خفايا وكواليس من القصر الجمهوري… والحريري لعون: ‘ما بقى فيي اتحمّل’

لم تكن ليالي القصر الجمهوري عادية منذ ما بعد ظهر يوم السبت حين سمع سيد القصر والمؤتمن على الدستور، كما جميع اللبنانيين، فيديو اعلان استقالة الرئيس سعد الحريري على شاشة “العربية”. بعد دقائق قليلة اصبح الرئيس الحريري على الهاتف ويقول حرفيا للرئيس ميشال عون: “انا ما بقى فيي اتحمّل”، حاول الرئيس استيضاح السبب الذي دفع الحريري لاتخاذ هذا القرار وهو الذي كان قبل يوم يحضر جدول اعمال جلسة مجلس الوزراء المقبلة، فاكتفى الحريري بالرد انه قادم الى لبنان خلال اليومين المقبلين.

كان الاتصال الوحيد المباشر بين الرئيسين، كما اشار المستشار السياسي والاعلامي لرئيس الجمهورية جان عزيز في حديث لـmtv، ليتحول القصر من بعدها الى خلية عمل واستقبالات ومشاورات استبقها الرئيس عون باتصالات مع مختلف القيادات الوطنية طالبا منهم التهدئة ومن بينها ايضا حزب الله.
بادر الفرنسيون الى التوسّط، فزار السفير الفرنسي في السعودية الرئيس الحريري الا انه لم يصل الى اي نتيجة حتى انه رفض ان يصرح عن المكان الذي التقاه فيه، في حين توجه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الى الرياض والتقى ولي العهد محمد بن سلمان وكذلك لم تؤدّ زيارته الى اي نتيجة حتى انه لم يخرج من ارض المطار حيث حصل اللقاء.
واما الجديد الذي طرأ في اليوم الاخير من المشاورات واللقاءات الدبلوماسية فتمثل بزيارة القائم بالاعمال السعودي في لبنان وليد البخاري الى بعبدا، وعن صحة المعلومات بأنه اقترح ذهاب الوزير جبران باسيل الى السعودية للقاء الحريري، لم يؤكد عزيز هذه المعلومة ناسبا الكلام الى البخاري.

وشدد عزيز الى انه لا حد زمنيّاً لتريّث رئيس الجمهورية باتخاذ اي موقف من استقالة الحريري بانتظار عودته مهما طالت، معتبرا انه حتى لا امكانية لتصريف الاعمال من دون وجوده في السراي الحكومي، مؤكدا ان اي بحث في حكومة جديدة هو بمثابة اغتيال سياسي لا وطني ولا انساني للرئيس سعد الحريري في ازمته ومحنته.
وعما اذا هناك اي كلمة للرئيس عون قريباً، قال: “هناك تفكير بامكانية مخاطبة اللبنانيين ومصارحتهم بما حصل ولكن لا يزال الامر مجرد تفكير”.
وعن الموقف الاميركي قال: “كلام السفيرة الاميركية كان اكثر من استثنائي لناحية دعم الرئيس وتخطى كلام السفراء التسعة الاخرين الذين كانوا موجودين في الاجتماع الذي ضم سفراء مجموعة الدعم الدولية من اجل لبنان، كاشفا عن ان الولايات المتحدة تؤيد الخطوات السعودية الداخلية بشرط ان تكون شفافة في حين انها ترى احدى الاحداث الامنية التي حصلت في منطقة سعودية بأنها ملتبسة ولم تتمكن بعد من التحقق منها.

وشدد عزيز على ان “التسوية الرئاسية لم تسقط بدليل المواقف التي تصدر يوميا وما يقوم به الرئيس عون وما يقوله آل الحريري وكلام كتلة المستقبل التاريخي رغم كل الضغوط وموقف الوزير نهاد المشنوق الذي يستحق عليه الف تحية حين قال باننا لسنا قطيع غنم ولا قطعة ارض وبدليل ايضا كلام النائب وليد جنبلاط والرئيس نبيه بري الذي يؤكد مجددا انه من الضمانات الاساسية للامن والاستقرار، فكل هذا يدل على ان التسوية لم تسقط”.
وحول موضوع حزب الله قال: “حزب الله مرتبط بأزمة المنطقة وكل ربط بين حزب الله في لبنان وازمة المنطقة هو محاولة ابتزاز للبنان بشكل فاقع وواضح، واما داخليا فلسلاح حزب الله بعدين هما مواجهة الارهاب واسرائيل وخاضع لثلاثة مواثيق هي شرعة الامم المتحدة ، وثيقة الوفاق الوطني وبيان حكومة استعادة الثقة التي يرأسها الحريري”، مشيرا الى “اننا في التسوية الرئاسية كنا متفقون على رفض اي محاولة للاستفادة من وهج قوة ما في الشأن الداخلي”.

ورأى ان “هذه التسوية المتوازنة هي افضل صيغة للتقدم ببطء من وضع متفلت الى وضع مضبوط ومن وضع سيئ الى افضل”.
وسأل عزيز وزير الدولة السعودي ثامر السبهان: “قبل عام كان الوضع السعودي في لبنان افضل او اسوأ؟”، معتبرا ان “الذي تغير اليوم هو ان حسابات خارجية فرضت على جهة ما محاولة زج بيروت في صراع اكبر منها، لكننا نؤكد ان بيروت للبيروتيين وابلغنا الجميع اننا لن نقبل ان ينفذ اي طرف كان حساباته ويصفيها في بيروت او يجعل منها ساحة معركة لتعويض خسارة معارك اخرى، ولبنان قادر على المواجهة وهناك تعاطف كبير مع لبنان عربيا ودوليا في ازمته ولا يمكننا الاعلان عن كل ما يقال لنافالكل يشعر بأن لبنان مظلوم والبعض يحاول اخذه رهينة”.
وردا على سؤال اكد ان رئاسة الجمهورية لم تبلغ بأي خطوة تتعلق بترحيل لبنانيين من الخليج او بوقف رحلات جوية.

وكشف عزيز عبر mtv ان الرئيس عون كان يفضل ان يتريّث البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في زيارته الى السعودية، التي سيتجه اليها الاثنين، وقد أعطي تطمينات وضمانات وأغدقت عليه وعود كبيرة جدا من نوع المطمئن والمؤكد على عمق العلاقة بين الشعبين، موضحا ان الرئيس عون كان يفضل التأجيل ليس من باب النقاش بمبدأ الزيارة انما توقيتها وكان يفضل ان تكون في زمن آخر.
اما وقد باتت الزيارة بحكم الحاصلة، فاشار عزيز الى ضرورة الاستفادة القصوى منها، وهنا كشف ان البطريرك طلب لقاء الحريري في خلوة وفي مقر ضيافة البطريرك بعيدا عن المكان الموجود فيه حاليا وانه سيقول بشكل واضح للمسؤولين السعوديين بأن لبنان لا يعقل ان يكون ساحة صراع ايراني – سعودي او اي صراع اقليمي.
وركّز عزيز على الدعم الذي تؤكد عليه المواقف الدولية للبنان واستقراره، كاشفا ان هناك مصلحتين اساسيتين للمجتمع الدولي في لبنان وهما ان لا تتحرك الحدود اللبنانية وهذا يعني انفجار المنطقة برمتها من جديد بالاضافة الى هاجس المليون ونصف المليون نازح سوري الموجودين في لبنان، حيث ان أي زعزعة قد تحصل ستجعل من هؤلاء طرائد على ابواب العالم الغربي، معتبرا ان كل العالم يدرك ان لديه مصلحة بمراعاة هاتين المصلحتين.

وفي معلومات تكشف للمرة الاولى، تطرق عزيز الى اللقاء الذي جمع المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم والرئيس الفلسطيني محمود عباس القادم من الرياض في عمان، وفي اعلان خطير قال: “بلغتنا رسائل عربية مفادها ان البعض حاول الضغط على “ابو مازن” لاستخدام الورقة الفلسطينية في لبنان كجزء من التهديدات والضغوط على لبنان الا ان عباس رفضها واكد وقوفه الى جانب لبنان”.
وحول احتمال قيام عون بزيارة قريبة الى ايران، قال: “لا موعد محدد لزيارة الرئيس الى ايران والتوقيت لاي زيارة خارجية تحددها المصلحة اللبنانية وللسبب نفسه ايضا لم يزر بعد سوريا، فلا حرج لنا من أحد والرئيس عون ليس مديونا الا للشعب اللبناني”.
وفي الملفات السياسية الاخرى، اعتبر عزيز ان “اتفاق معراب أنجز بالكامل ونفذت كل بنوده، فهذا الاتفاق قام على التسوية الرئاسية وتصور الحكومة المقبلة واقرار قانون جديد للانتخابات والفلسفة الاهم منه انه على المسيحيين واللبنانيين ان يتفقوا على اخراج العنف من حياتهم السياسية واللجوء الى الحوار دائما، في حين انه لم يقارب وجهات النظر للطرفين تجاه مسائل سياسية اساسية منها حزب الله وسلاحه والاوضاع في سوريا وغيرها كما لم يتم والاتفاق على كيفية التعاطي مع الاستحقاقات الانتخابية”، معتبرا ان “الحريص على تفاهم معراب يجب ان يطلق معراب 2”.

وكان عزيز صريحا بتقييمه العام الاول للعهد، معترفا ان الناس حملت العهد تطلعات واحلام اكبر من قدرة اي عهد او اي بلد على تجسيدهم، ولكن من جهة واقعية تم بناء ركائز البلد على مستوى العدالة والاستقرار المالي والاقتصادي واقرار قانون انتخابي جديد، مشيرا الى اننا كنا سنباشر بابدء بالبناء من بعد هذه الركائز قبل ان تحصل الازمة ويغيب رئيس الحكومة.

واعلن انه حتى اللحظة لا يزال الاحتفال بعيد الاستقلال قائما فقيادة الجيش التي تقيم هذا الاحتفال عادة لم تعلن أي جديد في هذا الخصوص.
وردا على سؤال ختامي عما اذا كان مرشحا للانتخابات النيابية في دائرة جزين قال بالعامية: “بكّير الحديث عن الانتخابات وبدن يعذرونا ولاد جزين ما طلينا هالاسبوع وانا وين ما كنت بيظل اسمي جان عزيز وابن جزين”.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى