عون إلى اللبنانيين | راقبوا جيّداً… وهناك إشارات إيجابيّةّ!

توجّه رئيس الحمهورية العماد ميشال عون, بكلمة إلى اللبنانيين في الذكرى ال 78 للإستقلال, وجاء فيها: “أيتها اللبنانيات، أيها اللبنانيون، يطل علينا العيد الثامن والسبعون لاستقلال لبنان، والوطن لا يزال غارقاً في بحر من الأزمات المتلاحقة، تمنعنا من عيش فرحته، ولكن لا يمكنها أن تمنعنا من عيش معانيه”.

وأضاف, “لقد دفع لبنان واللبنانيون غالياً ليتحوّل الاستقلال من ذكرى الى عيد، ومن حقّنا لا بل من واجبنا جميعاً أن نتمسك به، ونسعى لتحصينه”.

وتابع, “إن الاستقلال للدولة هو قرارها الحر وحماية مصلحة الوطن مع المحافظة على أفضل العلاقات مع جميع الدول؛ أما الاستقلال للمواطن فهو مؤسسات دولة قادرة وموثوقة تحميه وتؤمن له حقوقه، ويؤمّن لها ما عليه من واجبات”.

وأردف عون, “إنّ الاستقلال للمواطن هو بحاجة الى نضال يومي للحفاظ عليه واستعادة ما خسرناه للخروج من واقع مرهق يتخبط به وطننا وشعبنا، والى تعاون صادق بين جميع مكونات الوطن جماعات وأفراداً؛ أما الاستغلال السياسي للأزمات فلن ينتج إلا مزيداً من التأزم والتشرذم”.

وقال, “أربعون بالمائة من عمر هذا العهد مرّت من دون حكومة بعد تعثر عمليات التشكيل جراء عقبات مصطنعة وصدامات ما أدى الى تأخير المعالجات وتفاقم الأزمات”.

وأضاف, “بعد مخاض عسير وفي ظروف ضاغطة ولدت حكومة “معاً للانقاذ” وكانت التحديات أمامها ضخمة وشائكة، أزمة مالية ونقدية غير مسبوقة وأزمة معيشية وصحية خانقة، ضمور اقتصادي وارتفاع معدلات البطالة والهجرة والفقر, التزمَت الحكومة برنامجاً واقعياً يضع لبنان على طريق الخروج من النفق، وما إن بدأت تتلمس طريقها حتى توقفت بفعل أزمة مستجدة اختلط فيها القضاء بالأمن بالسياسة”.

وأكّد أنّ “المخرج من الأزمة الحكومية ليس بمستعصٍ، وقد أوجده لنا الدستور وتحديداً في الفقرة “ه” من مقدمته التي تنص على أن النظام اللبناني قائم على مبدأ الفصل بين السلطات”.

وتابع متسائلاً, “هل سنلتزم سقف الدستور ونترك ما لقيصر لقيصر وما لله لله لتعود الحكومة الى ممارسة مهامها في هذه الظروف الضاغطة أم سنسمح للخناق أن يشتد أكثر على رقاب أهلنا وأبنائنا في معيشتهم وأمنهم؟ وهل ندرك فعلاً مدى الأذى الذي يصيب مجتمعنا جراء تعطّل الحكومة؟ إن هذا الوضع لا يجب أن يستمر”.

ولفت إلى أن “أزمة أخرى استجدت مع المملكة العربية السعودية وعدد من دول الخليج أدت الى اهتزاز العلاقات بينها وبين لبنان والى تداعيات سلبية على عدة صعد بما فيها الواقع الحكومي”.

وقال, “أعود وأؤكد على موقف لبنان الحريص على إقامة أفضل العلاقات مع الدول العربية الشقيقة لا سيما منها دول الخليج، انطلاقاً من ضرورة الفصل بين مواقف الدولة اللبنانية وبين ما يمكن أن يصدر عن أفراد وجماعات خصوصاً وأن مقتضيات النظام الديمقراطي في لبنان تضمن حرية الرأي والتعبير, إني أتابع السعي لحل الأزمة المستجدة مع المملكة العربية السعودية وعدد من دول الخليج ، وآمل أن يكون الحل قريباً”.

وأردف, “أيها اللبنانيون، أنتم تريدون المحاسبة، ودوماً تطرحون السؤال البديهي “لماذا لم يوضع أحد وراء القضبان بعد؟ لم يوضع أحد وراء القضبان بعد لأن المحاسبة هي للقضاء، وما خلا ذلك اتهامات إعلامية قد تصيب وقد تخيب، ولا يمكن لأحد أن يدخل السجن من دون حكم قاضٍ”.

وخاطب القضاة قائلاً, “يا قضاة لبنان، الاتهامات كثيرة وكذلك المتهمون, الجميع نصّب نفسه قاضياً ومدعياً ومحامياً، الجميع يتهم والجميع متهم”.

وتابع, “يا قضاة لبنان، هذه المعمعة الاتهامية التي باتت تهدّد في بعض مفاصلها الاستقرار وحتى السلم الأهلي، ما كانت لتحصل لو لم يتقاعس قضاؤنا وقام بواجباته، ولو رُفعت يد السياسيين وغير السياسيين عنه، ولو تعززت استقلاليته بقانون لم يرَ النور بعد”.

وأضاف, “لا زال بإمكان القضاء اليوم أن يأخذ المبادرة إن استطاع أن ينأى بنفسه عن كل المداخلات ويلتزم النصوص القانونية التي ترعى عمل السلطة القضائية واستقلاليتها وتصحح أي شطط ممكن أن يعترض أداءها, وليتذكر الجميع، سياسيين وروحيين وقضاة أنه إذا كان القضاء بخير فالوطن بخير”.

وقال, “أيها اللبنانيون, رسالتي اليوم إليكم, قريباً ستتاح لكم فرصة للتغيير، إجعلوا من صندوق الاقتراع سلاحكم ضد الفساد والفاسدين ومن تربّوا على نهجهم، بعد أن ثبت، وعلى مرّ السنوات الثلاثين الماضية، أنهم متجذّرون عميقاً، ومحصنون بشتى الخطوط الحمر”.

وأكّد على أن, “الانتخابات هي فرصتكم وفرصة الوطن الحقيقية، فلا تسمحوا لهم أن يعودوا بأقنعة جديدة وبأثواب مستوردة، وبمال سياسي لا خير فيه ولا منّة منه، بل كل سوء في ضرب صدقية الانتخاب ومحاولة السيطرة على مفاصل الحكم بخاضعين لإرادات خارجية”.

وتابع, “إن الفساد المتجذر بكل مفاصل الدولة يسعى أربابه بالتكافل والتضامن لضرب أي محاولة للإنقاذ، وما حصل ويحصل في التدقيق المحاسبي الجنائي في حسابات مصرف لبنان هو خير شاهد على ذلك”.

وأردف, “إن التدقيق الجنائي هو الإجراء البديهي الذي يشكل انطلاقة لأي عملية إصلاحية في مختلف مرافق الدولة ولكشف أسباب الانهيار وتحديد المسؤوليات تمهيداً للمحاسبة واسترداد الحقوق”.

وشدّد على أن, “التدقيق الجنائي تعرّض لشتّى أنواع العراقيل منذ ما قبل إقراره في مجلس الوزراء وحتى اليوم، وكنا نفككها تباعاً، عقدةً عقدة”.

وأضاف, “أيها اللبنانيون، راقبوا جيداً واعتلموا المعرقلين بعد سقوط الأقنعة، هي منظومة الفساد إياها، وأمامكم قريباً فرصة لإيقافها فلا تهدروها..!”.

وتابع قائلاً, “أيها اللبنانيون, هموم الداخل لا يمكن أن تنسينا المواجهة الحقيقية من أجل الدفاع عن سيادتنا وتحرير الباقي من أرضنا وحماية حقوقنا في مياهنا، وكان خيارنا ولا يزال التفاوض غير المباشر لترسيم حدودنا البحرية الجنوبية”.

وأردف, “هناك إشارات إيجابية بدأت تلوح للتوصل الى اتفاق يضمن مصلحة لبنان وسيادته على مياهه وثرواته الطبيعية، ويؤدي الى استئناف عملية التنقيب عن النفط والغاز”.

وتوجّه إلى المؤسّسات العسكرية مخاطباً, “أيها العسكريون, أنتم من هذا الشعب وأنا منكم، وأعرف جيداً أوضاع المؤسسة وتداعيات الأزمة الاقتصادية والمعيشية عليها والتي مهما اشتدت لن تستطيع النيل من التنشئة والعقيدة لديكم، وستواصلون تحمّل المسؤولية الملقاة على عاتقكم مهما تضاعف ثقلها”.

وأضاف, “أيها العسكريون، المحافظة على الأمن والاستقرار دوركم اليوم وكل يوم، وكلي إيمان بأنكم كنتم وستبقون دوماً صمام الأمان وموضع ثقة مواطنيكم”.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى