ضحيّة السعودية الثانية.. “جبران باسيل”

الأكيد أنَّ تدهور قضية الرئيس سعد الحريري عن السياق المرسوم سعودياً أزعجَ المملكة، والمؤكّد أنَّ الدور الذي لعبه وزير الخارجية جبران باسيل خلال وفي هذه القضية زاد من انزعاج المملكة التي تعكس تصرُّفاتها اليوم نوايا الانتقام من كل من عملَ بعكس شهيّتها خلال الازمة الفائتة لاسيما حُلفاء “حزب الله” الذين تعتبرهم في الأصل “اعداء” وإن غازلت بعضهم أحياناً.

يومَ أمس، قرّر الوزير جبران باسيل عدم حضور الاجتماع الطارئ لوزراء خارجية مجلس الجامعة العربية الاستثنائي الذي انعقدَ في العاصمة المصرية القاهرة. معلومات “ليبانون ديبايت” أشارت بأنَّ أحد أسباب عدم الحضور هو ما تواترَ إلى الخارجيّة اللبنانيّة وسُرّبَ لها وما وردها من تصريحات، صبّت جميعها في خانة الهجوم على حزب الله، ما لُمس بوجود نيّة لتوريط لبنان بقرارات لا يحتملها، ففضلَ “الوزير” عدمَ الحضور.

وفي قراءة مصادر سياسيّة متابعة لهذا القرار:
– أولاً لأنَّ لبنان لا يقدر على تحمّل تَبيعات أي قرار يتعارض مع توجهاته السياسية الداخلية.
– ثانياً لأنَّ لبنان الذي يتمتع بعلاقات صداقة قوية مع إيران، لا يريد أنَّ ينحرج في قرار ما ضدها.
– ثالثاً والاهم أنَّ لبنان لم يكن في وارد الاشتباك مع العرب خلال الجلسة، أو أنَّ يدخل في سياق ردود وردود فعل مضادة على ما سيأتي ذكره.

لذا إختار الوزير “باسيل” أنَّ يبقى خارجاً ويُخفّض حضور لبنان إلى مستوى الممثل الدائم لدى الجامعة السفير أنطوان عزام.

عموماً أزعج “باسيل” السعوديّة، وما ازعجها أكثر هو حراكه الأخير صوب الدول الاوروبية والذي إقتُرنَ بتقديم وجهة النظر اللبنانيّة الرسميّة حول مسألة “إستقالة الرئيس الحريري” والتي ارتكزت على فكرة “أنه ليس حرّ التصرّف الرياض”.
وما زاد أكثر من انزعاج السعوديّة الواضح، تمكّن الوزير باسيل من حصاد ثمار حراكه بعد أن نجح بحشد الدعم الاوروبي، لاسيما الفرنسي والالماني، واقناعهم بصوابيّة التقييم اللبناني ما أوصلَ إلى تسويق فكرة “احتجازه في السعودية” بنجاح، وهو ما انعكس على تصريحات ومواقف عدد من الدول المؤثرة وصب في عدم صالح السعوديّة.

الكلام أعلاه هو خلاصة ما تداولته دوائر سياسية مُعينة، والتي تكشف مصادرها عن وصول “إشارات الانزعاج السعودي اليها” التي تحمل علامات “الشعور بالاستفزاز من دور ونشاط الوزير باسيل”، لتبني تلك الدوائر إعتقاداً بأنَّ المرحلة المقبلة ستشهد “غارات عنيفة” على الوزير “باسيل” لن تصل إلى مستوى الحزم!

وفيما لا تخفي مصادر تلك الدوائر أنَّ تذهب السعودية نحو نزاع أكبر مع وزير الخارجية وتصل إلى مستوى الايعاز لـ”جماعتها” في بيروت بشن الحملات عليه، وبصرف النظر عن شكل العلاقة التي ستكون مع رئيس الجمهورية أو رئيس الحكومة لاحقاً، سيكون محور الفترة القادمة التضييق على الوزير “البرتقالي” الذي وبحسب تلك التسريبات، بات “سعودياً” موضوع في الخانة نفسها التي يضع فيها البلاط السعودي حزب الله!

ويسري اعتقاد أنّ يُعاد تكرار مرحلة ما قبل عام 2009 لجهة فتح معركة انتخابية مع الوزير جبران باسيل يكون على رأس مخططها عدم تركه يفوز بمقعد بغية توظيف ذلك في مشروع إسقاط الشرعية الشعبية عنه، وتالياً قطع الطريق أمام توزيره مجدداً، علماً أنَّ تلك الفترة شهدت حملات مشابهة على “باسيل” بنت في عدم قبول توزيره على رسوبه في الانتخابات النيابية.
عبدالله قمح | ليبانون ديبايت 

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى