الشمال فإن الجيش الاسرائيلي سيحتل سوريا ويرسل فرقة الموسيقى في الجيش لاحتلال لبنان”. اما الان فقد اصبح للبنان مدافع (حزب الله) بدأ بـ”تنظيم يخدش وتحول الى نمر مفترس” كما وصفه الون بن ديفيد، استنادا الى من لم يذكر اسماءهم.

 

المصدر : موقع العهد الاخباري

 

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى