فترة “جفاف” تحكم علاقة الحريري بـ “الحكيم”

في بيت الوسط قلوب مليانة من معراب. يدور همس ان أحداً لا يرغب في وادي أبو جميل أن يسمع بإسم “الحكيم”. فالندوب التي تظهرت الى العلن في العلاقة بين الرئيس سعد الحريري ورئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع في الأيام الماضية من الصعب أن تشهد تحسناً في المدى المنظور على رغم المعالجات التي ستخصص لها خارجياً، وعلى رغم الشكليات المرافقة للاتصالات الهاتفية والتغريدات، تقول مصادر مطلعة على علاقة بالحزبين.

تباعد “أحباب الأمس”، وبات قلب رئيس الحكومة سعد الحريري في بعبدا والرابية. تفرقت المصالح. وتباعدت الحسابات. وباتت القدرة على ضبط ايقاع العلاقة القواتية – المستقبلية شبه معقدة في “بيت الوسط” من جراء الهوة الكبيرة التي أصابت تحالف فاق عمره العشر سنوات على رغم التباينات.

بات الحريري نفسه غير راغب بتفاهم معراب- بيت الوسط. فبحسب المقربين منه، سيطفو جزء من المستور على السطح قريباً، وستكشف الايام المقبلة الكثير من الأسرار التي ستؤكد بما لا يقبل الشك، بحسب مقربين من الشيخ سعد أن التباعد قد يكون أقوى بكثير من إعادة لملمة الشظايا.

قرر “الحكيم” الصوم عن الكلام الى أن يحين موعد الزيارة، مكتفياً ببيان مكتبه الاعلامي عن مضمون اتصاله بالرئيس الحريري، والذي تراوح بين”اشتقنا” و”نحن بانتظارك حتى نكمل المسيرة سويا”. بيد أن رئيس الحكومة “المتريث بالاستقالة” يتحدث بـشيفرة موجهة. فالوزير نهاد المشنوق عبّر بطريقة ملطفة في حديث لبرنامج “كلام الناس” عبر LBCI، عما يختلج العائلة الحريرية من انزعاج بقوله “ما حصل بيننا وبين “القوات اللبنانية” ترك ندوباً وأن الكلام عن ان العلاقة جبارة وممتازة وعظيمة كلام غير صحيح على الاطلاق”.

بات الرئيس الحريري، بحسب المعلومات، يدرك ما وراء الاكمة المعرابية. تغمز مصادر تيار “المستقبل” لـ “لبنان 24” من قناة ما سرب عن أن الدكتور جعجع لعب دوراً في التحريض على الحريري والايحاء بأنه مكبل اليدين أمام “حزب الله” والرئيس ميشال عون…. ترجم الحريري معرفته بحقيقة الموقف “الحكيمي” بقرار أوعزه الى المقربين منه بمنع القواتيين من المشاركة الى جانب مناصري “التيار الازرق” في مهرجان “بيت الوسط” يوم الاربعاء الماضي بعدما كان مقررا مشاركتهم، يؤكد أحد مسؤولي التنسيقيات.

يتجه الحريري الى غربلة الحلفاء واعادة النظر بكتبة التقارير في تياره. فحتى لو خضع الحريري لضغوط ضرورة تطبيع العلاقة مع جعجع حفظاً لماء وجه “ثورة الأرز” فإن هذه العلاقة لن تعود الى سابق عهدها (قبل ترشيح الرئيس الحريري للوزير سليمان فرنجية للرئاسة في تشرين الثاني من العام 2015). فهذا التفاهم تعرّض منذ ذلك الحين للاهتزاز، لتكر السبحة بمسارعة “الحكيم” الى دعم الجنرال عون للرئاسة، قبل أن يقدم الحريري على تحول كبير بترشيحه رئيس تكتل “التغيير والاصلاح” يومذاك للرئاسة، لتأتي التسوية الرئاسية وتكرس الحريري شريكاً اساسياً في العهد الجديد الى جانب الرئيس عون. تسوية أصابت جعجع بخيبات على رغم إعلان النيات مع “التيار العوني” ومحاولته اعادة ترتيب علاقته بالحريري.

هذه التراكمات، بحسب المراقبين، دفعت جعجع وشخصيات سياسية أخرى الى التحرك بداعي ضرورة انعاش المشروع الاذاري الجامع ورسم مشهدية جديدة تحاكي تعزيز الاصطفاف المعادي لـ”حزب الله” مقابل ثنائية بعبدا – حارة حريك. ف”حزب الله”، وفق “القوات”، يتصرف وكأنه شبه الحاكم الناهي في لبنان، وهذا ما دفع الحريري الى ربط تريثه بتقديم الاستقالة بشرط التزام “حزب الله” البيان الوزاري وإتفاق الطائف والنأي بالنفس.

لم تجر الرياح كما اشتهت سفن “الحكيم”. فالآمال المعلقة على إعادة بث الروح في المشروع الاذاري نسفت، تقول مصادر سياسية في 8 آذار لـ “لبنان24″. فما حصل أشبه بزلزال أصاب 14 آذار.

هذا المشهد الدراماتيكي يدفع فرقاء 8 آذار الى الشماتة بجعجع، العمود الفقري لـ 14 آذار، ومن يدور في فلكه من شخصيات محلية. فـ”يتامى” عودة الحريري في 14 آذار يضربون كفاً بكف. يبحثون عن طريقة ما تعود بهم الى قلب المشهد بعدما ساهموا في تهميش أنفسهم.. فـ”الحكيم” بحسب مصادر نيابية في “التغيير والاصلاح” لـ “لبنان 24” يتخبط. تفاهم معراب أصبح في خبر كان، “القوات” كانت تتعمد استهداف العهد من كل حدب وصوب. علاقة الدكتور جعجع بالرئيس الحريري تكاد تنعى. بمعزل عن أن كلا من الرئيس نبيه بري والنائب وليد جنبلاط يتعاطيان موسمياً معه. أما “حزب الله” فقد رسم منذ البداية حدوداً مع “القوات” لا تتخطى التواصل النيابي والوزاري مع ممثليها في البرلمان ومجلس الوزراء.

قد يكون من المبكر الحكم على صورة التحالفات المرتقبة، لكن اذا بقي التشنج القواتي – المستقبلي بـ “أبهى صوره” فإن تصفية الحسابات ستكون سيدة الموقف في ايار المقبل. وربما تجتمع المصالح التوافقية العونية- الحريرية أيضاً لتحجيم “القوات”. هذا كله يبقى رهن الهوامش المحددة للشيخ سعد ورهن بقاء التسوية والتزام المكونات كافة بضوابط النأي بالنفس.

موقف “القوات”

ردّا على هذه الأجواء تقول مصادر قواتية “أن ما يجمع بين معراب و”بيت الوسط” هي الثوابت الوطنية، أما الحديث عن خيانة وغدر فهو خط أحمر، وكل هذا الحديث هو مركب هدف “حزب الله” منه منذ اللحظة الاولى لقطع العلاقة بين “المستقبل” والمملكة العربية السعودية من جهة وبين “القوات” و”المستقبل” من جهة أخرى”.

ولفتت إلى ان “القوات” لوحت مراراً وتكراراً بالإستقالة ربطاً بالأسباب الموجبة التي طرحها الرئيس الحريري، معتبراة “أننا معنيون بشكل مباشر من اجل الدفع بالفاوضات التي ستقام من قبل رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة”.

وفي إعتقاد مصادر مراقبة أن أي لقاء بين الرئيس الحريري و”الحكيم” كفيل إذابة الثلج المتراكم بين معراب ووادي بوجميل، لأن “القوات” تعتبر أن ثمة من يريد أن يفرط التحالف القائم بين “القوات” والشيخ سعد.

“هتاف دهام – خاص “لبنان 24

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى