في لبنان كل 5 ساعات محاولة انتحار.. فما هي الدوافع؟!

في العالم حالة انتحار واحدة تقع كل 40 ثانية، وهي نسبة كارثية كحصيلة انتحار سنوية، لكن مقارنة بلبنان وما يشهده عاما بعد عام من حالات انتحار “غريبة عجيبة”، منها يلفها الغموض وبعضها لأسباب اوضح من الشمس، لم تعد اي نسبة حول العالم تُعتبر صادمة!

شخص كل يومين ونصف اليوم ينتحر في لبنان. أما معدل محاولات الانتحار، يُقدّر بمحاولة وانتحار كل خمس ساعات، ويرجّح أن تكون المعدلات أعلى من ذلك، إذ يتمّ في الغالب التكتّم عن عدد كبير من حوادث الانتحار، نظراً للوصمة السلبية المرتبطة به. وتختلف الوسائل من شرب مبيدات الحشرات السامة، للشنق أو إطلاق النار، إلى غيرها من الوسائل الشائعة والمبهمة.

النسب مقلقة فعلا، فهي من الاعلى، حتى وصل لبنان عام 2017 ان يشهد 3 حالات انتحار في يوم واحد، إذ وقعت ثلاث عمليّات انتحار بين أدونيس وبليدا وعمشيت، مع اختلاف الفئات العمرية. فمن الكهولة الى الطفولة لم يسلم أحد من هذا الوباء. بحسب الدراسات التي أجرتها جمعية “Embrace”، وهي شبكة دعم وتوعية في شأن الأمراض النفسية في لبنان، فإن هذه الأزمة تأخذ منحىً تصاعدياً وتزايدت هذا العام، ما استدعى إطلاق “Embrace LifeLine” الخط الساخن الأول للوقاية من الانتحار في لبنان. وهو عبارة عن خدمة هاتفية مخصصة ومتخصصة تضمّ مشغلو هاتف مدرّبين على مستوى عالمي، يؤمّنون تقييماً لخطر الانتحار والدعم العاطفي للمتصلين، مع إحالتهم إلى الموارد الاجتماعية المناسبة وبرامج العلاج.

تواصل “ليبانون ديبايت” مع احدى المختصات في الجمعية سما مغربل التي اكدت ان 90 % من الذين أقدموا على الانتحار يعانون من امراض نفسية، عصبية او عقلية، مشيرة الى ان الاقدام على هذا العمل، اي المحاولة هو بنسبة اعلى عند النساء، لكن الانتحار هو الاعلى نسبيا عند الرجال، كون الرجل يميل الى استعمال وسائل أعنف من تلك التي تلجأ اليها المرأة. وأوضحت انه وفقا لدراسة اجريت مؤخرا على الاطفال والمراهقين في لبنان تبيّن ان 19% من بينهم لديه ميول للانتحار ويفكر به.

الارقام المرتفعة هذه تدعو لدق ناقوس الخطر، خصوصا ان الانتحار في لبنان بات يحتل المرتبة الثانية لأهم أسباب الوفاة بين الشباب في الفئة العمرية بين 15 و29 عاماً. العديد من الاشخاص الذين فكروا بإنهاء حياتهم او وصلوا لدرجة من اليأس معينة اتصلوا على الخط الساخن الخاص بالجمعية وحصلوا على مساعدات كانوا بحاجة ماسة لها. فمجرد الحديث إلى أشخاص مختصين من خارج إطار المعارف الخاصة والعائلة هو امر يريح المتصل، خصوصاً ان “العلاج النفسي” لا يزال غير محبّذ بالنسبة للعقلية اللبنانية والمجتمع.

يرتبط اتخاذ مثل هذا القرار أولا واساسا بالصحة النفسية والجسدية، ويؤثر تراكم مشاكل في الظروف الاجتماعية، والاقتصادية، والعائلية، والعاطفية، لارتفاع المشاعر السلبية التي تصبح ثقيلة وتخنق، وتجعل الفرد غير قادر على التحمل، إذ تؤدي مشاعر اليأس، والحزن، والاكتئاب والجفاف العاطفيين للاستسلام.

ما يجب تسليط الضوء عليه، وعدم طرح اسئلة مثل “شو كان صاير عليه يعمل هيك؟” وتحليلات “يا حرام عليه ديون”، و”تركها صاحبها”، هو ان هناك العديد من الحالات المرضية غير المعروفة، وجهل عوارضها وتجاهلها بعدم المتابعة والمعالجة يؤدي الى تفاقمها، فعدم اكتشاف حالة مرضية نفسية كانت او عقلية او عصبية لا يلغي وجودها، لذا التوعية ضرورية في هذا الخصوص لتفادي استمرار تزايد نسب الانتحار سنة بعد سنة!

ليبانون ديبايت

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى