عون ينتقل الى الخطة ‘ب’ لارباك الحريري… اتصالات متسارعة قبيل الدعوة للاستشارات

لا يزال الملف الحكومي يراوح مكانه، من دون تقدم ملحوظ في الاتصالات والمشاورات التي تجري بين جميع الفرقاء. فالرئيس نبيه بري الذي أطفأ محركاته أبقى على الاتصالات واستطلاع الآراء، فيما شهد بيت الوسط حركة لافتة في الزيارات. وحتى مساء أمس، لم يكن قد سجّل أي خرق في المشهد السياسي الداخلي، باستثناء تداول الفرنسيين مجدداً باسم الرئيس سعد الحريري كمرشح وحيد لرئاسة الحكومة، بعد تيقنهم من أن لا مرشح آخر في الأفق يمكنه تأليف حكومة توافقية. وفيما يعد ماكرون بتأمين توافق خارجي على عودة رئيس المستقبل إلى رئاسة الحكومة، لا تزال السعودية مصرة على موقفها، ليس بإشهار الفيتو بوجه الحريري، لكن بالتعامل مع مسألة ترشيحه كما لو أنها لا تعني الرياض بتاتاً، بحسب “الأخبار”.

الاستشارات نهاية الاسبوع
وإزاء أجواء الاحتقان والخشية من تأثير المماطلة في الاستشارات على أجواء زيارة الرئيس الفرنسي لبيروت سارعت مصادر قريبة من بعبدا الى ترجيح اجراء الاستشارات النيابية الملزمة قبل نهاية الأسبوع الحالي وعلى الأرجح بين الخميس والسبت وهو ما سيتأكد اليوم.

في المقابل، لوحظ ان الدوائر القريبة من بعبدا بدأت امس تسريب اسم النائب فؤاد مخزومي كمرشح غير معلن الى جانب الاسم المعلن للرئيس سعد الحريري، الاّ انها عولت على اللقاء الذي جمع الحريري وجنبلاط وعلى لقاءات ومشاورات أخرى منتظرة في الساعات المقبلة لبلورة الموقف ومعرفة اتجاهات القوى المختلفة. لذا تريثت هذه المصادر في تحديد مواعيد للاستشارات ولو انها لمحت الى أنها ستكون قريبة .

تبرر المصادر الرئاسية التأخير في توفير حدّ أدنى من الإجماع على هوية رئيس الحكومة.
وبحسب “اللواء” فان الحكومة التي يريدها الرئيس ميشال عون تكنو-سياسية، فالاصلاح يحتاج إلى وجوه من خارج التركيبة التقليدية للحكومة..

وهذا – حسب المصادر نفسها – ينسجم مع مطلب الإصلاحات الذي يشترطه المجتمع الدولي للمساعدة، فضلاً عن الحاجة، لتمثيل المجتمع المدني..

وتنفي مصادر بعبدا أي أسباب إقليمية – دولية للتأخير، معتبرة ان التأخير الحاصل مرده اعتبارات وأسباب داخلية صرف.
في المقابل، أكدت مصادر سياسية رفيعة لـ”نداء الوطن”، أنّ “بيت الداء والدواء لا يزال هو نفسه في مقاربة عون لكل الملفات والاستحقاقات من زاوية ما يحقق وما لا يحقق شروط باسيل”، وأبرز هذه الشروط في المرحلة الراهنة “إقصاء الحريري عن سدة الرئاسة الثالثة”، ولأنّ عون استشعر أنّ المراوحة في تحديد موعد الاستشارات بات من جهة يضع الرئاسة الأولى في موقع المسؤولية المباشرة عن إجهاض مبادرة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ومن جهة أخرى قد يمنح رئيس المجلس النيابي نبيه بري مزيداً من الوقت لتعبيد الطريق الداخلي أمام عودة الحريري “بشروطه” إلى السراي، سارع رئيس الجمهورية للانتقال إلى الخطة “ب” حسبما وصفتها المصادر، والتي تقضي بتعجيله الاستشارات ومباغتة الكتل النيابية عبر تحديد موعد سريع لها هذا الأسبوع، بهدف استثمار عنصر المواقف “المشرذمة” راهناً إزاء عملية التكليف والتأليف، بما يفضي تالياً إلى تحقيق نتيجة تقصي الحريري بحكم عدم حيازته على أكثرية نيابية صريحة تصب في صالح تكليفه.

وإذ بات معلوماً أنّ عون يتسلّح في خطته هذه بموقف كتلتي “الجمهورية القوية” و”اللقاء الديمقراطي” إزاء مسألة تسمية الحريري، فإنّه يعتزم من خلال تسريع موعد الاستشارات استباق أي تبدل في المواقف والمعطيات مع اقتراب موعد عودة ماكرون إلى بيروت بما يفضي إلى إنضاج صيغة حكومية تغلّب كفة شروط تكليف رئيس “تيار المستقبل” بتشكيل حكومة تكنوقراطية تحظى بموافقة الثنائي الشيعي ولا يعترض عليها حزبا “القوات” و”الاشتراكي” إن هي أتت بتركيبتها منزهة عن الودائع الحزبية والمحاصصات السياسية.
ولفتت المصادر إلى أنّ العقد الحكومية معروفة المصدر “فهي كانت ولا تزال تدور في فلك الفريق الحاكم”، أشارت إلى أنّ الانهيار الذي بلغه الوضع اللبناني بات يوجب “تحديد البوصلة والتصويب مباشرةً على مكمن العطل والدلالة بالإصبع على المعطّل الفعلي”، مشددةً في هذا الإطار على أنّ “نقطة الانطلاق في المسار الدستوري لعملية تشكيل الحكومات هي من قصر بعبدا، فليتحمل رئيس الجمهورية مسؤوليته التي ينص عليها الدستور وليدعُ إلى الاستشارات النيابية الملزمة، ولنحتكم جميعاً لهذا المسار وما سيفضي إليه، وعندها فلتقرر الكتل وتحدد خياراتها وليتحمّل من يرفض تشكيل حكومة مستقلة إنقاذية للبلد مسؤوليته أمام التاريخ والناس”.

وفي الغضون، عبّرت مصادر نيابية معارضة لـ”نداء الوطن” عن هواجسها من أن فريق السلطة لن يتوانى عن “هدم الهيكل” فوق رؤوس الجميع في حال استشعر خطراً محدقاً بمصالحه، وتوقعت من هذا المنطلق أنّ تزيد المواجهة التي يخوضها عون وباسيل ضراوةً في مواجهة أي إمكانية لتشكيل حكومة غير خاضعة لسطوة “التيار الوطني” كما كان الحال في حكومة دياب، لافتةً إلى أنّ ما يعزز هذا الانطباع هو أنّ “عون بدأ يعدّ أيام عهده عداً عكسياً ولن يقبل أن ينتهي “مكسوراً”، وباسيل أيضاً لم يعد لديه ما يخسره بعدما أصبح شعبياً منبوذاً، وسياسياً “مضعضعاً”، ودولياً مدرجاً اسمه على قائمة المرشحين لدخول لائحة العقوبات”.
بري يتابع اتصالاته
في هذا الوقت، تتجه الأنظار الى اللقاء الذي من المتوقع أن يجمع في الساعات الـ 48 المقبلة وزير المال السابق علي حسن خليل والمعاون السياسي للأمين العام لحزب الله الحاج حسين خليل مع النائب جبران باسيل، لإعادة تنشيط المساعي.

وقالت مصادر مطلعة ان الرئيس برّي استأنف اتصالاته، للحؤول دون تصعيد إسلامي في ضوء الغليان السني بوجه محاولات فرض مرشّح لرئاسة الحكومة، على نحو ما حصل مع حكومة الرئيس حسان دياب المستقيلة.

وحسب المصادر فإن الرئيس برّي يعمل على احتواء أي توتر إضافي، على ان تحدد في الأيام القليلة المقبلة مسألة مواعيد الاستشارات النيابية الملزمة.

وفي سياق متصل، وردا على المعلومات التي تناقلتها وسائل إعلام عدة عن أن رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل “يطرح أسماء جديدة لترؤس الحكومة المقبلة، فيما يلتقي العهد والتيار على رفض عودة الرئيس الحريري إلى السراي”، أعلن المكتب الاعلامي لباسيل، في بيان، أن “بعض ‏وسائل الإعلام المعروفة الانتماءات والغايات ‏تشن حملة مركزة مفادها ان ‏ باسيل يطرح اسماءً لرئاسة الحكومة، وفي كل مرة يتم اختلاق اسم جديد. والحقيقة ان النائب باسيل لم يطرح اي اسم اطلاقاً، وجلّ ما يهمّه هو قيام حكومة منتجة، فاعلة واصلاحية ‏برئيسها ووزرائها، تلتزم بتنفيذ برنامج اصلاحات مفصّل بنوداً ومحدّد زمنيّاً.

وقال: وعلى هذا الاساس يقرّر التيار الوطني الحرّ اذا كان سيشارك في الحكومة او يمنحها الثقة، أو لا، مع التأكيد مسبقاً على عدم رغبة التيار في المشاركة بأي حكومة الّا من باب الإسهام في تحمّل مسؤولية الانقاذ الوطني في حال وجود الارادة السياسية الاصلاحية الواضحة عند الحكومة العتيدة. وموقفه هذا معلن وقد أبلغه الى من تشاور معه من مرجعيات لبنانية ودولية.
بيت الوسط: اجتماعات مفتوحة
في ضوء الغليان في الشارع السني، من تمادي العبث بموقع رئاسة مجلس الوزراء التي اعطاها اتفاق الطائف حجر الزاوية في السلطة الاجرائية، التي حدّد الدستور صلاحياتها في المادة 65، ومنها: وضع السياسة العامة للدولة في جميع المجالات، ووضع مشاريع القوانين والمراسيم التنظيمية واتخاذ القرارات اللازمة لتطبيقها، والسهر على تنفيذ القوانين والأنظمة، والاشراف على أعمال كل أجهزة الدولة، من إدارات ومؤسسات مدنية وعسكرية وأمنية بلا استثناء.

وابقى رؤساء الحكومات السابقين بعد اجتماعهم مساء أمس في دارة الرئيس سعد الحريري على اجتماعاتهم مفتوحة. وقد علمت “الأخبار” أن اجتماعاً آخر سيعقد، وسيضمّنه رؤساء الحكومة السابقون موقفاً حاداً نتيجة تأخر مشاورات التكليف.
وجرى البحث، حسب معلومات “اللواء” في كل التطورات التي حصلت مؤخراً، من انفجار المرفأ ونتائجه إلى حكم المحكمة الدولية، وصولاً إلى الوضع الحكومي والتأخر في اجراء الاستشارات النيابية الملزمة، وقرر الرؤساء ابقاء اجتماعاتهم مفتوحة، على ان يصدر عنهم موقف مهم من الملف الحكومي. وسط معلومات تفيد ان الرئيس الحريري لن يسمي اي شخصية لترؤس الحكومة إلا خلال الاستشارات النيابية الملزمة.
الحريري- جنبلاط واللقاء الايجابي
ودخل النائب السابق وليد جنبلاط على خط الطروحات المتعلقة بتسمية الرئيس الحريري، من عدمها، فزاره مساء أمس، يرافقه النائب وائل أبو فاعور وراجع الموقف مع رئيس تيّار المستقبل بحضور الوزير السابق غطاس خوري.

وشرح جنبلاط للرئيس الحريري الأسباب التي تحول دون تسميته اياه كرئيس لتأليف حكومة جديدة، من زاوية فشل تجرية الحكومة السابقة، بالنظر لممارسات العهد وفريقه، وكي لا تتكرر التجربة الفاشلة مرّة ثانية، وفقاً لمصادر المعلومات على ما دار في اللقاء.
وعلمت ” النهار” ان اللقاء اتسم بأجواء وصفت بانها ودية وصريحة.
وأكدت مصادر اشتراكية لـ”نداء الوطن الى ان هذا اللقاء جاء “قطعاً للطريق على محاولات البعض الضرب على وتر العلاقة مع الحريري ومنعاً للاصطياد في الماء العكر على خلفية الموقف من تسمية الرئيس المكلف”، موضحةً أنّ ذلك كان الهدف الأساس من وراء زيارة جنبلاط للحريري تأكيداً على متانة العلاقة وعدم وجود أي اعتراض على تسمية “سعد كسعد” لترؤس الحكومة بل رفضاً لإعادة إنتاج صيغ حكومية عاجزة عن تقديم الحلول سواءً كانت على شاكلة حكومة حسان دياب أو على نسق الحكومات السابقة التي “أغرقتنا نحن والحريري والبلد كله في مستنقع من التعطيل والفشل”.
معراب على موقفها
في المقابل، أكدت مصادر قواتية لـ”نداء الوطن” أنّ موقف “الجمهورية القوية” المبدئي حيال الملف الحكومي يتعلق بشق التأليف أكثر مما يتعلق بشق التكليف، بمعنى أنّ الكتلة لا تعترض على تسمية سعد الحريري بالذات لترؤس الحكومة إنما هي ترفض المساهمة في تشكيل حكومة تعوّم ثنائية ميشال عون و”حزب الله” الحاكمة وتؤمّن الغطاء السياسي والوطني لها، بغض النظر عن الشخص الذي يرأس هكذا حكومة، سواءً كان الحريري أو غير الحريري، مشددةً في هذا السياق على أن “القوات” أساساً ليست في وارد الخروج عن دائرة التنسيق مع الحريري بما يمثل نيابياً وسنياً حول مسألة التسمية في الاستشارات، إنما هي في موقفها هذا تنطلق من قناعة راسخة لديها بأنّه “طالما ثنائية عون – حزب الله حاكمة فلن يصطلح حال الحكومة والمؤسسات والبلد”.
زيارة ماكرون قائمة
واذا كان من الثابت حتى الان ان زيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لبيروت في اول أيلول لا تزال قائمة في موعدها كما اكدت لمراسل “النهار” في باريس مصادر فرنسية مسؤولة، فان ذلك لا يحجب تصاعد حالة القلق الكبير لدى باريس حيال الوضع في لبنان في ظل التعثر الواضح في عملية الاستحقاق الحكومي وهو قلق يبلغ حدود تخوف باريس من انفجار الوضع في لبنان .

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى