الحوامل في لبنان أمام خيارين | أو دفع الفروقات بالفرش دولار او اللجوء الى ‘ الداية ‘ !!

الثقة هي العنصر الأساسي بين الطبيب ومريضه، لكن الأولويات تتبدل اليوم في لبنان. الكل يعاني من الضغوط، ويحاول الصمود بوجه التحديات. من وجهة نظر الطبيب، هو محق إنْ فرض فوارق على الاستشارة الطبية، والقانون يجيز له ذلك، وبنظر المريض، الوضع المعيشي لا يحتمل فروقات، لأننا بالكاد “نتحكّم”، فماذا إذا كان الأمر يتعلّق بالولادة والتوليد؟

سارة حامل وهي أم لطفلين. لم تغيّر طبيبتها النسائية منذ عشرة سنوات، وهي التي أشرفت على توليدها بطفليها السابقين. زارتها طيلة فترة حملها الحالي، وكانت الأمور على خير ما يرام. فجأة اشترطت الطبيبة 350 دولاراً (كاش)، كفرق مادي لجراحة التوليد. اعترضت سارة، “كيف لي أن أؤمن هذا المبلغ بهذه الظروف، أنا أصلاً مُؤَمَّنة مع شركة خاصة In – Out، فلمَ عليّ دفع هذا المبلغ؟”. وعلى الرغم من الاحتجاج والأخذ والرد، تشبثت الطبيبة بمطلبها، فما كان من سارة إلا أن استدانت المبلغ، لأنها لن تتمكن من إبقاء جنينها “مضغوطاً”، الى حين أن تُفْرَج معها!

يؤكد أحد أطباء الجراحة النسائية والعقم والتوليد المعروفين، أن العقد المعنوي بين الطبيب والمريض يحدد حرية الاختيار بين الطرفين. فكما ينتقي المريض طبيبه، يحق للأخير اختيار مريضه أيضاً، شرط الا يكون معرضاً لخطر الموت، لافتاً الى أنه إذا انطلقنا من هذا العنوان، نستطيع فهم بعض الأمور التي تحصل، والتي لا يحق لنا وضعها في خانة التجاوزات.

يرى، في حديث لموقع “القوات اللبنانية” الإلكتروني، أن أخلاقيات مهنة الطب، تحتّم علينا التعامل بطرق إنسانية، لكن القانون يجيز أيضاً مطالب أو ممارسة قد لا يفهمها أو يرفضها المريض، موضحاً أن نقابة الأطباء تلزمنا بتسعيرة معينة، حتى تقطع المضاربات غير الشرعية، وتتراوح تسعيرة المعاينة الطبية اليوم بين 100 و150 ألف ليرة لبنانية، لكن إذا قرر الطبيب طلب فروقات على التسعيرة الرسمية، فالقانون يجيز له بذلك، وعلى المريض أن يقرر إذا كان يرضى بهذا الأمر أو يفضل تغيير طبيبه وهذا حقه.

يرفض الطبيب النسائي التعميم، ويشدد على أنه إذا أردنا أن نتكلم بأخلاقيات المهنة، لا يجب على الأطباء أن يزيدوا ضغوطاً مادية على مرضاهم، لأن الناس تعاني مثلها مثل الأطباء، أسوة بكل شيء آخر في هذا البلد، متحدثاً بواقعية، بأن %95 من الأطباء يلتزمون بالتسعيرة الرسمية، ولا تتجاوز الفروقات التي يطلبونها في العمليات الجراحية، الـ300 أو الـ400 ألف ليرة لبنانية، أي فعلياً بين 25 و35 دولاراً.

ينبّه الطبيب المرضى إلى وجود مستشفيات معروفة، ابتدعت منذ زمن بعيد، وقبل الازمة الاقتصادية، مبدأ تسديد الفروقات، ولا يهمها أن تستقبل كل المرضى، فإذا اختار المريض هكذا مستشفى، عليه أن يكون مدركاً بسياستها مسبقاً وبالتالي لا يحق له الاعتراض على قوانينها.

منذ يومين، احتفلت القابلات القانونيات بعيدهن، وعلى الرغم من دورهن الكبير في مواكبة الأم والجنين، قبل وخلال وبعد الولادة، يعطي النّظام الصحي في لبنان، الأولوية للطبيب. تاريخياً، لعبت “الداية” دوراً بارزاً وهاماً، فهل سنشهد عودة إلى العادات التقليدية، بعدما أبدعت السلطة بإعادتنا مئة سنة الى الوراء؟

المصدر : موقع القوات

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى