غلطة باسيل بألف غلطة!

لم يشكّ أحد بنوايا الوزير جبران باسيل الطيبة عندما أقترح إقامة سفارة للبنان في القدس الشرقية، وهو طرح هذا الموضوع من منطلق وجداني بحت، قاصدًا الذهاب إلى ابعد ما يمكن أن يتصّوره أحد، وهو بذلك أحدث صدمة أراد منها أن تكون إيجابية، ولكن حسابات بيدره لم تتطابق مع حسابات بيدر “حزب الله”، الحليف الأوفى لـ”التيار الوطني الحر”، وبالأخص لشخص رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، الذي عمّمه بالأمس رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان، مع ما تعنيه الإمامة بالنسبة إلى الشيعة، وهو لقب لا يحظى به إلاّ قلائل من علماء الدين.

لم يكن الوزير باسيل مضطّرًا إلى أن يلقى طرحه الصافي النوايا معارضة من قبل وزيرين حليفين رفضا حتى المشاركة في اللجنة الوزراية التي كلفت دراسة الموضوع من النواحي اللوجستية ومدى ملاءمته مع واقع القدس، التي لا تزال تحت سيطرة الإحتلال الإسرائيلي.

وكان حريٌّ بالوزير باسيل، قبل الإقدام على هكذا خطوة، أن يوسع مروحة إستشاراته، خصوصًا أن لديه “جيشًا” من المستشارين، وأن يسأل أصحاب الإختصاص والذين لديهم معرفة قانونية واسعة، وبالأخص في القانون الدولي، ولو فعل لما سُجل عليه أن غلطته، وهو الشاطر، بألف غلطة، ولكان تلافى مثل هكذا إحراج داخل مجلس الوزراء.

ويبقى السؤال البديهي والمنطقي عن كيفية إستملاك لبنان عقارًا في القدس الشرقية ما لم تمرّ معاملات التسجيل بالدوائر الإسرائيلية الرسمية، على رغم إستعداد الرئيس الفلسطيني محمود عباس بالقبول بتبادل عقار فلسطيني بآخر لبناني، علمًا أن أغلبية العقارات اللبنانية التي يشغلها فلسطينون هي أراض لبنانية، وغير مسجلة بإسم الفلسطينيين.

لم يكن إعتراض وزيري “حزب الله”، ومعهما وزير حركة “امل” علي حسن خليل، الذي قبل المشاركة في اللجنة الوزارية ليعرف إلى أين ستقود كل هذه الأطروحة، مجرد إعتراض شكلي، بل هو إعتراض مبدئي، لأنهم يعرفون إستحالة تحقيق مثل هكذا خطوة، في ظل الهيمنة الإسرائيلية على القدس، بشقيها الشرقي والغربي، وهي التي لا تزال تتحكّم بكل شاردة وواردة فيها.

فإذا كان إستملاك عقار دونه عقبات جمّة فكم بالحرّي إقامة وإنشاء مبنى عليه لجعله أرضًا لبنانية تقام عليها السفارة اللبنانية، مع ما يتطلبه الأمر من معاملات رسمية لا تسمح بها سوى سلطات الإحتلال.

وفي حال سلمّنا جدلًا بإن الإستملاك والبناء قد أنجزت معاملاتهما بطريقة من الطرق فكيف سيتمّ إعتماد السفير الجديد في فلسطين، وكيف سيتمّ عبور طاقم السفارة، خصوصًا أن الداخل إلى القدس عليه أن يستحصل على إذن مرور من السلطات الإسرائيلية، وهو حتمًا سيخضع للتفتيش من قبل الحواجز الإسرائيلية.

أمور ربما لم تخطر على بال الوزير باسيل، الذي أخذته الحماسة إلى أبعد مما كان يظن.

اندريه قصاص – خاص “لبنان 24”

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى