لم يعد “كل شي فرنجي برنجي”.. اللبنانيون يقبلون على شراء المنتجات المحلية الصنع بعد جنون الدولار

كتبت زينة عبود في صحيفة “نداء الوطن”:

من قلب الانهيار الإقتصادي يخرج قطاع الصناعة في لبنان منتصراً أو على الأقل صامداً بخسائر محدودة جداً، وهو قطاعٌ يشكل أحد أهم ركائز تعويم الاقتصاد الوطني وضخّ الأموال في الأسواق. مع تراجع القدرة الشرائية المحلية نتيجة تحليق سعر صرف الدولار، ما عاد “كل شي فرنجي برنجي” إذ تحوّل اللبنانيون الى منتوجات “صُنعت في لبنان” وهي صناعات ذات جودة عالمية مكّنتها من حجز مكان لها في الأسواق الغربية منذ سنوات وحتى اليوم.

إذا كانت المصانع الكبرى في البلد قد ازدهرت مع انخفاض قيمة الرسوم والضرائب المفروضة على الصناعيين وتحسّن رواتب العمال عموماً كون المصدّر يقبض بالعملة الأجنبية، إلا أن أصحاب المؤسسات الصناعية الصغيرة ما زالوا يعانون بعض الصعوبات.

خليل عبود وهو صاحب معمل خياطة (صغير) يقول “صحيح ان الصناعة المحلية ازدهرت بعد انعدام قدرة التجار على استيراد الألبسة من الخارج وتكبّد كلفة السفر في ظل أزمة الدولار لكن بالنسبة الينا كصناعيين أصبحت عملية التسعير هاجساً لأن المبيع بالليرة اللبنانية وهو ما لا يؤمن ربحاً كما كانت الحال في السابق فالمصاريف عالية جداً مقارنة بالإنتاج لكننا نحاول الصمود ريثما تستقيم أمور البلاد”.

ويشير خليل الى ان نسبة الأرباح باتت محدودة وغير مشجعة بنحو دولار او اثنين للقطعة الواحدة بينما كانت تقدر سابقاً بنحو 7 دولارات للقطعة وهو انعكاس للتراجع الكبير في القدرة الشرائية لدى الزبائن، ناهيك عن المواد الأولية من أقمشة وخيوط كلّها مستوردة وكلفتها بالدولار، “والمشكلة اذا تعطّلت احدى ماكينات الخياطة، كلفة التصليح كما الصيانة هي الأخرى بالدولار.. حتى اللمبة بالدولار”.

أما واقع اليد العاملة فهو صعب جداً، اذ يروي خليل انه بعد مغادرة العمال الأجانب خلال الأشهر الماضية وضع إعلانات على مواقع التواصل الاجتماعي ومواقع التوظيف يطلب فيها عمال خياطة، ليفاجأ بأن اليد العاملة اللبنانية مفقودة تماماً في هذا المجال من الصناعة. ويقول “الحرفيون اللبنانيون الذين كانوا قبل عشرات السنين يعملون في مجال الخياطة كبروا بالسنّ أو تقاعدوا فيما الجيل الجديد يتّجه أكثر نحو الـ haute couture، وبالتالي فإن اليد العاملة المتوفّرة اليوم لا تملك المهارة الكافية وهو ما يعيق الإنتاج”، ويلفت الى ان إذا ما وُجد عامل ذو خبرة فهو لا يقبل براتب زهيد وهذا حقه نظراً الى الغلاء المعيشي لكن ذلك يزيد من الأعباء على المصانع الصغيرة “وهيي اساساً على صوص ونقطة”. ويختم خليل بالقول “الشغل كتير بس المردود قليل والدني فايتة ببعضها”.

إزدهارٌ حقيقي

واقعٌ صناعي آخر يرويه عماد خوري وهو صاحب معمل لتصنيع مواد التنظيف والمعقمات، ويشرح ان انتاج معمله ازدهر بشكل مضاعف وزادت مبيعاته مع ارتفاع الدولار وتراجع القدرة الشرائية لدى المواطنين الذين كانوا يلجأون الى الشامبو وسائل الاستحمام المستورد متجاهلين كلياً المنتجات المحلية فيما اليوم باتت المنتوجات اللبنانية أساسية في الاستهلاك المنزلي، مع العلم ان الأسعار تبقى متحركة مع السوق السوداء للدولار لكن مهما ارتفعت اسعار المنتجات المحلية تبقى أرخص بكثير من تلك الأجنبية المستوردة، يؤكد خوري ويضيف ان المنتجات المحلية الأكثر استهلاكاً في الفترة السابقة عندما كانت كورونا في ذروتها، كانت المعقمات من دون منازع بحيث ازداد مبيعها ثلاثة أضعاف “وما عدنا نلحّق” لكنه تراجع في الأشهر الأخيرة لتتصدّر المبيعات مواد التنظيف المنزلية والشامبو وسائل الاستحمام.

للتكملة اضغط هنا

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى