“كلمة سرّ” حوّلت ملايين الدولارت من مكاتب الصرافة إلى “داعش”

كشفت تحقيقات قضائية أنّ مئات آلاف الدولارات كان يتمّ تداولها نقداً، خارج النظام المصرفي اللبناني وخلافاً لقوانينه، بحيث تنتقل بين تجار وشركات صرافة في لبنان وسوريا وتركيا ودبي، من دون أيّ قيود أو إيصالات بالإستلام، إنّما بموجب كلمة سرّ تكون عبارة عن رقم هاتف أو لقب أو غير ذلك. وقد تراوحت المبالغ المتداولة في بعض العمليات بين المئة ألف دولار والمليون دولار أميركي، وكانت “الثقة” هي الضامن الأساسي لعملية التسلّم والتسليم.
تلك الوقائع كشفها القرار الإتهامي الذي أصدره قاضي التحقيق العسكري الأوّل رياض أبو غيدا، ذكر فيه أنّ معلومات توافرت لمديرية المخابرات في الجيش اللبناني بأنّ السوري “أحمد ر.” هو من عناصر “داعش”، ويقوم بتحويل الأموال نقداً إلى هذا التنظيم الإرهابي، بالتعاون مع أمير قطاع القلمون الغربي “أبو بلقيس العراقي”، والسوري عبدالقادر سويد الملقب بالشيخ “أبو الحسن”، وهو عضو بجمعية “البنيان المرصوص الخيرية” في عرسال.
وبالتحقيق معه، أدلى “أحمد” بأنّه يملك محلّين للألبسة، أحدهما في دمشق والثاني في بيروت قرب السفارة الكويتيّة، ومن بين زبائنه “علاء ن.” المقيم في عرسال، حيث كان يُرسل إليه أموالاً وبضائع مع سائق فان بين بيروت وعرسال، هو “خليل ع.” ومن ثمّ ينقلها “علاء” إلى سوريا بطريقة التهريب.

واعترف صاحب محل الألبسة أنّ إجمالي المبالغ التي أرسلها مع “خليل” هو بحدود المليون دولار بين عامي 2015 و2016، وأنّه كان يعلم أنّ هذه الأموال هي لصالح تنظيم “داعش” في القلمون، وأنّ الجمعية الخيرية ما هي إلّا مجرد غطاء لتلك الأعمال.
وأضاف إن “محمد ب.” و”عدي ر.” هما موظفان لديه في محل الألبسة وكان يرسلهما لاستلام مبالغ مالية بعدما يرسلها إليه “علاء” إلى مكتب لتحويل الأموال في السفارة الكويتية بعد إعطائهما “رمزاً” متفق عليه.
كما اعترف بإرسالهما إلى محل لبيع الأدوات المنزلية (1 دولار) بمحلّة شاتيلا واستلما منه 65 ألف دولار، وبتسليمه شخص لبناني من عرسال مبلغ 100 ألف دولار ومبالغ نقدية أخرى إلى بعض أصحاب محلات الألبسة، ليعود ويستلمها منهم في سوريا. وكشف عن تحويله أموالاً بواسطة مكاتب تحويل الأموال إلى نساء جورجيات يعملن في دمشق ببيع الثياب على “البسطات”، ومبالغ أخرى إلى سوريا وتركيا.
أمّا “خليل ع.” فاعترف بنقل مبالغ مالية من بيروت إلى عرسال بواسطة مخبأ سرّي في هيكل سيّارته، وأنّ قيمة الأموال كانت 5 آلاف دولار في كلّ مرّة. وجاءت إفادات بعض أصحاب مكاتب تحويل الأموال متشابهة لجهة تسليم الحوالات المالية المرسلة من الخارج إلى أصحابها بمجرد إبراز مستند شخصي، وأنّ قيمة الحوالات تصل في بعض الأحيان إلى مئتي ألف دولار أميركي. واعترف بعضهم باستخدام اسم شركة “OMT” كغطاء لعمليات تحويل الأموال إلى الرقّة وحلب.

وأكّد الكشف الفني على هواتف هؤلاء الأشخاص، وجود محادثات مشبوهة مع أشخاص ينتمون إلى “داعش”.
وفي خلاصة القرار الإتهامي، طلب القاضي أبو غيدا عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة لخمسة سوريين بتهمة “الإنتماء إلى تنظيمات إرهابية والتواصل مع عناصرها وتمويلهما بواسطة مكاتب صيرفة في لبنان، وأحالهم على المحاكمة أمام “العسكرية الدائمة”، ومنع المحاكمة عن آخرين وأعلن عدم إختصاص القضاء العسكري للنظر بجرائم العديد منهم.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى