شهداؤنا الأحياء.. يقاومون بجراحهم | بقلم الإعلامية فاطمة سلامة

الكاتب : فاطمة سلامة | موقع العهد الالكتروني

هم شهداء أحياء. مقاومون افتدوا الوطن بأجزاء من جسدهم، ولا زالوا يقاومون بجراحهم الأوجاع. شبان التحقوا بمسيرة الجهاد، فآلوا على أنفسهم إما النصر وإما الشهادة. قدّموا أنفسهم قرابين على مذبح الوطن، دافعوا عنا، بذلوا أغلى ما يملكون، فنالوا شرف المقاومة. تُحادثهم لتعطيهم بعضاً من المعنويات، فتراهم يزودونك بها. في جسدهم جراح لا يُسمع حسيسها، وفي قلوبهم طمأنينة ترشح إيماناً بالخط الذي سلكوه. لا تُفارق شفاههم كلمات الحمد والثناء لله تعالى.. يصفون آلامهم بالرحمات الإلهية. إنهم باختصار: جرحى المقاومة الإسلامية.

في رحاب هؤلاء، لا الكلمة تستطيع أن تفيهم حقوقهم، ولا التعبير. وهم الذين لا يتوقف نبض المقاومة عن لحظات حياتهم. جراحهم جهاد مستمر، يضمدونها بصبر لا ينضب، وبأس لا يلين. بأس يُستمد من جريح كربلاء أبي الفضل العباس (ع)، وعليلها الإمام زين العابدين، الذي لم تمنعه آلامه من إكمال الدرب ومواجهة الظلم بعزة وعنفوان، فكفاهم هذا الشرف العظيم.

وانطلاقاً من التضحيات الجسام التي قدّمها هؤلاء الجرحى الذين وصف حزب الله جراحهم بنبض المقاومة. كان يوم الجريح ردًّا لبعضٍ من جميل عطاءاتهم، فحُدّدت المناسبة تزامناً مع ولادة أبي الفضل العباس (ع)، رمز الإيثار، والعطاء، الإمام الذي لم تقف جراحه حائلاً أمام التضحية، فقاوم حتى الرمق الأخير. تماماً، كما كانت مؤسسة الجرحى التي أسسها حزب الله منذ انطلاقة المقاومة عام 1982 صرحاً يحتضن جراح المقاومين، يُضمدها، ويأخذ بيد أصحابها الذين لا يستحقون منا إلا الوفاء والتقدير.

الجريح هادي.. سأعود الى ساحات الجهاد

ولأنّ المقاومة لا تعرف عمراً محدّداً، فهي نهج حياة، تكبر على مبادئها أطفالنا، ترى في صفوف شهدائها وجرحاها شبانا في مقتبل العمر. شبانًا سخّروا هممهم للمقاومة، فشدوا الرحال وساروا في درب الجهاد، ليعود بعضهم منتظراً، شهيداً، أو جريحاً. تماماً كما حال الجريح هادي بيضون الذي أصيب في معركة “الدفاع المقدس” في حلب عام 2016، في مواجهة الخطر التكفيري عن عمر الثمانية عشر ربيعاً. إصابته كانت بليغة جداً في الرأس، ما أدى الى فقدانه جزءاً من بصره، واضطرار الأطباء لاستئصال جزء من النخاع.

الجراح لم تمنع هادي من التفكير بساحات الجهاد. يقول لموقع “العهد الإخباري” “سأعود الى هناك لأستشهد”. تراه صابراً محتسباً، يحمد الله على هذا البلاء الحسن. يُهاتف رفاقه، فيقول لأحدهم “عندما أُشفى ان شاء الله سأعود لأقاتل معكم وننال الشهادة، انتظروني”. وهنا تتحدّث والدة الجريح هادي فتُشير الى صبره على الجراح، حامدةً الله على هذه النعمة التي جعلتها تنال شرف خدمة أبناء المقاومة، فتقول “سأخدمه بجفون عيني حتى آخر لحظة من حياتي”.

المؤسسة.. سنخدمهم بأشفار عيوننا

المدير العام لمؤسسة الجرحى محمد دكروب يتحدّث لموقع “العهد الإخباري” عن يوم الجريح. يؤكّد أنه” تم اختيار هذا اليوم تزامناً مع ولادة أبي الفضل العباس (ع) باعتباره رمز التضحية والفداء، والإباء في معركة كربلاء، وجرحانا هم كذلك رمز للفداء في المعارك التي يخوضها، ومن هنا كان يوم الجريح المقاوم”.

يُشير دكروب الى الهدف الذي من أجله أنشئت المؤسسة عام 1982، مع انطلاقة المقاومة الاسلامية. برأيه، كان من الطبيعي العمل على تواجدها، في عصر الجهاد وتربص العدو الصهيوني بأرضنا، ما أدى الى سقوط شهداء وجرحى حتى في صفوف المدنيين. يوضح أنّ المؤسسة في البداية كانت تابعة لمؤسسة الشهيد، وبعد عدة أعوام انفصلت لتصبح مؤسسة قائمة بذاتها، تبذل جهوداً بكل ما أوتيت من قوة لخدمة الجرحى بأشفار العيون وفي كافة النواحي: الصحية، الاجتماعية، وحتى النفسية، لجهة تأمين العيش الكريم واللائق، فأكثر هؤلاء المصابين، يتلقون العلاج الصحي ويعودون الى ساحات الجهاد، ليكملوا المسيرة” يختم دكروب.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى