“لا اعلم اذا كان ابني قد انتحر ام لا، لكن منذ عودته من سوريا لم يكن طبيعيا”

كتبت جريدة النهار اللبنانية : حمل بندقية صيد وخرج من منزله، من دون أن يعود. أيام وعائلته لا تعلم عنه شيئا، بلّغت القوى الامنية لتبدأ رحلة البحث عنه، الى ان عُثر عليه صباح اليوم جثة في جبل بلدته المنارة في البقاع الغربي. هو معن أبو غنيم، الشاب الذي ذاق ويلات العذاب في سجون سوريا بالتحديد فرع فلسطين، قبل أن يلفظ نفسه الأخير بطلق ناري فوق أذنه اليمين.

رحلة الى المجهول

يوم الاثنين الماضي كان اللقاء الأخير بين معن وعائلته، قبل ان يحمل البندقية ويتوجه الى المجهول. ليست المرة الأولى التي يغيب فيها ابن السابعة عشر ربيعاً عن بيته، فقد سبق وأن خرجَ مرات عدة واطال الغياب، لكن هذه المرة لم تكن كسابقاتها، فلن يعود من جديد الى أحضان اسرته التي عانت كثيراً من فقدانه، وذاقت مرّ انتظاره، ففي آب من العام الماضي اختفى معن، ناشد والده حينها الجميع، الأجهزة الأمنية والمعنيين والدولة وكل من يعرف عنه شيئا الابلاغ لكشف مصيره، مؤكدا ان ” ولدي لا يعاني من أي مشاكل صحية أو عقلية ولا ينتمي إلى أي من الأحزاب أو التنظيمات اللبنانية أو الإرهابية وليس لدينا أي مشاكل مع أحد”.

الصدفة مكّنت شاباً من معرفة مكان احتجاز معن في فرع فلسطين حيث سجن خمسة أشهر، بعد ان القيَ القبض عليه عند دخوله الاراضي السورية خلسة عن طريق عرنه في جبل الشيخ، فرحة عودته الى حضن عائلته لا يمكن وصفها حينها، ليتبيّن مع مرور الأيام مدى تدهور حالته النفسية.

نفسية” محطمة”

خبر العثور على جثة معن سقط كالصاعقة على عائلته، والدته المفجوعة بعد ان انهار املها بعودة ابنها سالما، تحدثت لـ”النهار” بصوت يعكس عمق آلآمها وقالت” لا اعلم اذا كان ابني قد انتحر ام لا، لكن منذ عودته من سوريا لم يكن طبيعيا، فقد اثّر السجن على نفسيته، وعانى كثيرا نتيجة ما تعرض له من تعذيب على ايدي النظام السوري، ما دفع بي الى اصطحابه لطبيب نفسي لعلاجه”، لكن ما لامسه معن على ايدي الجلادين حطّم نفسيته، لدرجة عجز فيها الاطباء عن ترميمها بشكل سريع، ولفتت الوالدة ” يوم خروجه الاخير من المنزل كان منزعجا غير مرتاح على الاطلاق”. اما شقيقته التي امتزجت كلماتها بالدموع فقالت ” ربما مات اخي عن طريق الخطأ، كأن يكون مستلقيا والبندقية الى جانبه، خرج منها طلقا من دون قصد”.

وفاة قبل ايام

القوى الامنية فتحت تحقيقا بالقضية في مخفر بيادر العدس، ولم تحسم بعد فيما ان كان قد انتحر او خرجت الطلقة بالخطأ الا ان ما هو اكيد بحسب مصدر في قوى الامن الداخلي لـ”النهار” انه ” مرّ على وفاته بحسب تقرير الطبيب الشرعي ما يزيد على 48 ساعة، وان الخرطوشة اطلقت من بندقية صيد عيار 11,5 ملم من مكان قريب، دخلت من فوق اذنه واستقرت في رأسه”. واضاف ” عثر على معن صباح اليوم بالقرب من معمل لفرز النفايات في البلدة، رغم ان عائلته قصدت المكان اثناء رحلة البحث عنه، لكنه لم يكن حينها هناك”.

أغمض معن عينيه الى الابد، بعدما كتب لمشواره القصير في الحياة ان يكون مترافقا مع التعذيب والألم!

أسرار شبارو – النهار

http://www.annahar.com

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى