رحلة البحث عن بديل لرياض سلامة انطلقت!

كشف شروع المصارف اللبنانية أمس في تنفيذ إضرابها المعلن ليومين متتاليين، الارتفاع الحاد لمستوى المخاطر التي تحيط بالوضعين النقدي والمعيشي، وإمكانية تحولهما إلى فوضى عارمة جراء قابليتهما للتفاعل السريع وحساسيتهما المفرطة إزاء المستجدات الملتبسة التي تتوالى على أكثر من صعيد، ولا سيما منها النزاع المحتدم بين القطاع المالي من جهة وجهات قضائية من جهة مقابلة.

ولا تستبعد مصادر مالية متابعة لـ “الشرق الأوسط”، الانزلاق التدريجي إلى تفاقم استثنائي في أزمة السيولة النقدية بالعملة المحلية بسبب اتساع الفجوة بين الأكلاف المعيشية نتيجة تزامن موجات غلاء جديدة، يرجح أن يتعدى متوسطها 30 في المائة دفعة واحدة من جهة، وبين زيادة تقنين ضخ النقود الورقية عبر المصارف من جهة مقابلة. وذلك بعد خفض الحصص المتاحة للموظفين والمودعين إلى حدود 5 ملايين ليرة شهريا، أو نحو 230 دولارا ورقيا، في حين يجري تعقيم السيولة المتاحة عبر بطاقات الدفع الممغنطة، مع توسع ظاهرة رفض قبولها عبر نحو 31 ألف نقطة بيع موزعة في المتاجر والمحلات.

رحلة البحث عن بديل لسلامة

قرّر مصرف لبنان منذ مدة، خفض كوتا الدولارات التي يضخّها للمصارف بموجب آلية التعميم 161، من سقف مفتوح إلى تقسيط على أسبوع، ما دفع سعر الصرف إلى الارتفاع وازدياد حالة عدم اليقين التي تشوب السوق في ظل الحرب المندلعة على جبهتي القضاء وال​سياسة​. وفي سوق المحروقات أيضاً، خلق سلامة حالة هلع غير مبرّرة ومفاجئة، إذ إنه رغم ارتفاع الأسعار العالمية وصعوبات الاستيراد، كان التمويل لشحنات المازوت والبنزين متوافراً باستمرار من خلال مصرف لبنان على منصّة صيرفة. وكانت الشركات تجمع الليرات من الزبائن وتحوّلها إلى دولارات على منصّة صيرفة لاستيراد البنزين، لكن مصرف لبنان قرّر منع استعمال الشركات لهذه المنصّة على أن يمنحها الدولارات نقداً لتشحنها إلى الخارج لتسديد ثمن الشحنات. عملياً، يخلق مصرف لبنان صعوبات ضخمة نظراً لصعوبة الشحن وارتفاع كلفته، وصعوبة قبول الشحنات في الخارج نقداً.

التزامن بين تدهور سعر الصرف وتدهور سوق المحروقات لم يكن صدفة، بل يأتي في سياق تطورات في ملف سلامة القضائي وتوقيف شقيقه رجا على خلفية ملف شركة فوري والاختلاسات وعمليات تبييض الأموال المشتبه بقيامهما فيها. وتراكمت نتائج هذا المسار القضائي لتحول دون قدرة سلامة وفريقه من المطبلين داخل السلطة وخارجها، على تحويل الملف إلى اتهامات سياسية وتفريغها من مضمونها الفعلي المتعلق بالاختلاس وتبييض الأموال. وتزامنت هذه التطورات مع عمليات بحث عن بديل لرياض سلامة يوافق على تعيينه حاكماً لمصرف لبنان. وبحسب المعطيات، فإن اتصالات جرت مع عدد من المرشحين لم تسفر عن نتيجة حاسمة. وهذا الأمر كان أساسياً بالنسبة لسلامة الساعي إلى الخروج الآمن. فهو ليس قلقاً فقط من الادعاء القضائي المحلي، بل الخارجي أيضاً، لذلك لم يعد يظهر كثيراً خارج مصرف لبنان، ويتردّد بأنه مقيم في الشقة التي كان يقيم فيها إدمون نعيم أيام الحرب الأهلية في الطابق الأخير من مصرف لبنان.

وأوردت صحيفة “الأخبار” أنه “في الأسابيع الماضية انطلقت رحلة البحث عن بديل من حاكم مصرف لبنان رياض سلامة. وفق المعلومات، نالت عملية الاستبدال غطاءً أميركياً وفرنسياً. فقد سمع زوار السفيرة الأميركية دوروثي شيا، أن الولايات المتحدة لم تعد قادرة على الاستمرار في العلاقة مع رياض سلامة كما في السابق، وأنهم لا يمانعون إجراء تعديلات في حاكمية مصرف لبنان”.

وفي السياق نفسه، لفتت الصحيفة إلى أنه “تولّى المصرفي سمير عسّاف، كمفوّض من الجانب الفرنسي، وتحديداً من الرئيس إيمانويل ماكرون، البحث عن شخصية توافق على الحلول محلّ سلامة، علماً بأن الاختيار الفرنسي كان قد وقع أولاً على عساف نفسه، إلا أن هذا الأخير رفض الانخراط في مهمة انتحارية كهذه، لكنه لم يكن يمانع المساعدة في البحث عن بديل. جرى الاتصال بعدد من الشخصيات، واختيرت بعض الأسماء كمرشحين مثل الوزير السابق جهاد أزعور الذي يشغل حالياً مركز مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، وجرى الاتصال بالوزير السابق كميل أبو سليمان لكن اسمه لم يحظ بموافقة الرئيس ميشال عون، وتم الاتصال بعدد من المحامين المعروفين في عالم المال من دون التوصل إلى البديل بعد”.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى